إيمان حمود الشمري
على متن طائرة من طراز (Airbus 320 neo) كنا برحلة لأرمينيا بدعوة إعلامية بالتنسيق بين طيران ناس ووزارة السياحية الأرمينية، حيث تم اختيارنا كإعلام حقيقي يعرف كيف ينقل الحدث ويعكس صورة البلد بوعي ونضج، رافقنا موظفو ناس طوال الرحلة للاهتمام بكل تفاصيلنا.
منذ لحظة هبوط الطائرة في مطار يريفان الذي يُدعى بالأرمنية (زفارت نورت) أي الملاك المسرور تم استقبالنا على طريقة (Water salute) وهو ما يعرف ببروتوكول رش الطائرة بالماء كنوع من الترحيب للرحلة الأولى.
جدول مزدحم بالزيارات لبلد ثري بالثقافة والطبيعة الخلابة والمطاعم ذات المذاق الشهي.. أقمنا بالعاصمة يريفان التي يطلق عليها المدينة الوردية بسبب مبانيها التي يطغى عليها هذا اللون، لوهلة تشعر أن المهندس الأرمني (ألكسندر تمانيان) لم يخططها وإنما رسمها بريشة العراقة والنمط الكلاسيكي، أعطى لمظهرها طابعاً بالرقي والفخامة، تنشر الحدائق والنوافير الصناعية بكل أنحائها بسبب المناخ الجاف كي ترطب الجو، أشهرها حديقة تحمل شهادة ميلاد يريفان وذكرى تأسيسها، حيث تحوي 2800 نافورة بعمرسنوات إنشائها، وتكبرها يريفان حالياً بخمس سنوات.
أرمينيا.. بلد يعتنق المسيحية، لذا ستجد الكاتدرائيات منتشرة في مقاطعاتها، زرنا أشهرها (دير كيغارت) أو الرمح، تم إدراجها كموقع للتراث العالمي لليونسكو، وعلى عكس الكنائس التي زرتها سابقاً في أوروبا، وجدت أيقونات الكنائس الأرمنية عبارة عن صور وليست تماثيل، ولايوجد أي بهرجة بالبناء لأنهم يعتبرونها دار عبادة يجب أن يطغى عليها الزهد.
احتوى جدول الرحلة أيضاً على جولة في ساحة الجمهورية زرنا خلالها المتحف الوطني، وانتقلنا بعدها لنصب الأم أرمينيا الذي يجسد أنثى كتمثال تذكاري في حديقة النصر يدعى (ماير هاياستان) تم وضعه مكان تمثال ستالين يوم استقلال أرمينيا، تنتشر بساحته بقايا معدات حربية من الحرب العالمية الثانية، يقابلها منظر يسلب الألباب لجبل أرارات وكأنه طفل ملائكي غافٍ تحمله الغيوم.
من معبد الشمس (غارني) الذي يحوي 24 عاموداً بعدد ساعات اليوم، إلى سيمفونية الحجارة، إلى دير خور فيراب (الحفرة العميقة) الذي سجن فيها القديس (غريغوري المنور) 13 عاماً تحت الأرض، مروراً بمصنع الزل (ماجاريان) الذي تأسس عام 1917، كانت رحلتنا التي كنا نلهث فيها مع الوقت بسباق غير متكافئ، حيث اضطررنا لإلغاء بعض محطات الزيارات لأن الوقت داهمنا، وهذا البلد العريق يستحق زيارة أطول.
ودعنا أرمينيا على أمل اللقاء بها مرة أخرى، محملين بالذكريات وقصص الأبطال التاريخية على مر العصور في مختلف القرون، والهدايا التذكارية للمعالم التي زرناها.
لا زال طعم خبز (اللافاش) الذي تشتهر به والجبن المدفون (هودار بانير) والفواكه المجففة في فمي، يذكرني بأن مذاق هذا البلد يستحق التكرار مرة أخرى.