الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
قدم خبير في العمل الخيري رؤية يمكن من خلالها أن تستغني الجمعيات الأهلية عن تسويق مشاريعها ومبادراتها، وأن يقتصر دورها في تنفيذ المشاريع والمبادرات المجتمعية وتوفير فرص عمل لأبناء الوطن، خاصة أن لدينا -ولله الحمد- جهات فاعلة كثيرة تحتاج فقط لخارطة طريق واضحة، وبناء شراكات استراتيجية تحقق مصلحة المجتمع بعيداً عن الرغبات الخاصة.
وقال الشيخ أديب بن محمد المحيذيف المدير التنفيذي لجمعية التمور للخدمات الإنسانية في رؤيته المقترحة لاستدامة القطاع غير الربحي، وحصلت «الجزيرة» على نسخة منها، قال: إنني أقدم هذا المقترح للوصول إلى رؤية عامة للمنح بالمملكة العربية السعودية تتشارك فيها الجهات الفاعلة كافة في القطاع غير الربحي، ذاكراً عدداً من الدعائم التي ستساهم في تحقيق أهداف المقترح، ومنها: زيادة تصنيف المشاريع في منصة إحسان وصندوق دعم الجمعيات ليشمل التصنيفات الرئيسة كافة لدى المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي حسب سياسة كل منصة وتعيين مسؤول اتصال لكل تصنيف، والسعي لتخصص المؤسسات الأهلية في مجالات محددة حسب حاجة المجتمع وبعيداً عن الرغبات الخاصة، بحيث تسعي هذه المؤسسات الأهلية لقيادة القطاع المجتمعي التي تخصصت فيه وتطويره بالتعاون مع مجالس الجمعيات التخصصية والجمعيات الأهلية، مع التوسع في تأسيس مجالس الجمعيات الأهلية التخصصية لتشكل المجالات المجتمعية كافة حسب تصنيف المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، بحيث تكون مجالس الجمعيات الأهلية بالمناطق مجالس تخصصية لجمعيات البر بكل منطقة، ويضاف لها الجمعيات التي ليس لها مجلس تخصصي، بالإضافة إلى مهامها الأخرى، وتفعيل الدراسات والأبحاث المتعلقة باستكشاف المشكلات المجتمعية الحالية والمستقبلية لكل مجلس جمعيات تخصصي، وابتكار مبادرات وحلول لها.
واسترسل أديب المحيذيف قائلاً: إنه يمكن تطوير قطاع المنح بالمملكة العربية السعودية بأن تقوم الجمعيات الأهلية بإعداد برامجها التنموية ومشاريعها والموازنات المالية لهذه البرامج والأنشطة، بالإضافة إلى الموازنات التشغيلية قبل بداية العام المالية بفترة كافية وعرضها على المجلس التخصصي التابعة له، مع تكوين لجان المنح والدعم لكل مجلس تخصصي تتكون كل لجنة من ممثل المجلس التخصصي وممثل المؤسسات المانحة التي لها علاقة بالتخصص وممثل من منصة إحسان وممثل من صندوق دعم الجمعيات، وكل لجنة تناقش برامج ومشاريع الجمعيات الأهلية وموازنات المشاريع والتشغيل وتراجع الجهات المانحة لجانها الخاصة بالمنح حول هذه المشاريع والبرامج، ثم تعد خطة عمل واضحة للبرامج والمشاريع المدعومة ومستوى الدعم ومصادر التمويل، مشيراً إلى أنه في حال بقيت مشاريع لدى الجمعيات الأهلية لم تكن ضمن خطة الدعم، فلها أن تبحث عن مصادر تمويل حسب قدراتها، لكنها الآن تعرف مستوى الدعم المضمون ويكون عندها قدرة على احتساب مصاريفها التشغيلية بالشكل المناسب، وتعزيز الشراكات بين المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي والهيئة العامة للأوقاف وهيئة سوق المال والشركات المالية لتأسيس قنوات استثمارية تنمي الفوائض المالية لدى الجمعيات الأهلية، وكذلك تعزيز الشراكات بين المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي مع الشركات التجارية للدخول في استثمارات اجتماعية مع الجمعيات الأهلية، بدلاً من مطالبة الجمعيات الأهلية لتأسيس شركات تجارية مملوكة لها وهي غير قادرة في الغالب على إدارتها بشكل كفء، وبالتالي تكون الجمعيات الأهلية قادرة على تحديد برامجها التنموية والمجتمعية وتركز على تنفيذها على الوجه الذي يخدم المجتمع وترفع تقاريرها للجان المنح والدعم، وتضمن بنسبة مقبولة استدامة أعمالها.
وكشف المحيذيف في رؤيته بعض التحديات التي تواجه الجمعيات الخيرية، ولا تزال تتطلب البحث والمعالجة لتلك المشكلات التي تعيق سير الأعمال في القطاع غير الربحي، ومنها: أن الجمعيات الأهلية لم تستطع الوصول إلى استدامة أعمالها بنسبة مرضية، كما أن غالبيتها لا تستطيع بناء موازنة تشغيلية واضحة لأن التمويل غير مضمون، وبالتالي تقع في مشاكل مالية وعدم قدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وهذا سبب رئيس في عدم رغبة الكوادر ذات التأهيل العالي في العمل لدى الجمعيات الأهلية، وقد تضطر الجمعيات لدفع مبالغ طائلة لشركات تسويق لغرض الحصول على تمويل الأفراد لمشاريعها ومبادراتها، مما أدى إلى وقوع هذه الجمعيات في مشاكل مالية وقانونية ونظامية، وربما قد تقع بعض الجمعيات في طائلة العقوبات بعد اعتماد اللائحة التنفيذية لجمع التبرعات من المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، والتي تحتاج لفريق خبير يستطيع تنفيذ اللائحة وتحقيق نتائج مالية مفيدة وهذا ما تفتقده أغلب الجمعيات الأهلية، وعدم وضوح الرؤية بداية كل سنة مالية للجمعيات الأهلية عن مستوى التمويل الذي من الممكن أن تحصل عليه، لذا تجدها لا تنفذ إلا نسبة محدودة من المشاريع المقرة في الخطة التشغيلية والاكتفاء بالمشاريع التي (تيسر) دعمها من قبل المانحين، وكذلك التذبذب في الأعمال بين الجمعيات الأهلية، فتجد جمعية تبرز في سنة ثم تخفق في سنة أخرى ويعود هذا لعدم استدامة التمويل لمشاريعها، مع توجه الجمعيات لبناء مشاريعها حسب رغبة المانحين وليس حاجة المستفيدين، وربما تضطر بعض الجمعيات الأهلية لبيع خدماتها لتغطية نفقاتها التشغيلية مع عدم وجود مؤهلين يعملون في الجمعيات الأهلية قادرين على ممارسة هذا النوع من النشاط.