عبده الأسمري
ما بين مقومات «الاقتدار» ومقامات «الازدهار» بنى صرح المكانة من أصول التعليم وشيد بناء الأمانة في «فصول» التربية..
سكب «المداد» حبراً في «عطايا» التوجيه وسبك «السداد» عبراً في «ثنايا» الوجاهة تاركاً «الثناء» استجابة «للأثر» والاستثناء إجابة للتأثير مولياً «قبلة» مآثره شطر «الدلائل» وقبالة «البراهين» التي أكدتها شهادات تلامذته ورصدتها شواهد طلابه.
اعتلى «صهوة» الشعر بفروسية «الماهر» فنال «حظوة» المشاعر في نداء «السحر» وما بين «أزهار» المواقف و»أشواك» المواقف كتب «الدواوين» وأبهر «الميادين» وحصد «المضامين» في «شاعرية» موجه ووجاهة «شاعر».
عاش مجللاً بهيبة «المقام» ومكللاً بطيبة «الإلهام» كاتباً جملته الاسمية من «مبتدأ» التأسيس و»خبر» التدريس وكان «الفاعل» المرفوع بالهمة والمشفوع بالمهمة والمصدر «الصريح» في أفعال «الانتماء» واشتعال «النماء».
إنه المربي الكبير والشاعر الشهير الأديب محمد سليمان الشبل رحمه الله أحد أبرز الشعراء والأدباء ورجال التعليم والتربية في الوطن.
بوجه «قصيمي» التقاسيم وتفاصيل نجدية بحكم النشأة واحتكام التنشئة وملامح يسكنها «السمت» ويعلوها «الصمت» ويؤطرها «الإنصات» ومحيا عامر بالفضيلة وغامر بالسكينة وعينان لماحتان تنبعان بنظرات «التروي» ولمحات «التفكر» وأناقة تعتمر الأزياء الوطنية التي تتكامل على «محيا» رجل وقور تكامل مع المشيب وتماثل مع الطيب ولغة «حجازية» بواقع العيش ووقع التعايش في «أم القرى» تتوارد منها سكنات لفظية مكتظة بعبير «اللغة» الفصحي وأثير «اللهجة» المثلى وشخصية سديدة «القول» فريدة «الفعل» قوامها حسن الخلق ومقامها طيب المعشر تتقاطر منها صفات نبيلة وسمات أصيلة مكنونها «الفضل» ومضمونها «النبل» ومفردات «شاعرية» بالغة اللفظ بليغة المعنى تنبع منها «موجهات» العلوم وتسطع وسطها «اتجاهات» المعارف مسجوعة بقيم تربوية ومشفوعة بهمم تعليمية قضى الشبل من عمره عقود وهو يؤسس «أركان» البدايات بروح «المعلم» ويؤصل «أسس» المنجزات بحرص «المربي» ويكتب «مناهج» الشعر ببوح الأديب ليكون «الوجه» الأصيل في «ذاكرة» العلم والرقم الصعب في «معادلة» العمل والناتج الصحيح في «متراجحة» المعرفة.
في «عنيزة» الدرة المكنونة في «عقد» القصيم المضيء ولد عام 1349 وتفتحت عيناه على أب وجيه كريم ملأ قلبه برياحين «النصح» وأم متفانية حانية غمرت وجدانه بمضامين «العطف» ركض في طفولته مع أقرانه مراقباً «نداءات» العابرين على «عتبات» السفر ومرتقباً «امضاءات» الكادحين في «خلجات» الفجر.. وتعتقت نفسه طفلاً بروائح «الطين» بين حقول قريته وتشربت ذاته لوائح «اليقين» وسط مجالس عشيرته.
التحق بالمدرسة الابتدائية الحكومية، وتخرج منها عام 1363هـ ارتهن إلى صوت «الدوافع» في أعماق سريرته وصدى «المنافع» في آفاق سيرته حيث ارتحل إلى مكة المكرمة حيث تابع دروسه بالمعهد السعودي وتخرج منه عام 1369هـ ثم التحق في كليّة الشريعة وتخرج منها عام 1373هـ..
حمل «لواء» الريادة مبكراً وكان من أوائل الخريجين وتعين مدرساً في المدرسة الرحمانية الثانوية بمكة عام 1374هـ وبعد سنتين تم تعيينه مديراً للمدرسة نفسها حتى عام 1380هـ ثم تم نقله إلى مدير لثانوية الملك عبدالعزيز بالعزيزية والتي كانت تحمل مسمى «مدرسة تحضير البعثات» والتي تخرج منها كبار الرواد والأدباء ورجال الدولة على مدى عقود واستمر بها نحو ثلاثين عاماً حتى أحيل للتقاعد عام 1409هـ.
