رمضان جريدي العنزي
والله ما أوجعنا طنين الذباب، ولا صوت الزرازير، لا كذب الكذابين أوجعنا، ولا افتراءات المفترين، لا إشاعات المشؤومين أرهقتنا، ولا مكر الماكرين، وما صدع رؤوسنا لغو اللاغين، ولا أثقل كواهلنا قول المرجفين، ولا همتنا الظواهر المنكرة، لا صوت الغربان همنا، ولا نقيق الضفادع، ولا مواء القطط، ولا حركات النسانس، فنحن الصقور والنسور، ونحن الأسد والذئاب، ونحن كل الضواري، لنا الميدان، ولنا السبق والتفوق، ولنا الجائزة الأولى، ما عكسنا الطريق، ولا مشينا في ظل الحائط، ولا بعنا الكلام بثمن بخس، ولا نعرف الضباب والرماد، ولا أشعلنا المواقد إلا للكرم، صعدنا الجبال حتى وصلنا القمم، ما تعبا ولا أصابنا السأم، ما ننام سوى نوم الوسن، ونحلم بالغيوم والقمر، ولا نشرب إلا من شهد الينابيع، ونقطف براعم التين والرمان والعنب، لنا السيف، ولنا القصيد، ولنا نبض النشيد القويم، نحو الفضاء لنا الطموح، ونبحث عن المجرات في الأعالي، نكتب فوق مياه البحيرة بأنا هنا، وفوق المحيط، نحن الحديقة، ونحن السنابل، ونحن المرايا، لا نتوسل لأحد، وعندنا السيوف الصقيلة، نعانق الصباح، مثل سنابل قمح، ونمضي كيفما نريد، ما تراخينا ولا وهنا ولا أصابنا القنوط، ولنا قلوب جريئة، وما عرفنا الندم، حلمنا أخضر مثل الربيع، ماؤنا مصفى، ولا نعرف العطش، لا نشبه أحداً، ولا يشبهنا أحد، وتجاويف أوردتنا الدموية لها بهاء، لا نتعب لكي نرتاح، ولا نغفو إذا ما مسنا الوسن، ونحن الفرسان من زمان مضى، وإن لغوا علينا وبغوا، لا نحب الكلام الكثير، ونعشق بعمق العمل الوفير، نهارنا مفرح، وليلنا بلا ضجر، نقضم التفاحة، وأحلامنا واحدة، ونعرف كيف نروِّض الخيول النافرة، كلامنا ندى، وفعلنا إذا ما غضبنا أسى، نمشي ونسقي حقول الياسمين، ولا يعوقنا حجر، ما همنا النملة ولا الفيل ولا طنين الذباب، ولنا همة مكتظة بالعمل، لنا عيون ترى ما لا تراه العيون المرمدة، ونعرف الخطى، ونرفض الخرافة، لنا بسمة، وظلنا طويل، ولا نعرف الندم، وعلى العدو أضيق من عين إبرة، لنا كلام جميل مثل النسائم، ونحن الأقحوان في فصل الشتاء الأنيق، لكن إذا ما غضبنا يصبح كلامنا سم الأفاعي، وفعلنا فعل الذئاب، ولنا وضوح مثل نهار الضحى، وحلمنا يرفرف مع الحمام واليمام في عاليات السحاب، وظلنا يغطي الغمام.