سقى الله تلك الأيام يوم كانت البيوت متواضعة والأسطح لا يفصلها سوى جدار قصير تقف بجانبه الأمهات يتجاذبن الحديث تحت أديم السماء لا كهرباء ولا مكيفات ثم تنسحب الواحدة قليلاً لتلقي بنفسها على الفراش الممتد على سطح المنزل وعند الاستيقاظ من النوم تُرخى الأعناق حتى لا يرى الجار جاره.
نعم نريد تلك الأيام بجمالها لا بفقرها وشح مصادرها المعيشية، أقول ما أحلى البساطة في صورها الإنسانية والدينية، جيل الماضي كانوا يألفون ويؤلفون يتهادون الثمار من تمور وخلافه وما تجود به الحال إذ كان الناس متساوين تقريباً في الدخول حتى لو وجد من عنده تجارة لايفضلهم بشئ كما يفعل تجار اليوم، فالمساكن واللباس في ذلك العهد الطيب متماثل والناس متواضعون يحبون بعضهم يلتمون بعد صلاة الظهر أو عند حضور الضيوف يحتسون القهوة مع بعض أو في إحدى الساحات يتجاذبون الأخبار والحراك ومايصير على مستوى البلد.
سقى الله تلك الأيام الجميلة كانت العادات الطيبة لاتتوقف تزاوراً وصلة أرحام واحتراماً للكبير وحرصاً على الجار حتى أن الجار عند غياب جاره يرعى هو وأهله جيرانهم لدرجة التواصي بوصلهم وتفقد أحوالهم ومدهم بكل ما يحتاجون وحسب المتوفر إذ كانت الدخول شحيحة ومع ذلك أفضالهم تمتد يدفعهم حب الخير والمثوبة من الله.
لمعت الفكرة كتغريدة في تويتر واستحثني الزمان الطيب بذكرياته لأكتب بعضاً مما أعرفه عن أهلنا وهي ذكريات كثيرة ومتعددة وأقول ليتها لا تندثر خُلقاً وتعاملاً وغيرة ومواطنة.