الحج -الركن الخامس للإسلام- والذي يعتبر على قدر عالٍ من الأهمية التي تضع على عاتقنا نحن الأطباء عامة وأطباء الأمراض الصدرية خاصة شيئاً من الاهتمام لتقديم النصائح التي يمكن بها أن يقي الحاج نفسه من بعض الأمراض التي قد تعيقه في أداء مناسك الحج أو بعض منها.
ومما لا شك فيه أنه قد تزداد فرصة الإصابة ببعض الاضطرابات المرضية أثناء موسم الحج، ومن أهمها الأمراض الصدرية، ومن الممكن أن يصاب الحاج بإحدى هذه الأمراض أثناء فترة الحج أو بعد عودته من الأراضي المقدسة.
فمن هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي؟
أولاً: الحجيج من كبار السن أكثر عرضة من الفئات العمرية الأخرى.
ثانياً: المدخنون.
ثالثاً: الحجيج الذين يعانون من أمراض مزمنة بالجهاز التنفسي مثل: حساسية الصدر- السدة الرئوية المزمنة- تمدد الشعب الهوائية- تليف الرئة.
رابعاً: الحجيج الذين يعانون من أمراض مزمنة أخرى مثل: داء السكري- أمراض الكلى- أمراض الكبد- أمراض القلب- أمراض الكولاجين- أخيراً من يتناول أدوية تقلل المناعة مثل الكورتيزون- العلاج الكيماوي أو الإشعاعي لعلاج الأورام وغيرهم.
العوامل المؤثرة على الجهاز
التنفسي في الحج
تنقسم العوامل المؤثرة على الجهاز التنفسي عموماً إلى قسمين:
أولاً: عوامل في الحاج نفسه مثل الصحة العامة له وهل يعاني من أمراض مزمنة أم لا -حالة جهاز المناعة للجسم- التدخين سواء الإيجابي أو السلبي- نوعية الغذاء- ما مدى اتباع الحاج للسلوكيات الصحية.
ثانياً: عوامل في البيئة المحيطة مثل الازدحام- تهوية غير جيدة- تلوث الهواء- وجود غبار أو أتربة في هواء التنفس- مخالطة المرضى دون اتباع أساليب الوقاية اللازمة.
التهابات الجهاز التنفسي الحادة
تعتبر التهابات الجهاز التنفسي الحادة من أبرز أمراض الجهاز التنفسي التي تصيب الحاج سواء أثناء موسم الحج أو بعده، وذلك نظراً لانتشار عدوى الفيروسات والبكتريا أثناء موسم الحج بالإضافة إلى الازدحام بين الحجاج أثناء أداء المناسك، وتنقسم التهابات وعدوى الجهاز التنفسي إلى تلك التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي وتسبب أمراض(الزكام- الإنفلونزا- التهاب الحنجرة- والتهاب القصبات الهوائية)، كما تشمل أيضاً عدوى الجهاز التنفسي السفلي، والمقصود هنا هو التهاب الرئة (ذات الرئة) وهو أقل شيوعاً لكنه يمثل خطراً على الحاج إذا أهمل العلاج.
وتنتقل هذه الأمراض عن طريق الرذاذ المتطاير مع السعال أو العطس أو الكلام كما تنتقل عن طريق لمس الأسطح الملوثة باليدين ثم مسح الأغشية المخاطية بالأنف أو الفم أو العينين قبل تنظيف أو تطهير اليدين، وتتطلب هذه الأمراض سرعة العلاج واتخاذ الإجراءات الوقائية السريعة لمنع حدوث المضاعفات والحد من انتشار المرض.
مرض الربو (حساسية الصدر) بالحج
تعتبر حساسية الصدر من الأمراض المزمنة التي تتميز بحدوث ضيق مفاجئ بالشعب الهوائية، والتي تؤدي بدورها إلى صعوبة بالتنفس مما قد يعوق الحاج في أداء المناسك، ولذا يجب على المريض الذي يعاني من مرض حساسية الصدر أن يراجع الطبيب قبل سفره، وأن يأخذ معه جميع الأدوية الخاصة به، كما ينبغي عليه إعلام طبيب الحملة المصاحب لهم في الحج، وإذا انتهت الأدوية يمكنه صرفها من الصيدلية أو المستشفيات القريبة له ما دامت حالته مستقرة، أما إذا ظهرت عليه أعراض من تهيج القصبات أو ضيق التنفس فيجب عليه مراجعة الطبيب المختص.
ويعتبر بخاخ الفينتولين مهماً جداً لمرضى حساسية الصدر وهو يسمى دواء إنقاذ حيث إنه يساعد المريض ويوسع الشعب الهوائية بسرعة شديدة وهو يستخدم فقط عند الحاجة إليه، أي في وجود هجمة ربوية حادة، أما البخاخات التي يجب أن تستخدم بانتظام وبصورة يومية لعلاج حساسية الصدر فهي البخاخات التي تحتوي على مادة الكورتيزون مع بعض العقاقير الأخرى حسب حالة المريض ورؤية الطبيب المعالج.
وتكمن أهمية هذه البخاخات في أنها توقف تدهور حالة القصبات الهوائية، وتحافظ على كفاءة الرئة بصورة جيدة مع مرور الزمن لمنع حدوث أزمات متكررة، كما ننصح بوجوب حمل بطاقة التعريف للأمراض المزمنة فهي بمثابة هوية الإنسان، وتمثل ركيزة مهمة في سرعة العلاج وجودة الخدمة المقدمة للحاج إذا ما تعرض لمضاعفات أثناء أداء المناسك.
