د.علي آل مداوي
لا شك أن زيارة سمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله إلى جمهورية فرنسا ولقائه فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، وترؤس سموه وفد المملكة المشارك في قمة «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد» الذي لفتت عدسات الكاميرا الإعلام الدولي إلى حضور سموه، ومشاركة سموه «حفل استقبال المملكة الرسمي لترشح الرياض لاستضافة إكسبو 2030»، قد حققت نجاحاً باهراً وبامتياز.
دبلوماسية المملكة وما حققته من نجاحات بقيادة سموه وفق نضج سياسي وخطى ثابتة وراسخة وسياسة متوازنة تؤكد أن سياسة المملكة خارجياً تحقق نجاحاً باهراً بامتياز يؤكد تألق دبلوماسيتها، وعلى الصعيد الداخلي تشهد المملكة قفزات من النجاحات على كافة الأصعدة التي انعكست على رخاء ورفاهية المواطن السعودي، وسنتحدث عن أبرز أحداث الزيارة التي تناولتها كل وسائل الإعلام الدولية بشكل لافت، واحتلت محطاتها حيّزاً بارزاً في الإعلامين الإقليمي والدولي، واتسمت التحليلات بشكل عام بالإيجابية مركزة على أهمية السعودية كفاعل إقليمي ودولي وهي كالتالي:
العلاقات الثنائية
تتسم العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية بأنها علاقات متينة ومتميزة، وتأتي زيارة سموه إلى باريس لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وتأتي زيارة سموه الرسمية التي استغرقت ثمانية أيام، وختمت باجتماع ثنائي مغلق مع فخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تناولا خلاله مسائل ثنائية، التي تكتسب فيها العلاقات أهمية خاصة في ظل تسارع التغيرات الدولية والإقليمية وتنسيق المواقف بين الرياض وباريس.
مسائل إقليمية ودولية
كما تناول سموه وفخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أهم الأحدث الدولية والإقليمية، وتطرق الاجتماع أيضاً إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا على الصعيدين الإقليمي والدولي، وانعكاسات المصالحة مع إيران، ومسائل الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ومناقشة الشأنين اللبناني والسوداني ووضع الحلول المناسبة لهما.
قمة «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد»
رأس سموه وفد المملكة المُشارك في قمة «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد» التي عقدت في باريس، والتي ركزت فيها كل وسائل الإعلامين الإقليمي والدولي إلى مشاركة سموه في هذه القمة الهامة والتي استمرت أعمالها خلال يومي 22 - 23 يونيو مناقشة بناء توافق جديد لنظام مالي عالمي جديد أكثر استجابة وإنصافاً وشمولية لمكافحة عدم المساواة، ومكافحة الفقر، وقضايا التغير المناخي، وحماية التنوع البيولوجي، والاتفاق كذلك على أفضل السبل لمواجهة التحديات في البلدان تحت خط الفقر والناشئة في الدول النامية.
حفل ترشُّح الرياض لاستضافة إكسبو 2030
زار سموه مقر حفل ترشيح الرياض لاستضافة إكسبو 2030 في باريس، وقد تم التقاط عدسات الكاميرا مشهداً لتزاحم الحضور لالتقاط صورة سيلفي مع سموه خلال تشريفه حفل استقبال المملكة الرسمي لترشح الرياض لاستضافة إكسبو 2030، ويظهر في المقطع المرئي وترحيب سموه والابتسامة لم تفارق وجهه بكل تواضع ودون تكلف بالحضور.
إذ يأتي تدشين حفل الترشح ضمن إجراءات الترشيح لاستضافة معرض الرياض إكسبو 2030، والذي يهدف إلى التعريف بجاهزية العاصمة وتنفيذ خططها المرسومة مسبقاً وكافة مشاريعها الجبارة لجهوزية المملكة في استضافة المعرض، وذلك تمهيداً للتصويت لاختيار المدينة المستضيفة للحدث في اجتماع الجمعية العمومية التالي الذي سوف يعقد في شهر نوفمبر 2023م.
جهوزية واستعداد المملكة في استضافة إكسبو 2030
لا شك أن الموعد المقترح للرياض إكسبو، هو الأول من أكتوبر 2030، وحتى نهاية مارس 2031، وهي تلك الفترة الزمانية التي سوف تتزامن، مع شهر رمضان المبارك، وفترة عيد الميلاد، ورأس السنة الصينية، إضافة إلى الذكرى المئوية لتأسيس المكتب الدولي للمعارض، الذي يُشرفُ على معارض الإكسبو.
