فجر منتصف عشر ذي الحجة، أفضل أيام السنة، الجمعة الموافق 5-12-1444هـ، فجعت بنبأ وفاة زميلي وصديقي معالي الدكتور ناصر بن محمد السلوم وزير المواصلات السابق، الذي عاشرته زميلاً ثم رئيساً على مدى ما يقرب من 40 عاماً.
حيث التحق معالي الدكتور ناصر السلوم بالعمل في الوزارة مهندساً في عام 1385 هجري، وكنت أعمل في الوزارة قبله ببضع سنوات، وعندما تم تكليفه بالإشراف على طريق الرياض صلبوخ كان يستفسر مني من حين لآخر عن إجراءات العمل في الوزارة، واستمر التواصل بيننا طيلة مدة خدمتي في الوزارة.
وعندما تمرس في العمل رأى فيه سعادة وكيل الوزارة آنذاك معالي الشيخ حسين منصوري رحمه الله نبوغاً وفكراً متطوراً، فصدر قرار من معالي وزير المواصلات المرحوم محمد عمر توفيق بتكليفه مدير عام المشروعات.
وقد صادف هذا التكليف بداية طفرة موارد الدولة، وصدرت توجيهات ولاة الأمر بالتركيز على ربط مناطق ومدن المملكة بالطرق والكهرباء، فتبنى معالي الدكتور ناصر بتوجيه من معالي من سبقه من الوزراء إعداد خطط الوزارة للتنمية، التي بدأت من عام 1390هـ لإنشاء الطرق التي احتاج تنفيذها استقطاب العديد من الشركات الكبرى في أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا لتصميم وتنفيذ تلك الطرق، ونفذت تلك الطرق بمواصفات عالية في وقت قياسي ومن خلال تلك الشركات تأهل الاستشاريون والمقاولون السعوديون الذين عملوا مع تلك الشركات من الباطن.
ولتأهيل مهندسي الوزارة السعوديين تبنى معالي الدكتور ناصر إبرام اتفاقيات مع وزارة النقل الأمريكية ووزارة النقل السويدية لاستقطاب الخبراء اللازمين لذلك.
ولما يتحلى به معالي الدكتور ناصر من أمانة وفكر صائب وصدق وإخلاص، منح له معالي الوزراء السابقين له، صلاحية مطلقة في حل المشاكل الفنية التي تعترض المقاولين، وقل أن يكون مشروع طرق ينفذ في المملكة لم يقف معالي الدكتور على أرضه شخصيا ويعالج ما يعيق التنفيذ في الموقع.
لقد كان معالي الدكتور ناصر حازماً ورحيماً، فكان الاستشاريون والمقاولون هم اليد الطولى للوزارة، لذلك دائماً يؤكد على الوقوف بجانبهم عندما يتعرض أحدهم لمشاكل مالية مع البنوك، ويجتمع مع البنوك لحلها.
رحم الله الدكتور ناصر محمد السلوم رحمة واسعة على ما قدم للوطن بتوجيهات ودعم ولاة الأمر من جهد ذهني وجسدي، وجعل ذلك صدقة جارية له إلى يوم القيامة.
ولأن المجال لا يتسع لذكر مآثر الدكتور ناصر، فإني أرجو الله أن يتقبله مع الصديقين والشهداء والصالحين من عباده ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، ويلهم أهله وأحبته الصبر والسلوان، (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).
**
إبراهيم بن عبدالمحسن السلطان