المملكة العربية السعودية تتصدر المشهد و تتبوّأ مكانة مرموقة على الساحتين الإقليمية والدولية، لا بسبب إمكانياتها ومقوماتها الاقتصادية فحسب، بل بفضل حكمة وفطنة قادتها والرؤية الجديدة التي يرسمها القائد الشاب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي لم يدّخر جهداً في الدفع بالعجلة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية لمملكته إلى القمة والارتقاء.
تشهد المملكة منذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد الكثير والكثير من الإصلاحات الإدارية والإنجازات المتعددة منها الدبلوماسية التي عزَّزت من حضور المملكة على الخارطة الدولية.
لا شكّ أنّ زيارة ولي العهد إلى فرنسا تعكس صورة المكانة المتميزة التي تتمتع بها السعودية في النظام الإقليمي والدولي، إلى جانب الشخصية المحورية لصاحب السمو ولي العهد، الذي تمكن خلال فترة قياسية، من تحقيق تطلعات وإصلاحات وإحداث انعطافة جديدة في علاقات المملكة إقليمياً ودولياً وتطويرها.
كما أن الزيارة تأتي في المقام الأول؛ لتعزيز الشراكة السعودية - الفرنسية وتطويرها وإرساء قواعد جديدة لعلاقات أكثر نضجاً واتساعاً، وعلى رأس تلك الملفات التي قد يكون تباحث عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وناقشها مع الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون خلال زيارته إلى فرنسا، أزمة الطاقة وحرب أوكرانيا والبرنامج النووي الإيراني، وكذلك الأزمة اللبنانية، إلى جانب مناقشة حلول ناجعة للقضايا الإقليمية والدولية العالقة، كما أن البرامج والفعاليات وأجندة المباحثات جلّها تندرج، ضمن التحضيرات لبناء نظام عالمي جديد، وتسعى المملكة العربية جاهدة للعب دور محوري في النظام الجديد.
وشارك صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان في قمة «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد» بباريس في 22 و23 يونيو حزيران، وشارك في هذه القمة أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة، لمناقشة أهداف؛ تتعلق بمساعدة البلدان التي تعاني من ارتفاع المديونيات، وتعزيز تنمية القطاع الخاص في البلدان منخفضة الدخل، فضلاً عن تشجيع الاستثمار في البنية التحتية الخضراء لانتقال الطاقة في البلدان الناشئة والنامية، وحشد التمويل للبلدان المعرضة لمخاطر تغير المناخ، كما حضر الأمير محمد بن سلمان حفل استقبال رسمي مخصص لترشح الرياض لاستضافة إكسبو 2030 .
العلاقات بين المملكة وفرنسا تسبق العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن بأعوام وهي تعود إلى بدايات القرن الماضي وتحديداً في عام 1926، كما معروف أن العلاقة بين الرياض وباريس لها خصوصية ولا تقتصر على جانب فقط، بل تشمل مجالات عديدة فضلاً عن التنسيق والتعاون السياسي والمصالح الاقتصادية، لذلك يتطلع البلدان الصديقان إلى تعزيز الفرص المشتركة من خلال رؤية 2030 والخطة الاقتصادية الفرنسية 2030، لتعزيز شراكتهما في الاستثمار المتبادل المشترك والصناعة والطاقة والثقافة والتراث والسياحة والتعليم والتقنية والفضاء والدفاع والأمن.
التجربة السعودية في مسار التحديث والنهوض بالمجتمع، أعطت علاقاتها الخارجية انعطافاً ونفساً جديداً، وبرهنت على قدرات المملكة وطاقاتها؛ بحيث أضحت في مصاف الدول المتقدمة عالمياً، كما أن دولاً أوروبية وإقليمية تحاول التقارب مع المملكة العربية السعودية ولاسيما أنها باتت محل أنظار واهتمام الجميع بعد النجاحات التي حققتها خلال الأعوام القليلة الماضية.
انطلاقاً من الواقع السياسي القائم على الرؤية الجديدة بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، فإنّ أهمية المملكة تزداد وضوحاً إقليمياً ودولياً، والتي تسعى جاهدة لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.
إذن فإن المملكة العربية السعودية تلعب دوراً ريادياً في غاية الأهمية في المعادلات السياسية على المستويات الدولية والإقليمية ولا يمكن الاستهانة بتلك الأدوار بقيادة عرّاب وقائد الرؤية المستقبلية وهي بدأت ملامحها تتضح للأنظار، ولم تعد مجرد وعود حالمة، بل الصورة جلية لتعطي زخماً بأن القافلة السعودية تنطلق بعزيمة وتصميم فمرحباً بالراغبين في الركوب والمتعاونين فيها ولا يمكن مجاملة أي دولة أو جهة مهما كان ثقلها ونفوذها على العالم.