د.أمل بنت محمد التميمي
تهنئةً من القلب للشخصية المكرمة، وشكراً لأهل التميز والأسبقية في تكريم أهل العلم. ولكل من ساهم في إقامة هذا الحفل موفورُ الثناء.
نجتمع اليوم لتكريمِ شخصيةٍ وطنيةٍ فاعلةٍ هي سعادة الطبيبة البرفسورة سلوى الهزاع، اخترت عنوان ورقتي هذه بـ (طبيبة الملك)؛ لأن هذه الطبيبة العالمية أمضت 35 (خمسةً وثلاثين ) عامًا في خدمة وطنها وأوصلت اسم بلدها إلى العالمية، فلقبت بطبيبة القارات الخمس.
لقد كان يوم تكريم الدكتورة سلوى الهزاع حدثًا في حياتها تاريخيًّا جميلًا، وكذلك حدثًا ملهمًا في حياتي يستحق أن يكتب للتاريخ، وبذرة هذا المقال كانت مشاعرَ مخبأة في داخلي منذ سنوات، ولم تكن مجردَ ورقةٍ قدمتها بمناسبة تكريمها فحسب، في ثلوثية بامحسون يوم الأربعاء 31 مايو 2023م، ولقد شعرت يوم طلب مني تقديم ورقة في حفل تكريم الدكتورة بأن الأحلام التي تمنيتها في الخفاء تتحقق ولو تأخرت. وكذلك أدركت أن ثمة رسالة سماوية لكل البشر مفادها (أن الله يحقق الأماني لنا ولا ينساها)، فالدكتورة سلوى الهزاع تمنت أن تدرس تخصصًا معينًا يمكنها من تمثيل بلدها، واختار لها والدها أن تدرس الطب، ولم تكن تعلم أن اختيار والدها لها أن تدرس الطب أنها ستكون طبيبة عالمية، ولكن حقق الله لها حلمها، فالحكمة ليست في اختيار تخصص الطب بذاته، فهناك الآلاف المؤلفة من الطبيبات اللاتي يخدمن الإنسانية، ولكن الطبيبة سلوى الهزاع تمنت على الله أن تمثل بلدها فاختار الله لها الطب والتدريس والسياسة لتمثل المرأة السعودية في القارات الخمس. ولقد اكتشفتُ سماتٍ إنسانية عديدة في الطبيبة الهزاع تميزها عن كثير من البشر؛ ولذلك اختارها الله لرسالة عالمية.
وطنية، قدوة، فذة، ملهمة، إنسانية، معطاءة، مغامرة، ناصحة، مرشدة، داعمة، مؤثرة.
ولو فكرنا في سبب اختيار الله لأكون المتحدثة عن الدكتورة سلوى الهزاع في حفل تكريمها في ثلوثية بامحسون، لوجدنا أنه يعود إلى المحاضرات الأولى التي ألقيتها بعد عودتي من الابتعاث إلى جامعتي حينها جامعة الدمام (1433هـ – 2011م)، فقد كنت أوظف تخصصي (السيرة الذاتية) في التدريس والمسرح والأنشطة والإرشاد الأكاديمي، وعندما وقفت أمام الطالبات في مسرح الأميرة جواهر بنت نايف بكلية العلوم لأتحدث عن الرائدات السعوديات، كان الحضور كبيرًا لنتحدث عن الرائدات السعوديات بوصفهن قدوات. وقامت بعض الطالبات بعرض أفلام وثائقية لمجموعة رائدات سعوديات، وتمنيت حينها أن تجمعنا مناسبة لنكرمهن جميعًا. لا تعرف المرأة السعودية بأننا نستعرض أعمالها في القاعات الدراسية والمسارح الجامعية لنستكشف أسرار نجاحاتها، يتكرر الحب باستعراض نماذج الرائدات من القدوات في شتى المجالات، ليأتي اليوم الذي ألتقي فيه بأجمل سيرة لامرأة سعودية سلوى الهزاع، تمنيت تكريمها بما يليق بها، وأحمد لله أن ذلك حصل في حياتي ويختارني الله لأكون معها في هذه المناسبة، وأكتب عنها. وحينما عرفت الشخصية (الرمز) القدوة والملهمة د. سلوى الهزاع عن قرب عرفت عنها أكثر وأكثر مما قرأت، وسمعت عنها ممن لهم معرفة بها أسرارًا تجعلنا نستكشف سر النجاحات المتتالية التي حققتها. ولو كُتبتْ سيرة الدكتورة سلوى بطريقة متميزة، تظهر الجانب الإنساني فيها، وتوثيق الشواهد من قبل معارفها، فستكون هذه السيرة نموذجًا يحتذى يمكن تدريسها لأهل الاختصاص، ولمن يرغب في اكتشاف أسرار النجاح ويرتقي سلم المجد.
