علي الخزيم
- عرفة المشعر الوحيد الواقع خارج الحرم؛ شرقي مكة المكرمة بينها وبين الطائف، وهو سهل منبسط به جبل عرفات جبل الرحمة، ويحيطها قوس من الجبال ووتره وادي عُرنة، وبالبقعة الطاهرة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.
- وفي يوم الحج الأكبر يوم عرفة تتجلى عظمة الخالق سبحانه بأن هدى هذه الجموع الغفيرة لطاعته وجمعهم بهذا الموقف المُهيب العظيم، يُباهي جل شأنه بهم عند ملائكته الاطهار وعند خلقه، هو عنده عَزَّ شأنه أعظم يوم بالسنة، وتعددت الاقوال والروايات حول سبب تسميته.
- ومن لطائف الامام الشيخ محمد بن صالح العثيمين غفر الله له قوله عند الحديث في تفسير قوله تعالى بالآية 198 البقرة {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}: والتعبير بأفضتم يصور لك هذا المشهد العظيم وكأن الناس أودية تندفع، وهو كذلك إلى الآن، وأصل الإفاضة الاندفاع ومنه إفاضة الماء والإفاضة بالحديث (الكلام) والاستمرار فيه.
- وعن سبب التسمية أشار رحمه الله إلى ما ورد من أن جبريل عليه السلام لمَّا علَّم آدم المناسك ووصل إلى هذا قال: عرفت؟ فأجاب: عرفت؛ وقيل: لأنها مرتفعة على غيرها والشيء المرتفع يسمى عرفا ومنه أهل الأعراف {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ}.
- ومن لطائف علماء السلف حول كون عرفة خارج الحرم ما نُقِل عن سفيان الثوري: الكعبة بيت الله والحرم حجابه والموقف بابه؛ فلمَّا قصدوه أوقفهم بالباب يتضرَّعون، فلمَّا أذِن لهم بالدخول أدناهم من الباب الثاني وهو المزدلفة، فلمَّا نظر إلى كثرة تضرُّعهم وطول اجتهادهم رحِمَهم، فلمَّا رحمهم أمرهم بتقريب قربانهم، فلمَّا قرَّبوا قربانهم وقضوا تَفَثَهم وتطَّهروا من الذنوب أمَرَهم بالزيارة لبيته.
- ومن عجائب تخريجاته رضي الله عنه حول كراهية الصوم أيام التشريق؛ قال: لأنهم بضيافة الله ولا يجب على الضَّيف أن يصوم عند مَنْ أضافه، وعمَّن يتعلَّقون بأستار الكعبة وهي خِرَق لا تنفع شيئاً؟ قال: ذلك مَثَلُ رجل بينه وبين آخر جرم؛ فهو يتعلق به ويطوف حوله رجاء أن يَهب له جُرْمَه).
- وسئل بعض العلماء عن ماء زمزم لماذا لم يكن عذباً جداً؟ وجاءت الإجابة: ليكونَ شربُهُ تعبدًا لا تلُذُذًا، كما سئل أحدهم: لماذا لم تكن مكة بلاد زرع؟ قال: ليكون السفر إليها طاعة وعبادة لا نزهة وترفهًا!
- ويجدر التنويه عمَّا تبذله القيادة السعودية منذ تأسيس المملكة على يد الملك الموحد جلالة الملك عيد العزيز وابناؤه الملوك والحكومة السعودية من جهود غاية بالكفاءة والشمولية والاتقان بالعمارة والهندسة بمجال توسعة وتطوير المشاعر المقدسة وتوفير جميع الخدمات لضيوف الرحمن.
- وكمثال مختصر لتجدد واستمرارية التحديث والتطوير بالمشاعر فقد تم مؤخراً إطلاق مشروع تطوير وتحسين المناطق المجاورة لجبل الرحمة ومعالجة التشوه البصري بالمشاعر المقدسة سعياً للارتقاء بالخدمات والمرافق لتجويد الخدمة المقدمة لمرتادي المنطقة المحيطة بجبل الرحمة طوال العام بشكل يتواكب مع متطلبات العصر.