د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
منذ المعرض العظيم في لندن 1851 الذي حقق أرباحاً هائلة ساهمت في تأسيس متحف فكتوريا وألبرت ومتحف التاريخ الطبيعي في لندن، ولا تزال المنح الدراسية التي أنشأها منظمو أكسبو تقدم حتى يومنا، إذ مولت ما لا يقل عن 13 فائزاً بجائزة نوبل الذي عزز مكانة بريطانيا في مجال البحث والتطوير.
يعرض في أكسبو الابتكارات العالمية، فقدم ابتكار المطاط في باريس 1855 الذي ساعد بعد ذلك في صناعة كثير من المنتجات الأساسية مثل صناعة الملابس والأحذية وإطارات السيارات، وعرض أول هاتف في معرض فيلادلفيا عام 1876، وبرج أيفل في 1889 الذي أصبح رمزاً لفرنسا، وفي معرض شيكاغو 1893 عرض إديسون وتيسلا اختراعهما في مجال الكهرباء، وفي معرض نوكسفيل 1982 عرضت أول شاشة تعمل باللمس، وفي أيشي اليابانية 2005 عرضت شاشة أتش دي.
وما حققته السعودية في إكسبو 2020 في دبي الذي أثمر عن تتويج الجناح الخاص بها بجائزة أفضل جناح مشارك واستقباله لما يربو على 5 ملايين زائر بما يعادل 24 في المائة من إجمالي الزيارات إلى إكسبو 2020، وستشارك السعودية في إكسبو أوساكا في اليابان 2025 التزامها بالتعاون الدولي من أجل تحقيق التنمية المستدامة إلى جانب ما تتيحه المشاركة من خلق فرص كبيرة للتعاون الدولي والاستفادة من التجارب العالمية لبناء عالم أفضل للجميع.
تقدمت السعودية في سبتمبر 2022 بملفها لاستضافة معرض إكسبو 2030 تحت شعار حقبة التغيير.. المضي بكوكبنا نحو استشراف المستقبل، وسيتم انتخاب الدولة المضيفة لمعرض إكسبو 2030 من قبل الدول الأعضاء في المكتب الدولي للمعارض في اجتماع الجمعية العامة المقرر عقده في نوفمبر 2023.
أكدت تجربة إكسبو دبي 2020 أن هناك حراكاً دولياً تجاه القضايا العالمية، وأن مراكز الثقل الاقتصادية والحضارية لم تعد مركزة في الدول المتقدمة فقط، والسعودية قادرة على تنظيم نسخة مبهرة دولياً، ومقر إكسبو دبي 2020 نفسه ينتظم فيه مؤتمر كوب 28 خلال نوفمبر 2023.
شهدت باريس أثناء زيارة سمو ولي العهد لها جولة منافسات ساخنة بين وفود الدول المرشحة الأربع لاستضافة إكسبو 2030 إلى جانب السعودية إيطاليا وأوكرانيا وكوريا الجنوبية، وحظوظ الرياض الأعلى بعدما وعدت الرياض العالم بأفضل نسخة إكسبو في التاريخ أمام ممثلي الدول الـ170 الأعضاء في المكتب الدولي وسط حضور إعلامي لافت تحت شعار معاً نستشرف المستقبل، وعرضت الهيئة الملكية لمدينة الرياض وشارك فيها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الذي يقود التحول الوطني غير المسبوق، وتعريف العالم بجاهزية الرياض لاستضافة إكسبو 2030 وقدرة الرياض على القيام بالإنشاءات والأنشطة المصاحبة طيلة فترة المعرض التي تدوم 6 أشهر، حيث شهدت مدينة إيسي ليه مولينو الواقعة على مدخل باريس الجنوبي، وفرنسا أعلنت دعمها ترشح الرياض، هناك اعتراف من قبل صحفي إيطالي بأن العرض السعودي يتخطى عرض بلاده بأشواط، وأوضح أن نقطة ضعف بلاده أنها تستضيف مدينة ميلانو في 2026 الألعاب الأولمبية الشتوية، وبالتالي حظوظ روما بالفوز لا تبدو مرتفعة.
حققت السعودية المرتبة الـ17 عالمياً من أصل 64 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم، أي تقدمت السعودية 7 مراتب في نسخة 2023 مدعومة بالأداء الاقتصادي والعالي القوي عام 2022 جعلها في المرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين لأول مرة، متفوقة على اقتصادات متقدمة مثل كوريا الجنوبية، ألمانيا، فرنسا، اليابان، إيطاليا ودول كثيرة جداً، ويشيد المعهد الدولي للتنمية بقدرة السعودية على تكييف سياساتها حسب المتغيرات الدولية، وحققت السعودية المرتبة الثالثة في مؤشر التحول الرقمي للشركات وقفزت بـ10 مراتب في تكلفة رأس المال، وترسيخ الريادة بتحقيق المرتبة الثانية في مؤشر الأمن السيبراني، علاوة على أن السعودية تستهدف جذب استثمارات بنحو 3.3 تريليون دولار حتى 2030 منها 30 في المائة لمدينة الرياض التي ستكون إحدى أفضل عشر مدن في العالم، وستنفق الرياض على إكسبو نحو 7.8 مليار دولار، وستخصص الرياض 343 مليون دولار لمساعدة 100 دولة في عدة مجالات مثل تشييد الأجنحة، والصيانة، ودعم التقنيات، والسفر، والفاعليات وما إلى ذلك.
من أولوية السعودية الاستراتيجية أن تقدم معرضاً شيده العالم للعالم، ومعرضاً يعترف بالتنوع العالمي، ويتيح الفرصة لمواصلة إرث المعارض الدولية، في وقت يسعى فيه المجتمع الدولي إلى الاستعداد للانتقال إلى مستقبل مستدام وأكثر مساواة نتيجة ما يشهده العالم من تحديات مشتركة تتطلب من المجتمع الدولي التغلب عليها من خلال الابتكار والاستدامة والشمولية، من أجل إحراز تقدم حقيقي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تبنتها الأمم المتحدة 2030 والتي تلتقي مع أهداف رؤية المملكة 2030 للوصول إلى مستقبل مزهر ومستدام، من أجل الرخاء للجميع والعمل المناخي، وكلها تكمن في صميم إكسبو الرياض 2030، خصوصاً وأن الرياض أصبحت وجهة سياحية عالمية استثنائية، وستكون جاهزة لاستضافة المعرض، وسيوفر معرض إكسبو الرياض فرصاً مليئة بالتحولات والتقدم الملحوظ.