سلمان بن محمد العُمري
من الطبيعي أن تختلف معايير ومواصفات وحدود خط الفقر وحدود الكفاية بين بلدان العالم، وذلك حسب مستوى المعيشة، ومتوسط الدخل في الدولة والمؤثرات الأساسية الأخرى التي تحكم هذه النسبة وتكون هي المعيار والمقياس في هذا الأمر، ويأتي في مقدمة ذلك الدخل المادي وأنواع المنازل والتعليم، ومن المؤكد أن النسب المالية تتفاوت من بلد لآخر، ولكن خط الفقر المعتبر رسمياً لدى المنظمات الدولية وسائر الدول بأن خط الفقر هو «مستوى الدخل الذي لا يستطيع الفرد أو الأسرة المعيشة بأقل منه، أو مواجهة ضرورة الحياة بانتظام عند دخل دونه».
وأما تحديده فيمكن القول إن الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للإنسان من الطعام والملابس والمسكن والمواصلات، وكما أن النسب والمستويات متباينة في تحديد هذا الخط من بلد إلى بلد بحسب ظروف المعيشة فهناك من يسمي الحد الأدنى بخط الفقر، وهناك من يسميه تلطفاً بحد الكفاية أو خط الكفاية.
وقد بحثت في موقع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والجهات التابعة لها عن دراسات وبحوث تتعلق بهذا الموضوع في المملكة العربية السعودية ولم أجد للأسف أي دراسات أو إحصاءات، ولا أعلم إذا ما كانت الوزارة مع الجهات ذات العلاقة قد قامت بهذه الدراسة أم لا، وقد يقول قائل إن مصطلح خط الفقر قد لا يكون استخدامه ملائماً في المملكة العربية السعودية، حيث إن الفقر الشديد ربما لا يناسب وإمكانات المملكة لما تتمتع به من اقتصاد قوي، ولكن هذا غير صحيح فالفقر ظاهرة في كل المجتمعات وحتى المتقدمة منها والمتخلفة، وإن كانت نسبة الفقر تتفاوت من دولة إلى أخرى حسب ظروف كل دولة، ولكن هناك معايير دولية تعمل بها بعض الدول وتعلنها رسميًّا في وضع خط ومؤشر للكفاية أو للفقر ويكون هو الحد الفاصل بين الفقير وغيره، ومن ثم يترتب على ذلك أمور مهمة ومنها تقديم المساعدات المالية والاجتماعية ورفع العوز عنهم، ووضع حد أدنى لأجور العاملين والرعاية الصحية والاجتماعية للفقراء كافة ولكبار السن خاصة.
إننا ولله الحمد ننعم بخيرات كثيرة ونسبة عالية جدًّا تعيش في بلادنا فوق خط الكفاية الذي يمكن الأسرة من العيش في حياة كريمة أو على الأقل حياة مستورة، غير محتاجة لأية مساعدات، ولكن هذا لا يلغي أن لدينا أسرًا أخرى تعاني من الفقر أو قرابة خط الفقر لغلاء المعيشة وقلة الموارد أو ضعفها وعدم استطاعتها مواكبة الحياة ومتطلباتها وما تواجهه من ظروف اقتصادية أو اجتماعية.
وكم من أناس يعيشون على الستر والعفاف وهم دون خط الكفاية ولا يستجدون المساعدة من أحد تعففاً وكرامة رغم احتياجهم لحساسية الأمر بالنسبة لهم اجتماعياً وسط أقاربهم ومعارفهم، وهناك أناس آخرون في الحد الأدنى من الفقر وخاصة من يكون عائلهم بلا راتب ولا دخل أو راتبه ضئيل جدًّا ولا يحقق متطلبات المنزل والأسرة.
والمقاييس والمعايير كما تختلف من بلد إلى بلد فهي تختلف عبر السنوات وتقادمها فنسب الكفاية ومستويات خط الفقر قبل خمسة أعوام لن تكون بكل تأكيد مثل نسبة هذا العام أو الذي يليه، ولذا فعلى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وغيرها من القطاعات المختصة أن تعد دراسة دورية على الأقل كل عام إن لم يكن كل ستة أشهر لدراسة مستوى المعيشة وتحديد خط الكفاية وحدودها، وخط الفقر وتعديل الأنظمة التي تتبع ذلك سواء في نظام الضمان الاجتماعي أوفي تحديد الأدنى من الأجور، وإجراء مسح شامل في كل عام يشمل المدن والقرى وصياغة الأنظمة وتعديلها دوريًّا حسب المؤشر لأن خط الفقر آخذ في التصاعد ويعالجها كثير من الناس بالقروض التي تهد قواهم وتستنزف مداخيلهم سنوات طوالًا، والبعض لم يستطع الوفاء والسداد وترتب على ذلك إيقاف الخدمات، ورهن ممتلكاتهم أو التوقيف، كما أن تحديد المقاييس والمعايير لهذا الأمر سيساعد الجمعيات الخيرية في تعديل مخصصاتها وفقًا للنسب والإحصاءات الرسمية والاحتياجات الفعلية، والله من وراء القصد.