حينما تكتب عن شخص تحبه كثيرًا أو تكون معجبًا به كثيرًا تشعر بالتقصير وبالعجز معًا، ولكنني حاولت هنا أن أكتب ورقة تكون خطاطة أولية لكتابة سيرة (طبيبة الملك)، تعبر للقرّاء عما أشعره به تجاه (طبيبة الملك...وحبيبة الشعب). وفي هذا الشعور ممتنة كثيرًا بعد شكر الله للجنة التي اختارتني، ولسعادة الشيخ عبد الله سالم باحمدان. ولسعادة الشيخ عمر عبد الله بامحسون. لأنهما يكرمان الأشخاص في حياتهم، ولأن ثلوثية بامحسون تهتم بتكريم الشخصية تقديرًا لجهودها وعملها.
نجتمع اليوم لتكريم شخصية وطنية فاعلة هي سعادة الطبيبة الدكتورة سلوى الهزاع، شخصية يتضح من مقابلاتها وأحاديثها تأثير الأب عليها. لتجعل من صورة الأب أسطورةً للنجاح، وقد كانت هناك قصص وحكايات كثيرة خلف هذا التأثير للأب. فلا نستهين في تأثير الأب على كل سيدة ناجحة خدمت وطنها.
سبب اختيار عنوان طبيبة الملك
اخترتُ عنوان ورقتي هذه (طبيبة الملك)؛ لأن هذه الطبيبة العالمية أمضت 35 (خمسةً وثلاثين) عامًا في خدمة وطنها وأوصلت اسم بلدها إلى العالمية، فلقبت بطبيبة القارات الخمس. ثم تابعت خدمة الوطن بإنشاء (سدم) لتكمل مسيرة 40 عامًا في خدمة الإنسانية. وتعد سدم اليوم انعكاسًا جليًّا لأحد الطموحات التي تسعى الدكتورة سلوى الهزاع الرئيس التنفيذي والمؤسس لسدم إلى تحقيقها، وهي تتلخص في تبني الذكاء الاصطناعي في الصحة.
وتبدأ قصة التمكين لها بحكايات كثيرة ومنها أن هذه الطبيبة السعودية الاستثنائية كسبت ثقة الملك، فالملوك حينما يختارون من يكون طبيبًا لهم يختارون من يكون صاحب علم وأمانة وخلق وسمعة جيدة، ولم يكن اللقاء القدري الذي جمع الطبيبة سلوى الهزاع بالملك فهد سببًا في اختيار هذا العنوان فحسب، بل لأن الطبيبة محظوظة بدعم ملوك آل سعود، فلقد حظيت بالتمكين في وقت مبكر نسبيًّا في بلادنا، لذلك فقد أردتُ من خلال اختيار هذا العنوان أن أشيرَ إلى تمكين المملكة العربية السعودية للمرأة منذ زمنٍ مبكر، والعصر الحالي هو امتدادٌ للسابق بخططٍ استراتيجية، فالدولة جارية في تمكين المرأة بطرق متعددة.
فالدكتورة سلوى عملت منذ عام 1997م وحتى 2020م رئيسةً لقسمِ العيون بمستشفى الملك فيصل التخصصي، وهي أطولُ فترةً تاريخية لرئيسة قسم في أكبر مستشفى في الشرق الأوسط، وهذا بدعم من الملك الممكنِ للمرأة السعودية. والأهمية التاريخية لتمكين المرأة في السعودية هي نقطة الانطلاق لهذه الورقة.
فقد عُينت الدكتورة سلوى الهزاع بمرسوم ملكي من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- في تاريخ 5-11-2020م في مجلس أمناء الجامعات في جامعة الملك عبد العزيز.
وعُينت الدكتورة سلوى الهزاع بأمر ملكي من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- في تاريخ 11-1-2013م ضمن 30 امرأة سعودية عضوًا في مجلس الشورى في خطوةٍ تاريخية سمحت للمرأة لأول مرة بالانضمام إلى المجلس.