امتلك «موهبة» الشعر و»هبة» النظم وظهرت علامات «النبوغ» جلية في بداياته التي عانق فيها «الإبداع» ونثر وسطها «الامتاع» مع أول قصيدة نشرها في صحيفة الندوة بعنوان «القمر والنخلة» وهو في الخامسة عشرة من عمره وتابع بعدها نشر قصائده في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية.
استلهم «موجبات» الشعر من «قراءات» مبكرة في اتجاهات وجدانية وأبعاد مكانية وظل ينهل من «مخزون» الموهبة حتى وزع «الإضاءات» بإشعاع مهيب في «عوالم» القصائد و»معالم» الأبيات واضعاً «موازين» فاخرة ما بين «الشعر» القديم الأصيل والحديث المعاصر متكئاً على «عقلية» زاخرة بالتطور والابتكار ومستنداً على «ملكات» فكرية جعلت شعره أمام «مرآة» الدراسات والبحوث وظل يحرك بأبياته «الدفاع» الأدبي بسلطنة «النظم» لدعم القضايا العربية والإسلامية بلسان «قويم» وظلت قريحته الشعرية «باذخة» التأليف والتوصيف في المناسبات الدينية كالهجرة النبوية والمولد النبوي وشهر رمضان.
نشر الشبل قصائد متنوعة في عدة صحف ومجلات آنذاك وكتب عنه وعن شعره العديد من الأدباء مثل عبدالله بن إدريس وبكري شيخ أمين وعبدالله عبدالجبار وعمر الطيب الساسي ويسري عبدالغني وحسن الهويمل ويوسف حسن نوفل وقد تناولت شعره وانتاجه العديد من بحوث الدراسات العليا والقراءات النقدية.
أصدر الشبل ديوانين شعريين هما ديوان: نداء السحر عن النادي الأدبي بالرياض سنة 1399هـ ويضم 40 قصيدة جاءت في 890 بيتاً. وديوان: أزهار وأشواك عن مركز صالح بن صالح الاجتماعي بعنيزة 1430هـ ويضم 31 قصيدة جاءت في 881 بيتاً.
وترجم له أحمد سعيد بن سلم في (موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين خلال مائة عام) وترجم له في عدة معاجم وموسوعات ومنها (معجم الكتاب والمؤلفين في المملكة) و(موسوعة الأدب العربي السعودي الحديث.. نصوص مختارة ودراسات)، و(قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية) و(موسوعة تاريخ التعليم في المملكة العربية السعودية في مائة عام) وغيرها.
اختير عضواً في مؤسسة مكة للطباعة والنشر وله عضويات أخرى وكرّمه منتدى ثلوثية بامحسون الثقافي كشخصية المنتدى لعام 2016 -2017 وتم تكريمه من ضمن الأدباء المكرمين في مهرجان عنيزة الثاني للثقافة والتراث في سنة 1430هـ وتم الاحتفاء به في أكثر من محفل.
تستعرض «الصور» الذهنية و»المنصات المهنية والمناسبات الوطنية قيمته وقامته ومكانته كقائد تعليمي ورائد تربوي امتلك «سمات» الموجه الوجيه وصفات المعلم القدوة وملكات المربي الحكيم وارتبط اسمه بحركة التعليم في السعودية وامتلك صفة «الأستاذ» للكثير من أصحاب المعالي وشاغلي المناصب وظل مقيماً في «قوائم» الشرف ومقامات «الفخر» على الأصعدة الأدبية والثقافية والتعليمية والتربوية.
عاد بعد تقاعده إلى عنيزة مسقط رأسه وظل وفياً لأسرته ومحبيه وحفياً بمدينته ومنطقته وممتناً للحجاز وأهلها وشغوفاً بمكة وذكرياتها..
انتقل الشبل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة 19-2-1441هـ وووري جثمانه ثرى مدينته التي طالما تغنى بها «شعراً» وارتبط بها «شعوراً» ورثته الأوساط التعليمية والثقافية والوسائط الاجتماعية والأدبية وتحول نبأ وفاته إلى «ميدان» للتسابق بين تلامذته وطلابه وأصدقائه ورفقاء دربه ومعارفة في الترحم بالدعاء والرثاء بالشعر والعزاء بالنثر والنعي بالمقالة وكتبت عنه العديد من المرثيات والمقالات والخطابات التي عكست «روابط» العرفان ووشائج «الامتنان لما قدمه من عوائد وفوائد استوطنت القلوب واستعمرت الأنفس وتجلت في سماء «العلن» بالذكر الواجب والشكر المستوجب.
محمد سليمان الشبل.. معلم الكبار وشاعر الاعتبار والأنموذج «الوطني» والرمز «المهني» صاحب السيرة الزاهرة بالضياء التربوي والمسيرة الباهرة بالإمضاء الأدبي.