صيغة الشمري
ليس هناك شيء يؤلمني أكثر من مشاهدة شخص أوقف حياته نتيجة كبوة ما أو صدمة ما سواء من صديق أو عدو، لم يعد قادرا على تجاوز هذه الصدمة ويرفض الخروج من منطقتها وكأنه أول ضحية في الكون أو أول شخص يتعرض لصدمة في الدنيا، جميعنا نتعرض لصدمات سواء من أحبة أو أصدقاء أو أهل أو زملاء عمل، ليس هناك من سلمت روحه من خدش نتيجة صدمة ما، ولكن من غير المنطقي أن يوقف الشخص حياته وينزل من قطار الأيام حابسا قلبه وروحه في قفص الصدمة والحزن وندب الحظ وكثرة اللوم الذي لا طائل منه سوى تجديد ألم الصدمة ووجع الجراح، حتى في حالة فقد شخص عزيز، تجد من حرم على نفسه الفرح والسلوان وكأنه يعتبر فرحه ونسيان الحزن على فقيده نوع من الجحود والغدر، بينما كل شخص عزيز يتمنى من الذين يحبهم أن لا يحزنوا لفقده ولا يوقفوا حياتهم حزنا على فراقه، ديننا العظيم منحنا وصفات كثيرة لتجاوز أي حزن أو صدمة، كذلك نحن كمجتمع ندفع ثمن ثقافة البعض التي تقلل من قيمة الشخص الذي يُعرف عنه مراجعة طبيب نفسي، كذلك تسارع الحياة الرهيب وايقاعها الجنوني وصخبها أفقدنا القدرة على الانتباه لمن هم حولنا من المصدومين الذين يخفون صوت أنينهم عنّا خوفا من شماتة جاهل أو فرحة عدو، إن لم تقف في مواجهة صدمتك أو حزنك كفارس شجاع لتقرر الخروج من المنازلة منتصرا بالضربة القاضية ستفقد الكثير من عمرك أو كله -لا سمح الله- في قفص وهمي يحرمك حقك في الحياة، تمنيت أن أهمس في أذن كل شخص يعاني من حزن ما أو صدمة ما أن لا يقرر مواجهتها لوحده في الانعزال والوحدة والابتعاد عن الناس لأن نهاية العزلة هي هزيمتك أمام أحزانك وصدماتك، تفقدوا أحبتكم الذين قرروا أن يختاروا العزلة والبعد عن الناس، لا تصدقوا أعذارهم الواهية في أن هناك راحة في الوحدة، شجعوهم على الذهاب للطبيب النفسي، ساعدوهم على تدوير صدماتهم لتصبح مصدر قوة لهم في خوض الحياة والنجاح بها، تخيل من يعز عليك وقد أنقذته - بعد الله - من خسارته لنفسه وكأنك تنقذه غريقا من البحر!