فالدكتورة سلوى الهزاع حظيت بثقة ملوك آل سعود أدام الله عزهم ودعمهم لخدمة الدين والإنسانية في العالم بأجمعه. وحينما نتصفح حياة الدكتورة تسحرنا كلماتُها الشامخةُ شديدةُ الشبه بلغة آل سعود. أما عن عراقةِ التربية التي حظيت بها الطبيبة السعودية سلوى الهزاع فنتمنى أن كل بنات السعودية شبيهاتٌ بسلوى الهزاع. وسنشير هنا إلى الطريق الذي سلكته سلوى الهزاع لتكون قدوةً لامرأة سعودية رفعت علم المملكة على أراض ٍكثيرةٍ في الكرة الأرضية.
الدكتورة سلوى الهزاع هي من خريجات جامعة الملك سعود، بكالوريوس في الطب والجراحة عام 1986 فهي منتج سعودي إنساني وعلمي. بدأت مشوارها العلمي من جامعات السعودية، ومثلت المرأة السعودية في العمل السياسي من بلدها؛ لذلك يحق لها أن تلقب بـ(طبيبة الملك) التي تأسست علميًّا في مجال الطب من (جامعة الملك سعود) ثم استمرت في رفع راية بلدها في كل المنابر الدولية.
لا يمكننا تقديم إحصائيات كاملة عن إنجازات هذه المرأة السعودية، فلها إنجازات متعددة في مجال الطبِ وخدمةِ المجتمع والإنسانية، ولكن نريد أن نلفت النظر إلى جانب التأثير والحضور العالمي في شخصيتها، فقد حصلت على جوائز عالمية كثيرة منها جائزة المرأة العربية المتميزة في مجال الطب وخدمة المجتمع أكثر من مرة، واختارتها مجلة فوربس العالمية واحدة من «أقوى النساء العربيات» تأثيرًا لسنوات طويلة، فالخط التاريخي للدكتورة سلوى الهزاع يسير في قفزات ناجحة متتالية وكذلك تمتاز بمواصلة النجاح والاستمرار وهي تخدم الإنسانية بحسٍّ وطنيٍّ عالٍ.
نحتفي اليوم بشخصية وطنية خدمت الوطن في مرحلة تاريخية لها ظروفها الخاصة والمختلفة تمامًا عن المرحلة الحالية المهيئة للمرأة السعودية في كل مظاهر التمكين.
إن طبيبة الملك سيدة استثنائية في مرحلة تاريخية صعبة، فقد قيل للدكتورة سلوى الهزاع بعد استدعائها لعمل فحص طبي للملك فهد رحمه الله «أنتِ أول امرأة تدخل القصور الملكية» وقيل لها أيضًا: «د. سلوى أول مرة أشوف امرأة من أي جنسية تدخل القصور الملكية»، هذه الثقة الملكية في امرأة سعودية لها أسباب عديدة، منها: المكانة العلمية، واحترامها للعادات والقيم، وحبها العميق لخدمة الإنسانية وولاؤها لوطنها، لذا وثقت بها الأسرة الملكية، فأكملت علاج الملك فهد والأمير سلطان والأمير نايف والملك سلمان حفظه الله.
ولو أمعنا النظر في تقسيم حياة الدكتورة سلوى الهزاع، لوجدنا أنها تنقسم إلى ثلاث مراحل رئيسة، هي:
1. مرحلة تكوين الثقة والكفاءة الذاتية.
2. مرحلة العمل والشعور بالنجاح والإنجاز.
3. مرحلة التحول.
في مرحلة تكوين الثقة والكفاءة الذاتية، كانت الدكتورة سلوى الهزاع حظيظة عندما زُرعت الثقة في قلب الابنة، فتربيتها في طفولتها في أمريكا شكلت شخصية مستقلة، وبعد عودة الهزاع إلى السعودية احتاجت الكثير والكثير من الجهد لتكسب ثقة مجتمعها، بمساعدة أسرتها، فهي تحكي أصعب المواقف التي مرت بها في فترة الثمانينيات (المناوبات في المستشفى)، تقول الدكتورة: «كانت أمي إذا حضر ضيوف من العائلة وصادف يوم مناوبتي في المستشفى فإنها تضع الشرشف لتقول سلوى عندها اختبار ونائمة»، حتى لا يلوم أحدٌ من عائلتها غيابها عن البيت، فهي في مجتمع ينتقد وتخاف على ابنتها من الانتقاد السلبي. وتكرار مثل هذه المواقف من الأسرة عززت الثقة بالابنة التي أصبحت طوال مشوارها المهني تضع اسم والدها أمام عينيها بأن تحترم هذا الاسم الكبير والشامخ.
