د.عبدالرحيم محمود جاموس
المطلوب فلسطينياً أولاً وقبل كل شيء، إنهاء حالة الانقسام، الذي أحدثه الانقلاب الحمساوي الإخواني في صيف عام 2007م في قطاع غزة، لأن هذا الانقلاب وما نتج عنه من حالة التفرد في حكم غزة، لم يكن له، ولم يبق له أي مسوغ أو مبرر الاستمرار فيه والتمسك بنتائجه المدمرة للقضية الفلسطينية، التي قد ألحقت الضرر البالغ والكبير بالشعب الفلسطيني وبصورته أمام العدو والصديق، كل هذا من قبل فصيل معين بعينه، فقد أوجد للعدو زمنا طويلا ومساحة واسعة لسفك دماء شعبنا في قطاع غزة وفي بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحرف بوصلة نضال شعبنا عن مواجهة معاركه الرئيسة في القدس والضفة ومعركة النضال من أجل انهاء الاحتلال الغاشم واقتلاع الاستيطان العنصري البغيض من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إن استمرار الانقسام قد جعل من قطاع غزة على مدى سبعة عشر عاما مأساة مؤلمة يتلهى بها ويتاجر بمعاناتها، وتحول قطاع غزة إلى حقل لتجارب أسلحة العدو واستعراضاته العسكرية والدموية فيه.
إن القضية الفلسطينية، قضية واحدة وموحدة لا تقبل التجزئة ولا التقسيط، وهي أكبر من أي انتماء لهذا الفصيل، أو ذاك الفصيل، إنها قضية شعب واحد موحد ووطن واحد وموحد، يجب أن يتحررا من ربقة الاحتلال الغاشم، وأن يحييا حياة طبيعية حرة سيدة مستقلة.
إن القضية الفلسطينية، ليست قضية فصيل محدد بعينه، يريد التفرد بالقرار بشأنها سلما أو حربا أو تهدئة أو هدنة هنا أو هناك وفق مصالحه ووفق ارتباطاته الخاصة، وأن يعمل على حرف البوصلة النضالية للشعب الفلسطيني كيف يشاء، ووقت يشاء، أو وقت ما يطلب منه من قبل الأصدقاء أو حتى الوسطاء والأعداء...!
لقد تحول المشهد الفلسطيني بسبب الانقسام إلى مهزلة وأتاح الفرص المتوالية للعبث بالشأن الفلسطيني...
يجب على الجميع السمو بالقضية عن كل الاستقطابات والتوظيفات السياسية المختلفة التي لا تخدم الشعب الفلسطيني وقضيته..
رغم كل ذلك وبكل فخر واعتزاز أسجل انتمائي لشعبي الفلسطيني العظيم الصامد والعنيد في كل أماكن وجوده والمتمسك بقضيته العادلة، بوعي وعقل منير، لا يقبل التأجير ولا يميل حسب الأهواء، علينا جميعا أن نرتقي من الولاء للفصيل أو للحزن إلى الولاء الكلي للوطن وللشعب ومصالحه التي لا تتقدم عليها أي ولاءات أو أي مصلحة حزبية أو فصائلية أو جهوية أي كانت ومهما علا شأنها..
إن المس بوحدة القضية، كما المس بالوحدة الوطنية لشعبنا وقواه الفاعلة، يعد جريمة كبرى لا تغتفر، لما يمثله ذلك من أخطار جسيمه على شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة ومستقبله..
لذا نعيد ونؤكد على المطلوب فلسطينيا أولا وقبل كل شيء، هو انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، ووحدة الجغرافيا والنظام السياسي الفلسطيني، وعدم التفرد بالقرارات الخاصة بالسلم أو بالحرب من هذا الفصيل أو ذاك مهما علا شأنه وأثره.