رمضان جريدي العنزي
عثرات الإنسان كثيرة مختلفة ومتنوعة، لكن أخطرها عثرة اللسان، وقد تكون سمية وقاتلة، بل قد تكون أشد فتكاً من السيف والرصاص والسنان، أن جراح السيف والرصاص والسنان قد تندمل وتتشافى مع مرور الوقت، لكن جراح اللسان إذا كان فاحشا وبذيئا ونتنا لن تندمل بالسهولة المطلقة، إن اللسان قد يطلق كلمة صغيرة تسبب للآخرين كثيراً من الأوجاع والأتعاب والأسقام، وعليه يجب على الإنسان أن يعي ما يقول قبل أن ينطق ويسترسل بالكلام، قد يستهان بالكلام لكن بعضه جارح وطاعن، إن اللبيب الحصيف يحفظ لسانه من الوقوع والسقوط في أوحال الكلام البذيء، ويتوق للتكامل الخلقي واللفظي، إننا في زمن كثر فيه اللغط والتمادي في الخطأ، وقل فيه الاحترام والرزانه والحلم والحصافة والرشاد، وهنا يكمن الخطب والضرر والمصيبة، إن المنطق السديد يتحتم على الإنسان أن يكون حكيماً فطناً، مدركاً وواعياً، صاحب حكمة وبلاغة، وكلها عوامل نجاح فائق، وارتقاء حضاري سليم، تحفظ للإنسان احترامه بين الناس، إن الذين يملكون الألسنة البذيئة يتمادون بالكذب والفك والتضليل والبهتان، يقلبون الحقائق، يجعلون الأسود أبيض، والأبيض أسود، وهذه الأفعال المشينة يرفضها الدين، وتمجها الأعراف الاجتماعية النبيلة، ويلفظها المنطق، إن اللسان البذيء غير المنضبط الذي يتسرع في الحكم والاتهام، الذي يروع الأبرياء، ويصيب الخيرين بالوجع، دون مسوغ، مبعثه فقط الشك والظن والتخمين، والغيبة النكراء، والبهتان المبين، ورميهم بما لا يعملوا، وبهتانهم بما لا يفعلوا، عاقبته وخيمة، وآثاره أليمة في الدنيا والآخرة، إن اللسان القويم العفيف النظيف الصادق الأمين من ثوابت القيم العربية، إذ به يبقى المجتمع نظيفا وهادئا ويعمه الهدوء والسلام، قال تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}، وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش)، اللهم احفظ ألسنتنا عن الغيبة والنميمة وقول ما لا يرضيك، وأحفظها عن العالمين، واجعل كتابنا في عليين.