توالي نجاحاتها العلمية أيضًا ضاعف من الثقة بالنفس وضاعف من ثقة الدولة فيها، لنرفع صوتنا بشموخ إنها طبيبة الملك.
سأشارك معكم دروسًا رائعةً من حياة الطبيبة الناجحة عالميًّا، فهي ملهمة في تأثير الرجل في حياتها وسبب في نجاحها (ابنة مطيعة لوالدها لم تخرج على عادات مجتمعها – شخصية تتزوج بطريقة تقليدية وتعترف بأنه زواج تقليدي ناجح – مارست حرية تتمناها كل النساء).
حينما أوصي طالباتي بالبحث عن سير سيدات صاحبات بصمة فغالبًا ما يتم اختيار الدكتورة سلوى الهزاع، بوصفها ذات خبرة طويلة في مجال طب العيون وفي المثابرة للوصول إلى قمة النجاح رغم التحديات.
ويمكننا أن نؤطر لهذه التجربة الثرية بثلاثة محاور أساسية:
المحور الأول: محور مصادر سيرة الدكتورة سلوى الهزاع.
المحور الثاني: مراحل حياة الطبيبة.
المحور الثالث: مميزات وخصال الطبيبة.
المحور الأول: مصادر سيرة الدكتورة سلوى الهزاع.
كنت أبحث وأتصفح عن سيرة الدكتورة سلوى الهزاع فوجدت كثيرًا من المقابلات التلفزيونية معها في برامجَ متعددة، منها: برنامج (من الصفر)، وبرنامج (الإيوان)، وبرنامج (قصة نجاح)، والعديد من اللقاءات في المجلات والصحف العربية والأجنبية، وموقع إلكتروني فيه معلومات تفصيلية عن حياة سلوى الهزاع العلمية والمهنية والجوائز. ونلحظ وجود العديد والعديد من المصادر التي تتحدث عن سيرة الطبيبة سلوى الهزاع بأنها من مواليد الرياض، وهي الابنة البكر لخمس بنات لوالدها اصطحبهن إلى أمريكا وهن أطفال ثم عاد بهن وهي في سن السادسة عشرة إلى السعودية، والدتها مزنة العامر، ومتزوجة من الأستاذ/ عبد الله حمود العبيد الله مدير عام معادلة الشهادات الجامعية في وزارة التعليم سابقًا. ولديها ثلاثة أولاد: د. مشعل طبيب، ونايف إدارة أعمال، المهندسة هالة هندسة معمارية.
وفي اللقاءات التلفزيونية نتعرف على هوية امرأة سعودية لها مكانة عالية؛ لذلك اهتمت القنوات التلفزيونية باستضافتها، وبعدما تشاهد المقاطع الكثيرة تستشعر كثرة الشواهد الإعلامية لوقائع عاشتها الدكتورة في شكل بناء هرمي، يعكس استخدامَ تكنيك التخطيط للحياة العامرة بالعلم والإنجاز وتحدي الصعوبات، وتجيد الدكتورة سلوى الهزاع لغة الحديث والتصوير والوصف بقدرة تجعل المتلقي يتابع التدفق الوجداني في استرجاع الذكريات، لذلك جاءت بعض مواقف الحياة في شكل شذرات ومقاطع في اليوتيوب تحت عناوين جذابة وهي بمثابة عناوين فصول لكتاب لو أردنا جمعها.
شخصية يتضح على كل مقابلاتها وأحاديثها تأثير الأب. لتجعل من صورة الأب أسطورة النجاح، قصص وحكايات خلف هذا التأثير، فلا نستهين في تأثير الأب على كل سيدة ناجحة خدمت وطنها. وأنت تستمع لصوت الدكتورة سلوى الهزاع تشعر بذاك التدفق الشلال لامرأة سعودية تحكي بصوت ابنة ممتنة لأب ساعد في تشكيل امرأة واثقة بنفسها، وبصوتِ عالمةٍ تصعد الجبال الشامخات المؤدية إلى قمة النجاح، وبصوت زوجة تشعر بأنوثتها في كنف رجل وأم حنون، تجمع بين انفتاح العالمية واحترام العادات والقيم.
