عبده الأسمري
ما بين أوصاف «القدوة» ووصائف «الاقتداء» صنع «وصوف» الاحتذاء وظل «الاسم» الموصوف لصفة «النبل» مشيداً «صروح» المزايا في قلب «المعروف» مؤصلاً «أركان» العطايا وسط قالب «العرفان».
ما بين أصول «التجارة» وفصول «الجدارة» عاش مجللاً بروح تقية ومكللاً بنفس نقية قوامها «التدين» ومقامها «اليقين».
اجتمعت في داخله كيميائية مذهلة من مركبات «الإنسانية» و»المهنية» وتكاملت في مسيرته شخصية استثنائية تشكلت من سمات «الجدية» و»الندية».
امتلك «الفكر» المتطور المعتمد على «الابتكار» والمتعامد على «الاعتبار» وخلطة «سرية» من التفكير والتدبير رسمت له «الفلاح» وأتمت له «النجاح».
أطلق «نداء» الأمل وأبقى «أصداء» الفعل في مطالب «ذوي» الاحتياجات ومتطلبات أصحاب الحاجات ليكون «الأب» المقيم في» الذكر الواجب» و»العطوف» المذكور في «الشكر المستوجب».
إنه رجل الأعمال والمفكر الإسلامي الدكتور واصف أحمد كابلي رحمه الله أحد أبرز التجار ووجهاء المجتمع المكي.
بوجه زاهي الملامح باهي المطامح وتقاسيم «مكاوية» بحكم الأصول واحتكام الفصول ومحيا عامر بابتسامة دائمة وبسمة مستديمة تتوارد على طلة اعتمرها «المشيب» و»الطيب» فزادتها تأنقاً وتألقاً وعينان واسعتان تسطعان حين «المهمة» وتدمعان حيث «الرحمة» وأناقة تعتمر الأزياء الوطنية المشكلة وصوت جهوري مكنون بفصل الخطاب ومسكون بأصل الجواب وعبارات فصيحة ومفردات حصيفة وعبارات تتقاطر منها معاني «الحسنى» واعتبارات تتسطر وسطها معالم «الإحسان» قضى كابلي من عمره عقوداً خبيراً وتاجراً ومستثمراً ومحسناً ووجيهاً ترك بصماته «حاضرة» في سجلات «المؤثرين» وسماته ناضرة في مساجلات «المحسنين».
في مكة المكرمة منبع «الطهر» ونبع «الإيمان» وموطن «الصفاء» ولد عام 1948 في حي «المسفلة» بزقاق البخارية وتفتحت عيناه على والده الشيخ أحمد رحمه الله والذي كان مديراً للنقابة العامة للسيارات ووالدته الحانية السيدة عايشة فودة رحمها الله وانخطف صغيراً إلى «أضواء» السمعة المتوارثة من سلالة عائلته «الشهيرة» بالتجارة وأعمال الطوافة ومهام الرفادة فنشأ في «أحضان» التوارث المجيد بالقيمة والمقام.
ركض واصف مع إخوته وأقرانه بين أحياء الشامية والشبيكة وحارة الباب متشرباً منهجيات «الدهشة» الباكرة في مناظر فلول الحجاج والمعتمرين وهم قادمون لأداء النسك فانطبعت في وجدانه «صبغة» البياض التي اعتمرت داخله فولى همته قبلة «المشاعر» المقدسة مستنداً على «نصح» أبوي ومنهج أسري يقتضي تقديم كل الخدمات والواجبات لضيوف الرحمن فتسربت إلى أعماقه «فضائل» القيم وارتسمت في آفاقه «وسائل» الهمم..
وقف كابلي مرتهناً إلى مشاهد «الصباحات» المكية المفعمة بالكفاح وهو يرتقب «نداءات» الرزق في «بسطات» المكيين مقتنصاً من وجوه «البسطاء» «تقاسيم» البراءة الموشحة بابتسامات «الرضا» وعلامات «القناعة» فنمت في قلبه «تباشير» المروءة واعتلت محياه «تعابير» الشهامة التي ظلت ملمحاً يرسم خارطة طريقه بخطوط عريضة من «الانتماء» ومسارات طويلة من «النماء».
أنصت كابلي طفلاً إلى «الألحان السماوية» في مكبرات الحرم المكي وتعتقت نفسه باكراً برياحين «الروحانية» في دروس المسجد الحرام وتشربت روحه مضامين «السكينة» في حلقات البيت العتيق وظل «ثاوياً» في أهل اليقين يحصد ثمار «التروحن» الديني في خلجات «السحر» أمام الحطيم ويجني اعتبار «التيقن» في ابتهالات «الفجر» حول مقام إبراهيم متوشحاً «مقامات» الشرف في «خلوات» باكرة داخل صحن الطواف وحول «الملتزم» غمرت داخله بعبير «التقوى» و»أثير» النجوى.