تقدم المملكة العربية السعودية بملف إكسبو 2030، يأتي وسط رغبة حقيقية، بدعوة العالم، وذلك للمشاركة في صنع المستقبل، من خلالِ 41 مليون زيارة فعلية تستهدف الموقع، وأكثر من مليار زيارة، من خلال مِنصة ميتافيرس، الفريدة من نوعِها.
وقد تم إطلاق «الرياض الخضراء» لتطوير المساحات الزراعية الخضراء على مستوى مدينة الرياض وكافة مدن المملكة، وتعزيز جودة الحياة والرفاهية والمساهمة في تحقيق أهداف الاستدامة، بالإضافة إلى وضع مستوى عالٍ من الأمان ومعدل جريمة منخفض للغاية، وكذلك خبرة واسعة في تقديم الفعاليات الكبرى.
الموقع بالرياض لاستضافة إكسبو 2030
الموقع متميز بالعاصمة الرياض وذلك على مساحة 6 ملايين متر مربع، وعلى بعد خمس دقائق تقريباً، من مطار الملك خالد الدولي، الذي سيقام إكسبو الرياض2030. وتصميم حديث كذلك سيكون بمثابة مدينة المستقبل.
تنظيم نوعي للحدث الذي تطرحه مدينة الرياض للحصول على استضافة معرض «إكسبو 2030»، لا سيما بأن المملكة تسعى إلى ترقية تصنيفها بين أكثر المدن ملاءمة للعيش في العالم بالشكل الحديث. ومن ضمن خطط المملكة في تسهيل المواصلات للزوار تعمل المملكة على تطوير 6 خطوط مترو تغطي مدينة الرياض وترتبط بموقع إكسبو والمطار، بالإضافة إلى سعيها العمل على رفع الطاقة الاستيعابية لمطار الملك سلمان الدولي إلى 150 مليون مسافر بحلول 2030.
وأيضاً من أحد العوامل الداعمة للمدينة، تأسيس طيران الرياض لربط 100 وجهة حول العالم بحلول 2030، وإطلاق 68 مبادرة باستثمارات 92 مليار دولار لجعل الرياض واحدة من أكثر المدن استدامة في العالم.
لقاء سموه مع قناة ديسكفري
لاشك أن لقاء سموه مع القناة كشف للعالم بأسره كيف أن سموه يخطط لبناء مستقبل أفضل وستصبح المملكة نموذجاً يحتذى به وكيف أن إدارة سموه وفق رؤيته الثاقبة واتخاذ نهج جديد سياسة التطوير والتنمية الاقتصادية، كما رسم سموه نموذج نجاح لبناء عالم أفضل، وقد صرح سموه أن المملكة العربية السعودية تريد بناء حضارة جديدة للمستقبل، وأن تكون نموذجاً تحذو الدول الأخرى حذوها في فعل مثل ذلك، ليصبح كوكب الأرض أفضل، وذلك خلال حديثه عن مشروع «نيوم» ومدينة «ذا لاين».
وعرضت قناة «ديسكفري» العالمية، مقطعاً وثائقياً عن مدينة المستقبل «ذا لاين» في «نيوم»، وتَضَمّن المقطع الوثائقي لقاءً مع سموه ليكشف أبرز تفاصيل المشروع للمدينة، الذي يُعد من أكبر المشاريع في القرن الحادي والعشرين. وظهر سموه وهو يتحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة حيث استطاع سرد أفكار بطريقة سلسة ومبهرة دون الحاجة إلى أوراق للقراءة منها، مجيباً على كل التساؤلات حول ماهي أسباب بناء المدينة، وفلسفتها، وتصميمها المبهر الاستثنائي، والمنتظر منها.
أسباب تأسيس «ذا لاين»
وأوضح سموه عن أسباب تأسيس مدينة ذا لاين إذ قال: «سيقفز عدد سكان السعودية الحالي من 33 مليوناً إلى ما بين 50 إلى 55 مليون نسمة مع حلول 2030، مما يعني أننا بحلول 2030 سنصل إلى السعة الكاملة للبنية التحتية في السعودية، وبذلك يضعنا أمام تحدٍّ في غاية الأهمية، وهو أننا بحاجة إلى بناء مدينة جديدة.
وأعرب سموه عن قدرة المملكة بإنجاز كافة مشاريعها: «يقولون عن كثير من المشاريع التي تحدث في السعودية إنها غير ممكنة، وإنها طموح مفرط، وسيستمرون في قول ذلك، وسنستمر في إثبات خطئهم». وذكر سموه بأن «نيوم»، مشروع يجني المال، ويستوعب الطلب المتوقع في المملكة العربية السعودية، كما أنه مشروع يخلق طريقة جديدة في بناء المدن، وطريقة جديدة للعيش والحياة.
