دهام بن عواد الدهام
أصدقكم القول، احترت كثيراً حين فكرت في الكتابة عن هذا الموضوع عن أي عنوان له، لأن الواقع صدمة دينية، فكرية، أخلاقية، إنسانية، وحضارية. وقبل هذا هي تحد كبير للدين (كل الأديان) وشرعة الله التي خلق البشر عليها من ذكر وأنثى، ما يحدث اليوم في بعض الدول تحد للطبيعة البشرية حتى الحيوانات التي لا عقول ولا عواطف ولا أخلاقيات لها تبقى ذكرا وأنثى، للأسف الشديد نحن مبهورون بحضارة الغرب، نعم التقدم العلمي، التقدم التقني، التقدم الصحي والصناعي والتجاري، كلها اليوم سمات الحضارة الغربية، مثل ما كانت حضارتنا الإسلامية ذات يوم منبع التقدم والرقي واستفادت منها شعوب العالم شرقا وغربا فإن حضارة هذه الدول اليوم تقود إلى مأساة للإنسانية وتنذر بشر مستطير في تقنين الانحطاط الأخلاقي في التحول بين ذكر وأنثى، سنوا القوانين وحطموا مؤسسة التعليم ودفعوا بأخلاق المجتمع إلى الحضيض، هناك أصوات مؤسسات ومنظمات وأفراد داخل تلك المجتمعات ترفض هذا السقوط، لكن دعم تلك الحكومات بالقوانين والأنظمة الملزمة تجعل مستقبل البشرية في خطر، فناء العنصر البشري وفناء الأسرة المنتجة المتوارثة. يا للهول يظهر رئيس دولة ليعلن وبكل جرأة أن بلاده بلاد المثلية وتحتفل بشهر (الفُجْر لا شهر الفخر) وتقول الولايات المتحدة الأمريكية إن جميع دول العالم من أجل إقامة علاقات مع القوى العظمى يجب أن تقبل زواج المثليين، وليس تلك الدولة وجارتها بأقل سوءا منها، حين تشرع تلك الحكومة القوانين والأنظمة التي تؤسس إلى تحول المجتمع إلى مجتمع شاذ، بل وصل بهذا السوء أن يُحارب كل من يبدي رأيه بهذا العفن الأخلاقي حتى وإن كانت هذه المجتمعات تتبجح بمبادئ الحرية في الاختيار والقرار، اليوم هذا المبدأ محرم على كل من ينتقد هذه المثلية البغيضة حتى ولو بعدم القبول، فما بالك في الحرب التي يتعرض لها أطفال المدارس حين رفضهم الانضمام لهذه الشرذمة المشينة.
مستقبل الأطفال والتعليم في قارب الخطر أمام هذه المواقف الحكومية التي تدعم المثلية وتعاقب كل من وقف ضدها أو حتى عدم الإيمان بها. ما يدور حول المجتمع العالمي الذي تقوده حكومات معينة توجه خطير لأن مراكز القوى الدولية تتبنى هذا التوجه وتنظر بالويل والثبور لكل من يعارض. وجدت هذه التوجهات أرضا خصبة في ساحات الأمم المتحدة التي من أهم مبادئها حفظ السلم والأمن الدوليين.. وإن حماية الأسرة والطبيعة البشرية هي من أهم مقومات السلم، كما أن المنظمات ذات الاهتمام والاختصاص إما بتشجيع أو حتى في السكوت عن هذه التصرفات (حتى وإن لم تنجح هذه القوى اليوم بفرض هذه الأجندة على تلك المنظمات الدولية). يتغنى الغرب في نغمة حقوق الإنسان والمرأة والطفل، لكن يتبين عند هذه الصفة أن لا حقوق إلا لما ترى هذه القوة التي تقف خلف هذا السقوط. طالب يهدد بالفصل لا لسبب إلا لكونه لم يحتفل مع تلك الشواذ في شهرهم وأكبر مقر حكومي في العالم يحتضن متحولا وهو يعلم أنها لا تمت للأنثى إلا بالشكل.. وطالب لم يتجاوز 14 من عمره تعتقله الشرطة ويفصل من مدرسته لمجرد إيمانه أن الجنس البشري اثنان لا ثالث لهما ذكر وأنثى (يقر دستور تلك الدولة للفرد بحق التعبير)، هناك في بلد يدعي التقدم والحرية تسلب طفلة من أهلها وتسلم لرجلين مثليين، أليس هذا من الخداع أو قبول الخداع، يبقى الرجل رجلا والأنثى أنثى يستميتون للتحدي الفكري بمصطلحات يرفضها العقل السوي، المرأة ليست شكلا خارجيا، هي تكوين بيولوجي {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} ومما يصعق الفكر الإنساني أن أشاهد أكبر وأهم تجمع عسكري في الكتلة الغربية) الناتو، يوحي بتغريده قال فيها الأمين العام للحلف (إن مهمة الناتو تتجاوز حماية الأراضي إلى حماية سكاننا المتنوعين) وأرفق فيها علم الشواذ، ربما هو يعبر عن رأيه وليس كل أعضاء الحلف لكنه أمينة العام. للتذكير هذا الحلف له مصالح في منطقتنا وله ارتباطات مصالح من خلال ما يسمى مبادرة اسطنبول، هل تتساوى هذه المصالح مع نهج ضد الإنسانية والفطرة السليمة. في المدارس وفي الصفوف الأولى فرضت مناهج للأسف في منظمات تعليمية تلزم طلابها بقبول هذا الانحراف والويل والثبور لمن يتجرأ لمجرد الصمت أو عدم الدعم بأنه ليس له مكان في هذا المجتمع وفي ذلك انهيار لتلك القيم التي ينادي بها الغرب، مبادئ الحرية وحقوق الفرد (اختار الشواذ شذوذهم، احترموا من يحترم جنسه ونوعه)تنادى الغرب بحرية فرد يحرق القرآن وأعطت الحق للمرأة حق الإجهاض لكنه تنكر على المرء (رجلا أو امرأة) أن لا يدعم هذا المجتمع الشاذ، يرون في حجاب المرأة المسلمة خطرا على المجتمع وتحارب من ترتديه، لكن تبجل سيدات الكنائس. مما يدعو للأسف في بعض قوانين الدول التي سُنت لدعم هذه المثلية منحهم حق تبني الأطفال في الوقت الذي يرفض هذا المجتمع فكرة الزواج الطبيعي.. نحن اليوم ولعل لنا إن شاء الله وبما تملي علينا شريعتنا وديننا وأخلاقنا سياجا قويا ضد هذا التيار العفن، لكن الخوف ليس من داخلنا لكن لما يمكن أن يكون قوة التأثير في مجتمعاتنا المسلمة والعربية.. تنشط في الغرب جهات لضرب عقيدة المسلمين وأخلاقهم بدعم حركات الشذوذ بكافة الأشكال والطرق، بل حتى تسهيل كل شأنه دعم وانتشار هذه الأفكار والمعتنقات الساقطة بين أوساط المسلمين، لا يزال هناك كثير من الخير في بعض من الدول الغربية والشرقية ضد هذا التوجه، لكن لا يكفي العمل الفردي ما لم يكن هناك تكاتف دولي من المجتمعات السوية لمحاربة هذا التوجه المرفوض، نعم هناك دول شرعت أحكاما ضد الشذوذ وضد السقوط الأخلاقي مما يفتح باب الأمل إلى تصد وتحالف دولي مضاد يحفظ للإنسان كرامته والمجتمع فضائله وأخلاقه (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا) ليت أوغندا بما سنته من قوانين تصبح قدوة ويطبق في دول أخرى. ويستند طموحي وأملي أن هذه القوى الفاعلة على الساحة الدولية المناهضة تقف بكل حزم أمام هذه التشريعات اللا إنسانية والتي تهدف إلى القضاء على العنصر البشري. نحتاج إلى التحصن من الخطأ ونطفي الحريق قبل أن يصل إلى زرعنا وحقولنا ولعلي أقول ولعلني على يقين أن حكومة بلادي وقيادتها لها موقف حازم تجاه هذا التوجه المنبوذ فقد أكدت معارضتها لمشروع قرار (في الأمم المتحدة يخص حقوق المثليين، مؤكدة في نفس الوقت على دعمها لحقوق الإنسان واحترامها للمواثيق الدولية المتعلقة بها، بما يتفق مع الشريعة الإسلامية. في حسابها على تويتر، وصفت وزارة الداخلية في المملكة مشروع القرار حول حقوق المثليين، بأنه مرفوض جملةً وتفصيلاً وفي حديث مندوبنا في الأمم المتحدة السابق السفير الرائع المعلمي رسالة لهذا العالم المتردي. إن هذه توجهاتهم ضد خلق الله وخلافة البشر لهذه الأرض ولعلي أكثر طموحا في اقتراح تصديات لهذه التحركات والوقوف بحزم تجاه كل من يدعم ويدعو إلى هذا الانجراف غير الدينيالأخلاقي.
هناك منظمات ومؤسسات دولية وشركات تقف وتدعم الحركة المثلية منتجي الأفلام والأعمال التلفزيونية ومحطات تلفزيونيه تخاطب المجتمع وخاص الموجة للأطفال والشباب شرائك للتأثير بهم حاولت هذه القوى استغلال كأس العالم لكرة القدم 2022 في الدوحة للترويج لهذا العفن من خلال بعض المنتخبات، بل ومن مسئوليها وفشلت وتحطمت آمالهم على أرض صلبة وكانت أعمالهم ونتائجهم عار عليهم، لكن من المؤسف موقف الفيفا وبعض مسئوليه في التساهل مع هذه التوجهات وهم يدركون مدى شغف الشباب في كرة القدم والصمت تجاه تلك المحاولات الخبيثة (تركز هذه المجموعات ومن يقف خلفها إلى غزو عقول الشباب وتلميع صورة مبدأ التحول الجنسي)، تقول هذه الحثالة.. (إذا رفضتك عائلتك نحن عائلتك) وأنا أسطر هذا المقال مر بي يوم الأب (الغرب يعشق مثل هذه الأيام هل سنراه يحتفل به مستقبلا من هو الأب الذي ستحتفل به الأجيال المقبلة هناك، من هنا لا بد أن تربط مصالح هذه الشركات والمنظمات والمؤسسات التي تبحث عن مصالحها في عالمنا العربي والإسلامي وفي بعض مناطق العالم أن وقوفها ودعم هذه الحركة الدنيئة يتعارض مع ديننا وقيمنا مما يؤثر في مصالحها ويهددها بزوال هذه المصالح، سأتحدث بصراحة نحتاج أيضا إلى دور جماعي مع منظمات دولية فاعلة ما زالت تقاوم إقرار المثلية، لمقاومة هذا الخطر ليس على بلادنا وحدها ولكن على المستوى البشري، إن لم يكن في هذا الانحراف القضاء على سنّة البقاء البشري فنتاج هذا الانحراف من أمراض وتحطيم للأسرة التي هي نواة للمجتمعات السليمة... خاصة أن تقارير نشرت بداية هذه الحركة ما نسب إليها من تفشى مرض الإيدز..
قبل الختام، رسالة عابرة إلى هـ. د
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور:19).
... إذا بليتم فاستتروا...