أمطر كابلي مساءات والديه بأمنيات مبكرة كان يلقيها أمامهما كل ليلة مفادها «الاعتمادية» على الذات رغماً عن «العز» الذي ولد وهو يرافقه متخذاً ذلك كخطوات أولى واثقة شقها على «طريق» الصبر ونال منها في مراحل لاحقة «غنائم» العبر و»مغانم» الاعتبار.
توشح كابلي منذ طفولته «نياشين» التميز المبكر وكتب «عناوين» الامتياز الباكر حيث تفوق في دراسته الابتدائية وارتبط بفرق الكشافة والرحلات ليشبع «غروره» الذاتي المسكون بالتطوع والتبرع وظل مقيماً في «دوائر» النفع يخدم الحاج ويرشد المعتمر ويعين الزائر ويكرم العابر..
انتقل كابلي إلى مدرسة الزاهر المتوسطة وكبرت في داخل «الطالب» الصغير «همم» التجارة الذاتية والاعتماد الشخصي على النفس بعيداً عن «دعم» الأسرة أو «عون» العائلة وافتتح محلاً موسمياً لبيع الساعات والهدايا والحلويات على الحجاح متخذاً من هذه الخطوة «الجريئة البريئة» منهاجاً من الخبرات تحولت إلى عوائد من «الربح» الذهني و»النفع» التجاري جناها في حياته مستقبلاً.
استمر في دراسته وظلت سيرته «الفريدة» حدث حارته وحديث عشيرته والتي تحولت لاحقاً إلى «تفاصيل» من التنبؤات انتهت بخروج «مشروع» بشري متكامل جنى النجاحات ورسخ الإنجازات.
عاد لمقاعد الدراسة بعد رحلة عملية إلى أوروبا مع إخوته استمرت أربعة أشهر لصقل مواهبه ومهاراته وانتقل من المدرسة العزيزية بمكة المكرمة إلى معهد العاصمة النموذجي بالرياض ونال منه الشهادة التوجيهية عام 1967 والتحق بعدها بجامعة الملك عبدالعزيز واشترك مع أحد زملائه في فتح محل بحي الشرفية أسماه «دنيا الحلويات» ونجح باقتدار في المواءمة ما بين التجارة والدراسة حتى تخرج من الجامعة عام 1972 وعمل بعدها لمدة عام واحد فقط في «المؤسسة العامة لتحلية المياه بجدة» ثم استقال وعاد لتجارته التي توسعت بعد زواجه من السيدة «وفاء طاهر عرب» التي كانت خير معين له وظل يرصد دعمها له في كل محفل ومناسبة في عرفان وامتنان يعكس شخصيته المسجوعة بالمحاسن.
في عام 1980 اشتعل حريق في محلاته ومستودعاته وتكبد خسائر عظمى ولكنه تعامل معها بروح «الصابر الحامد» وأسهمت سمعته وسيرته في تجاوز محنته وتوسعت بعدها تجارته حتى باتت «مجموعة» الكابلي من الشركات الرائدة على مستوى الوطن بعشرة فروع داخل المملكة وامتلك كابلي علامات تجارية في العديد من الدول وأصبح وكيلاً لعدة شركات عالمية.
أسس كابلي مركز «نداء الأمل» لرعاية ذوي الإعاقة والذي يعتبر واجهة فريدة تقدم الخدمات وفق أعلى درجات الجودة البشرية والتقنية ورأس «منتدى الروضة الفكري والاجتماعي» الذي يستضيف فيه نخبة من المشايخ والمفكرين في منزله العامر وله مساهمات وأعمال خيرية متعددة في السعودية وخارجها.
امتهن التأليف وألف ما يقارب الـ 18 كتاباً معرفياً في عدة مجالات وتخصص في السيرة النبوية وحصل على الدكتوراة الفخرية العالمية قي فلسفة السيرة النبوية بمرتبة عالم من جامعة الحضارة المفتوحة في لبنان عام 2004 وله عضويات في عشرات الهيئات والقطاعات والجهات محلياً ودولياً وشارك في العديد من المؤتمرات العلمية والدعوية وتم تكريمه في محافل ومناسبات متعددة بالداخل والخارج.
انتقل كابلي إلى رحمة الله يوم 11 جمادي الأول عام 1443 الخامس عشر من شهر ديسمبر 2021 وقد ووري جثمانه بقيع الغرقد في المدينة المنورة وامتلأت الوسائل الإعلامية والوسائط الاجتماعية بالخبر ونعته الأوساط الخيرية والمحلية والثقافية والفكرية وتجلت عناوين النبأ في أثر ومآثر ومناقب وبصمات الفقيد في كل اتجاهات العلم والعمل
الدكتور واصف كابلي.. التاجر النبيل والمحسن الفاضل والمفكر الفضيل صاحب السيرة المشرفة في قوائم المشارف والمسيرة المشرقة في مقامات المعارف.