وأوضح سموه قائلًا: «عندما تخرج من مكتبك في ميامي تجد نفسك وكأنك في عطلة، تجد نفسك على الفور إلى جوار الترفيه، والثقافة، والرياضة، والمحلات؛ ولذلك فإن كل يوم في نيوم سيُشعرك بالحماس للذهاب إلى العمل والاستمتاع؛ لذلك نحن ننافس ميامي في هذا المجال».
ابتكار حضارة حديثة
وعبّر سموه عن طموح المملكة وفق رؤية 2030 في ابتكار حضارة حديثة للغد، وأن تكون نموذجاً يحتذى به ودفع الدول الأخرى على الاستمرار وتشجيعها في فعل المثل وذلك بهدف أن يصبح كوكب الأرض أفضل. اليوم تتوج المملكة جهودها بقيادة سموه لاحتضان معرض إكسبو 2030 في حفل استقبال المملكة الرسمي لترشح الرياض لاستضافة إكسبو 2030، ضمن زيارته الحالية للعاصمة الفرنسية باريس.
فرنسا تعطي صوتها للرياض لاستضافة إكسبو2030
ومن ثمرات زيارة سموه لباريس بأن فرنسا تعهدت بدعم طلب السعودية لاستضافة إكسبو 2030 وقد تم إعلان الرئاسة الفرنسية دعمها ترشّح السعودية لاستضافة إكسبو 2030 وهي من أحد المكاسب المهمة لزيارة سموه.
ولا شك أن دعم فرنسا للمملكة يحمل في طياته دعماً أعم وأشمل لما تمتلكه جمهورية فرنسا من علاقات دبلوماسية وقدرة على طلب أصوات بعض الدول الحليفة لباريس، لدعم المملكة في استضافة إكسبو 2030.
اتفاقية باريس للمناخ
تبذل المملكة جهداً كبيراً لإنجاح ملف اتفاقية باريس للمناخ وتبنيها للاقتصاد الدائري الكربوني، الذي يساعد على مواجهة التغيرات المناخية، إن هذا يؤكد توافق الأهداف الفرنسية مع مبادرات المملكة وعملها المشترك للتصدي للتغير المناخي وتوافق المملكة مع فرنسا في هذا الشأن.
على الصعيد الداخلي
ما تشهده المملكة من قفزات تنموية واقتصادية ومجتمعية كبرى منسجمة مع هدفها الإستراتيجي بأن تكون المملكة مركزاً عالمياً على الصعيدين الإقليمي والدولي، قد انعكس ذلك إيجابياً على رفاهية وجودة الحياة للمواطن السعودي الذي يفتخر بإنجازات وطنه المملكة العلربية السعودية وما حققته وفقاً لرؤية المملكة 2030م التي تشهد تطوراً غير مسبوق ومتسارع في إنجازاتها التنموية بالمملكة العربية السعودية على كافة الأصعدة. ولا شك أن زيارة سموه إلى فرنسا أنها زيارة ناجحة بامتياز حققت أهدافها بتعزيز العلاقات الثنائية بين الرياض وباريس، ومناقشة مسائل إقليمية ودولية مع جمهورية فرنسا، ومشاركة سموه اللافتة في القمة التي أخذت بعداً إعلامياً دولياً كبيراً «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد» ، وكذلك مشاركة سمو ولي العهد في حفل الاستقبال الرسمي، وحجم الدعم الدبلوماسي الذي سيقدمه لملف الاستضافة، فوجود سموه كان له تأثيرٌ مباشر في دعم المملكة لاستضافة إكسبو 2030م.
ختاماً تدرك جمهورية فرنسا ثقل المملكة العربية السعودية ومكانتها السياسية إقليمياً ودولياً، ودورها الريادي في المنطقة والعالم، فحضور سموه كان له تأثير مباشر في تعزيز العلاقات مع باريس، فالمملكة تتطلع إلى علاقات متنوعة ومنفتحة على دول العالم، وأن رؤية 2030، لديها تولي العلاقات الخارجية أهمية كبيرة، وتظهر مدى ما تتميز به المملكة في هذا الشأن، ولقاء سموه في قناة تلفزيونية «ديسكافري» أثبت للعالم بأسرة كيف أن طموحات المملكة تتحقق وفق رؤيتها 2030 التي ستنعكس إيجابياً على رفاهية وجودة حياة للمواطن السعودي الذي يعد ثروة الوطن الحقيقية.