مها محمد الشريف
يوماً بعد يوم، يخفت بريق الحوادث المأساوية ويتوقف نشر تفاصيلها، مهما انقسمت الآراء حول مسبباتها، ولا يعيرها الإعلام أو البعض من الناس الاهتمام الكافي بالتحليل والتدقيق، خاصة إذا كان الضحايا من الشرق الأوسط، فلأمم المتحدة تتحدث عن تحقيق لتحديد المسؤولية قبل توجيه الاتهام مطالبة بروكسل بإعادة النظر في سياستها تجاه المهاجرين.
غرق أكثر من 500 شخص بحادثة مركب قرب سواحل اليونان، فاجعة كبيرة أحزنت القلوب، وأبكت العيون بعدما تضاربت الأنباء بشأن الحادثة حول الأسباب والعدد الكبير للاجئين الفارين وبين تقاعس الحكومة اليونانية وخفر سواحلها وتخاذل العالم، فمن يتحمل مسؤولية هذه الكارثة هل هو الاتحاد الأوروبي أو اليونان أو المتاجرون بالبشر؟ فالسفينة التي غرقت قرب اليونان ومات المئات من البشر كانوا على متنها، وروايات صادمة لناجين حول ما حدث لقارب مهاجرين غرق قبالة سواحل اليونان، فإن أكثر من 500 شخص اعتبروا في عداد المفقودين، كما أن فرص العثور على أي شخص آخر على قيد الحياة تضاءلت، بل انتهت.
ولم نشاهد ذلك الاهتمام الكبير الذي غمروا به الغواصة تيتان التي غطت أخبارها العالم بأسره وتسابقت وكالات الأنباء على نشر أخبارها والتحقيق لما حدث لها بالساعات وليس بالأيام، التي كان على متنها كل من الملياردير البريطاني هاميش هاردينغ، وغواص الأعماق الفرنسي المخضرم بول هنري نارجيولي، ومؤسس شركة أمريكية تنظم رحلات إلى حطام تيتانيك ستوكتون راش، ورجل الأعمال الباكستاني شاهزادا داوود وابنه.
فمنذ عام 2021 بدأ الإعلان عن رحلة استكشافية لمنطقة سفينة تيتانك المصطدمة بجبل جليدي عام 1912 في قاع المحيط، بتكلفة 150 ألف دولار للمقعد، وفي 2023 بدأت المجموعة الأولى المكونة من سائق و4 سائحين، رحلتهم التابعة لشركة (أوشن جيت إكسبديشن) بنية اعتزام تحويلها لرحلة سنوية لتأريخ تحلل السفينة الغارقة صاحبة الحدث الأشهر بالعالم، وفي اليوم الخامس على اختفاء الغواصة المفقودة (تيتان)، في المحيط الأطلسي وجدوها بجوار حطام سفينة (تيتانك).
وتسابقت الأمنيات للعثور عليها وإنقاذ الـ5 أشخاص الذين بداخلها، وذلك بعد نفاد إمدادات الأكسجين. وبحسب ما أعلنت عنه حالة القلق والتوتر التي أصابت العالم حول أخبار الغواصة المفقودة، والتي اختفى على إثرها 5 أشخاص من أثرياء العالم بعدما فُقد الاتصال بالغواصة، ومن ثم تلقى خفر السواحل الأمريكي مكالمة من سفينة قيادة الغواصة تفيد بفقدانها على بُعد 900 ميل (1450 كيلومترًا) شرق كيب كود.
وفي ضوء البحث عن الحقيقة التي يحتاج إليها العقل البشري لإدراكها، فهل يمكننا طرح أسئلة أخرى أكثر أساسية؟ وما نتائج عملية البحث عن الغواصة المفقودة لكشف غموضها؟ وغموض حادثة غرق أكثر من 700 شخص في البحر الأبيض المتوسط قرب سواحل اليونان، أم أن الحقيقة لا يتم اكتشافها مرةً واحدة وتظل عالقة إلى الأبد، ولم يُذكر أحد لماذا لم يتم إنقاذ المهاجرين وهم قرب سواحل اليونان؟ أين الجهود الدولية من هذه الكارثة؟
لم نسمع أو نرى سوى أن خفر السواحل الأمريكي بذل الكثير من الجهود لمعرفة مكان الحطام الذي تم العثور عليه في المحيط، وأظهر تحليل الحطام أن الغواصة تعرضت لأضرار كارثية وتوفي جميع ركابها، وانقطع الاتصال بهم بعد حوالي ساعة و45 دقيقة من الغوص يوم الأحد الماضي «تباين وفروقات بين الكارثتين، وانتقادات لتباين التغطية بين غرق سفينة المهاجرين وتدمير غواصة «تيتان»، قيل عنه «نفاق إعلامي» بين الكارثتين، انتقادات لتباين التغطية بين غرق سفينة المهاجرين وتدمير غواصة «تيتان».
واترك لكم هذا الاعتراف الذي اعتبرته رسمياً حول ما حدث من فروقات بين الحادثتين، حيث قدمت المنافذ الإخبارية الرئيسية التقارير على مدار الساعة، وعرضت التغطيات الحية، حيث قارن الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، في مقابلة مع CNN، وضع التغطية الإخبارية المتعلقة بقضية الغواصة «تيتان» مقابل التغطية الإخبارية التي حظيت بها قضية موت 700 مهاجر -مؤخرًا- قبالة سواحل اليونان، مشيرًا إلى أن هناك «تفاوتًا شديدًا» في أهمية حياة الناس.
وقال أوباما إن «هناك عنصرًا اقتصاديًا لديمقراطيتنا يجب أن ننتبه إليه. لن تكون ديمقراطيتنا صحية مع مستويات عدم المساواة التي رأيناها الناتجة عن العولمة والأتمتة والانحدار في النقابات وعدم المساواة الفاحشة. تفكر في أخبار اليوم. نحن لا نتحدث عن أخبار اليوم بشكل عام، لكن في الوقت الحالي، لدينا تغطية على مدار الساعة -وأنا أفهم ذلك- لهذه الغواصة، الغواصة التي فقدت بشكل مأساوي في قاع البحر».