منال الخميسي
كل ما سبق إلى جانب دور الأسرة الذي لا نستطيع التركيز عليه فقط أو إغفاله في إمكانية تكوين سمات الشخصية المترددة بالمنح الزائد وتقديم الكثير من الاختيارات والإفراط في الدلال أو بالمنع واللوم والمعاقبة الدائمة على الأخطاء دون النقاش أو محاولة المشاركة في حل المشكلات الشخصية والسلوكية لأبنائها.
النظريات السلوكية والكتب والأبحاث تنتقي شريحة معينة فردًا أو عشرات الأفراد ولكنها تغفل عن بعض المؤثرات التي قد تغيب عن معظمنا كالفروق الفردية والبصمة العقلية غير قابلة للتعدد فأنا اختلف عنك فيما أفكر وأتأثر أنت لا تشبهني, وما أخاف منه لا يخيفك وسخرية البعض تكسرني لكن من الممكن أن تقويك.
ما أردت أن أوضحه أننا قد نسهم دون أن ندري في صناعة أشخاص يخافون من الدخول في أي تجربة أو البت في قرار قد تكون أسرهم فعلت كل ما في وسعها كي يكونوا أقوياء مؤثرين ولكن يأتي شخص غير مسؤول بكلمة أو بتصرف ويهدم هذا البناء.
علاج الشخص الذي يفضل المشي على أطراف أصابعه مسؤولية الجميع وليست الأسرة فقط، والمجتمع القوي هو من يمنحه الثقة وهناك فرق بين مجتمع يقول لك أنت لا فائدة منك وآخر يقول أنا وراءك لا تخف سأدعمك بكل الطرق.
المجتمع يعني كل البيئة المحيطة بك الثقة (عدوى) حميدة إذا ما انتشرت بين أفراد المجتمع وخاصة بين من هم ضعيفي الإرادة غير الواثقين بأنفسهم الرسائل الإيجابية غير المباشرة لها أثر عظيم عليهم, أنا لدي شخص متردد في أسرتي دائم الخوف لا أجعل جل اهتمامي انتقاده وإنما أضع أمامه كافة الأسباب كي يكون قوياً, إن كانت أنثى لامانع من المبالغة من ذكر صفاتها الجميلة وإعطائها فرصة كي تدير البيت دون تدخل بل وتدير بعض الأعمال التجارية الخاصة بعائلتها أو تسند إليها مسؤولية التسوق للأسرة مثلاً أو تنخرط في مجتمع العمل أو الدراسة الشاقة
وإن كان لديك شاب يهاب الانخراط في المجتمع أو يقبع في منزله لا يكون كل همك السخرية منه وإنما دائماً ساعده على أن يقرر معك ثم يقرر بمفرده ماذا يجب عليه أن يفعل أو أن تسند إليه بعض المهام الخفيفة وتشاركه بها ثم يكون بعد ذلك مهيأً لمهام أقوى وأخطر كن دائم الثناء عليه حتى لو استدعيت ذكريات من طفولته قبل أن يدخل في ركن الأمان الذي اختاره بعد دخوله في تجربة فاشلة أو تنمر أو خيبة أمل من أصدقاء أو دراسة.
لابد أن نكون على دراية واسعة أنه لا يوجد شخص على هذه الأرض لا يحب الحياة والاندماج وإنما تعرض لألم أو كبوة من وجهة نظره كانت مؤلمة جعلته يفكر ألف مرة قبل أن يعيدها أو يجرب من جديد أو كان لك رد فعل في يوم من الأيام على تصرف أو سلوك قام به بالغت كثيراً في ردة فعلك أو في عقابه مما أشعره بأنه مصدر إزعاج لك فأصبحت تصرفاته كالذي يمشي وسط أشخاص نائمين يخشى من أي صوت أو حركة تزعجهم لأنهم شديدو الحساسية للحركة أو الصوت فبدون أن يدري يمشي على أطراف أصابعه كي لا يوقظهم أو يتسبب بإزعاجهم ومن الأفضل أن يبقيهم نائمين.
كل أمثلة التردد التي ذكرتها لم تكن اختيارية لأصحابها ولكن كان وراءها سبب جعلهم يمشون وبكل حذر على أطراف أصابعهم تحسباً لتعرضهم لألم قد يؤذي باقي الجسد والروح.
ذكرت أن الحياة معهم قد تكون رتيبة من جانب بعض من يعيشون معهم ولكن لم لا نفهم دوافعهم ونحاول إبطال حجج الخوف لديهم ولكن بطريقة ودية وبتفهم بالغ دون إجبار أو إرغام نقدم تنازلات كثيرة لهم كي يقوموا هم بالتنازل اعترافاً بالجميل.
وأرقى ما يشعر به الإنسان أن يكتشف أن له قيمة كبرى بين أفراد أسرته ومجتمعه ومعلميه وأصدقائه ولا بد أن لا نغفل أبداً عن مدى الألم الذي يصيب البعض إذا وجد نفسه بلا قيمة أو مصدر إزعاج وسط أي من هؤلاء.
لا بأس أن يستند على كتفك شخص متردد لا تمل منه سانده وكن مؤمناً به ذلك أفضل بكثير من أن تسخر وتهدم وتعدد العيوب قد تدور دائرة الحياة ويكون هو الداعم الوحيد لك، فمن الأفضل أن يكون لك في ذاكرته رصيد وفي قلبه تقدير وجميل يرد في وقته، لا ضير أن تقويه في كل مرة وتمنحه الثقة الدائمة وتكرر ولا تمل أن تسهم في تكوين شخصية قوية واعية لكل ما حولها ثابتة الخطوات خير لك من أن تكون سبباً بانتقادك السلبي وعدم مبالاتك في إبقاء شخص يمشي طوال عمره على أطراف أصابعه.