بالنسبة للأمراض الصدرية المزمنة وأهمها هو الربو (حساسية الصدر) وبهذا الصدد فإنه يوجد بطاقة تسمى خطة عمل الربو مسجل بها بيانات المريض ووسيلة التواصل مع الطبيب المعالج والأدوية الدائمة التي يستخدمها، مع ذكر أيضاً الأعراض التي قد تحدث مضاعفات، ويتوجب عندها أن يكون هناك علاج إضافي طارئ، كما يذكر فيها علامات الخطر التي يجب عندها المريض الذهاب مباشرة إلى المستشفى.
الإصابة بالعدوى الفيروسية
مثال كوفيد 19
وتشمل الأعراض النمطية مثل الحمى والسعال أو ضيق التنفس.
وهناك أيضاً بعض الأعراض المَعدية والمعوية مثل: الإسهال والقيء وآلام البطن، وربما يتسبب في حدوث التهاب بالرئة وفشل في التنفس، الذي يتطلب التنفس الاصطناعي والدعم في وحدة العناية المركزة.
مرض السل أو الدرن الرئوي:
مرض السل من الأمراض القديمة جداً التي تصيب الجهاز التنفسي وأعضاء الجسم الأخرى، ويعتبر السل الرئوي من الأمراض الرئوية المعدية، والتي تنتشر بسرعة أثناء موسم الحج، كما أن أعراضه تشمل السعال مع البلغم بصورة متكررة، وتدوم أكثر من أسبوعين دون الاستجابة للعلاج المعتاد، مع وجود فقدان للشهية ونقصان بالوزن، وارتفاع طفيف بدرجة حرارة الجسم، خاصة أثناء الليل مع وجود تعرق شديد.
إذا كان المريض ما زال في مرحلة الدرن إيجابي البصاق فيجب منعه من الذهاب إلى الحج، حيث إنه في هذه الحالة يكون معدياً بصورة مباشرة، أما إذا كان قد بدأ علاجه وأصبح البصاق سلبياً فيجب استشارة الطبيب المعالج قبل السماح له بالسفر.
طرق الوقاية والحد من انتشار
وانتقال الأمراض التنفسية
شرب سوائل بكثرة، والتغذية الصحية السليمة، ولبس الكمامات، خاصة في الأماكن المزدحمة، كما ننصح الحجاج المصابين بالإنفلونزا أو الزكام استخدام هذه الكمامات؛ لأن هذا قد يقلل من فرص نقلهم العدوى للحجاج الآخرين. وتجنب المكوث في الأماكن المزدحمة قدر الإمكان، والمداومة على غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون أو المواد المطهرة الأخرى التي تستخدم لغسل اليدين، خصوصًا بعد السعال أو العطاس، واستخدام دورات المياه، وقبل التعامل مع الأطعمة وإعدادها، وعند التعامل مع المصابين أو الأغراض الشخصية لهم، وتجنب ملامسة العينين والأنف والفم باليد، فاليد يمكن أن تنقل الفيروس بعد ملامستها الأسطح الملوثة بالفيروسات، وتهوية مكان الإقامة باستمرار، والحفاظ على النظافة العامة بشكل عام، والحرص على تبليغ طبيب البعثة المرافقة إذا وُجد شخص في مكان الإقامة يعاني كحة مستمرة لفترات طويلة، وإذا كنت مصاباً بالسل فيجب إبلاغ البعثة الطبية الخاصة بحملتك لمتابعتك خلال فترة الحج، وعند العودة إلى بلدك، يفضل استشارة الطبيب المختص إذا ظهرت أي أعراض مثل الحمى- السعال أو ضيق في التنفس، وأخذ اللقاحات الواقية قبل الذهاب للحج، وعمل التطعيمات أو اللقاحات التي تقي الجهاز التنفسي قبل موسم الحج.
هناك لقاحات مهمة جداً
أولاً: لقاح الوقاية ضد كوفيد 19، والتي حرصت عليه الجهات المعنية من وزارة الصحة، والذي يعتبر أحد أهم اللقاحات حالياً لأخذ تصريح الحج.
ثانياً: لقاح الإنفلونزا الموسمية وحقيقة هو لقاح فعال جداً، خاصة أنه يقي أيضاً ضد فيروس H1N1 (إنفلونزا الخنازير)، وينبغي على الحاج أن يأخذ هذا التطعيم قبل الذهاب إلى الأراضي المقدسة بفترة لا تقل عن 10 إلى 15 يوماً.
ثالثاً: لقاح بكتيريا المكورة الرئوية والذي يقي من الالتهاب الرئوي، وقد أوجبت منظمة الصحة العالمية هذا اللقاح لكل الأشخاص الأصحاء الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، والأطفال أقل من 19 عاماً، أما الأشخاص الذين يعانون من أي من الأمراض المزمنة فيجب عليهم أخذ اللقاح عند عمر الخمسين عاماً، وأخيراً فقد أوصت منظمة الصحة العالمية المرضى الذين يعانون من أمراض نقص المناعة الموروثة أو المكتسبة- ومن هو تحت الغسيل الكلوي الدائم فيجب أن يأخذوا اللقاح حتى ولو كانت أعمارهم دون الخمسين عاماً.
رابعاً: لقاح الالتهاب السحائي meningococcal vaccine والذي يقي من التهاب الغشاء السحائي للمخ.
تقبل الله منكم جميعاً وحفظكم من كل سوء.