عبد الله سليمان الطليان
يبقى الإنسان في تركيبه المختلف إلى الآن مجهولاً رغم تقدم العلم في ذلك، الذي تنوع في البحث في جسده مادياً ومعنوياً ونفسياً الذي يؤثر فيه داخلياً وخارجياً وعلاقته مع بيئته ومجتمعه، وهذا من خلال علم النفس الذي سبر غور ذلك الجسد بالكثير من الدراسات والأبحاث منذ زمن، والتي لم تتوقف حتى اليوم. سوف نأخذ جانباً من علم النفس المتعلق بتكوين الشخصية الذي له أثر كبير في حياة الإنسان ويمكن أن يعتبر أنه الأهم، هناك نموذج علمي للشخصية يجمع بين الأبعاد (الأبعاد الخمسة الكبرى) نشأ هذا النهج مع اثنين من علماء النفس الأمريكيين، هما آرنست توبس وريموند كريستال، ثم تطور على أيدي بول كوستا وروبرت ماكراي وآخرين، اعتمد هؤلاء الرواد على فكرة أن سمات الشخصية، التي نعدها الأكثر أهمية يجب أن يتوافر ترميزها في اللغة اليومية، استخدموا تحليل العوامل على بيانات مسح الشخصية للكشف عن خمس مجموعات دلالية واسعة من بين الكلمات التي نستخدمها لنصف بها بعضنا بعضاً، وأصبحت هذه هي السمات الخمس أو أبعاد الشخصية الكبرى: الانبساط - الإنطواء -، والتوافق - اللاتوافق - الاستقرار العاطفي - العصابي، الواعي - اللاواعي، والانفتاح - الانغلاق أمام التجربة. الفكرة هي أن هذه الأبعاد مستقل بعضها عن بعض، ومن ثم فإن المعدل الذي تندرج به الشخصية في أحد الأبعاد ليس له تأثير على كيفية تقييمها بالنسبة لأيٍّ من الأبعاد الأخرى.
عند مقابلة شخص ما لأول مرة، غالباً ما يكون البعد الشخصي الأول، الذي يترك انطباعاً علينا هو الانبساط، فالشخصيات الانبساطية تتجه إلى الخارج وتكتسب الطاقة من تفاعلاتها الاجتماعية، ولأنها شخصيات مليئة بالحياة، فهي تستولي على الأضواء، وتجبرنا على ملاحظتها، وهي بصفة عامة شخصيات دافئة واجتماعية ونشطة وحازمة ومتفائلة، تنجذب إلى الإثارة. ومن جهة أخرى نجد الإنطوائيين, هم أكثر جدية بطبيعتهم، ويكتسبون الطاقة من قضاء أوقاتهم في هدوء بمفردهم أو بصحبة أصدقاء مقربين أو العائلة، وبينما يستخدم الانبساطيون أفعالاً كبيرة وحازمة وحوارات مكثفة لجذب انتباهنا، يمكن أن يكون الانطوائيون مقنعين بالقدر نفسه، لأنهم بالتحديد لا يكشفون سوى القليل للغاية.
البعد الثاني الذي نلتقطه بسرعة في الآخرين هو التوافق، عادة ما يكون الأشخاص المتسمون بالتوافق طيبين، وواثقين، ومتعاونين، ومباشرين، ومتواضعين ومتفائلين - وهي صفات نحبها عموماً في الآخرين. وعلى النقيض، عادة ما يكون الأشخاص غير المتوافقين والبغيضين أكثر أنانية متشبثين بالرأي وتنافسيين، وهم في كثير من الأحيان يتسمون بالشك في الآخرين والغطرسة والمراوغة.
البعد الثالث، العصابية، يتعلق بالطريقة التي نشعر بها عاطفياً تجاه العالم من حولنا، يميل الأشخاص، الذين يسجلون درجات أعلى في العصابية، لأن يكونوا أكثر حساسية لتقلبات الحياة، هم عادة أكثر عرضة للقلق والغضب والعداء والاكتئاب يشعرون بأنهم أكثر ضعفاً وخجلاً واندفاعاً.
البعد الرابع، الأشخاص ذوو المعدل المرتفع من الوعي يقودهم الشعور بالواجب والمسؤولية فهم يميلون إلى الشعور بالكفاءة، وهم يفكرون بتمعن وحذر، كما يهتمون بالانتظام والانضباط الذاتي، ويضعون الأهداف نصب أعينهم.
البعد الخامس والأخير هو الانفتاح على التجربة, يميل الأشخاص المنفتحون أمام التجربة إلى أن يكونوا مبدعين، يحبون تجربة أشياء جديدة ولديهم فضول فكري، مهتمون بأفكار وقيم مختلفة، يستمتعون عادة بالفنون والثقافة. وأخيراً أيها القارئ ومن خلال تلك السمات الخمس الكبرى لأي شخصية تنتمي من هذه السمات.