ولها رؤية أعجبتني كثيرًا في الابتعاث حيث تقول: ثلاثة أجيال من أسرتي ابتعثت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والدي وهي الدكتورة سلوى نفسها، ثم ابنتها هالة، فأكثر ما يقوي علاقات الدول بعضها ببعض الطلبة المبتعثون. فقد استطاعت الدكتورة سلوى بعد أحداث 11 سبتمبر في عام (2002م) أن تكون عضوًا في المجلس العالمي للعيون في أستراليا وهي المرأة الوحيدة في المجلس العالمي للعيون، وتتكلم باسم السعودية ووجودها بوصفها امرأةً سعوديةً ومن موقعها بصفتها رئيسةَ قسمٍ له تأثيرٌ في تغيير نظرة العالم إلى المملكة العربية السعودية ولمكانة المرأة فيها، فالدولة تثق بطبيبة القارات الخمس لتمثلها عالميًّا. فهذا التواجد دليل على دعم المملكة للمرأة وهي تستحق أن تلقب بطبيبة الملك ليس فقط لأنها تعالج الملك ولكنها كونها تمثل الملك في العلاقات الدولية.
المحور الثاني: مراحل حياة الطبيبة.
ومن خلال متابعة مراحل الدكتورة سلوى الهزاع نجد أنها مقسمة إلى المراحل الآتية:
1. مرحلة النشأة في أمريكا.
2. مرحلة دراسة الطب في السعودية.
3. مرحلة الزواج وتوسع الآفاق والابتعاث.
4. مرحلة القيادة وقوة الاستمرار.
5. مرحلة التحول (تعلم تخصصات جديدة تخدم الوطن).
وفي مرحلة التحول تفاجئنا الدكتورة بدراسة تخصص يخدم الإنسانية، فهي حاصلة على ماجستير في الإدارة الطبية تخصص الذكاء الاصطناعي في صناعة الرعاية الصحية عام 2019 من «جامعة كاليفورنيا الجنوبية» في الولايات المتحدة الأميركية، وبدأت الطبيبة العالمية تواكب المستجدات لتصبح من (القدوات في الحياة)، فأصبحت رائدة في التحول الرقمي لخدمة الإنسانية.
المحور ا لثالث: مميزات وخصال الطبيبة.
تجمع الدكتورة سلوى بين الطبيبة العالمة، والسياسية التي تسعى لخدمة الوطن ولديها رسالة وطنية وإنسانية، والمواكبة للمستجدات. وكذلك لها رسائل إيجابية في التربية والدعم والتشجيع وبناء الأسر حيث تقول: (القدوات في الحياة تنطلق من الأسرة التي تعد الوحدة الأساسية بالمجتمع وتلعب دورًا حيويًّا لتكون قدوة لجميع أبنائها.
* أستاذة بجامعة الملك سعود
قالوا عنها:
تواصلتُ مع المجايلين لها، فسألت كثيرًا عن كيفية تعامل الدكتورة سلوى في محيط عملها، لنخرج بدروس في الحياة والإدارة والمهنة والعلاقات، وسألت الأصحاب والمقربين للدكتورة سلوى الهزاع، فهزتني الكلمات والذكريات وليتنا نستلهم مما قالوه عن سيرة سلوى الهزاع دروسًا وجمالًا، سمعت ما يرفع الجباه شموخًا، تترقبون لما استمعت إليه، كلام كثير عن خدمة الوطن، ولكن أدعوكم لبرهة أن تمعنوا النظر في خصائص الرمز، ونستنبط من الخفايا المليئة بالمزايا؛ لنستفيد منها ونتفاعل مع نموذج إنساني باهر، لندرك بعدها أننا أمام قدوة مميزة.
سأذكر بإيجاز طرفًا مما سمعت من مشاعرهم ورأيهم.
الدكتورة عمادية محمد مدني زكري
د. عمادية محمد مدني زكري. مستشارة أسرية ونفسية قالت: «سألقي الضوء على الجانب الإنساني والتربوي والاجتماعي من خلال معرفتي بالبروفيسورة سلوى منذ أكثر من خمسين سنة. أعرف البروفيسورة العالمية سلوى عبد الله الهزاع منذ عام 1969م لليوم. كان والدها وزوجي غفر الله لهما ورحمهما مبتعثين للدراسة في مدينة توسان ولاية أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية، كنا صغارًا في العمر، أنا أكبر منها ولكن ربطتنا العلاقات الدينية والإنسانية واللغة والجنسية، علاقة اتسمت بالحب والاحترام والذكريات الجميلة التي من الصعوبة نسيانها خاصة وأن والدتها السيدة الفاضلة مزنة العامر كانت نموذجًا للمرأة السعودية المحافظة والأم الرؤوم والأخت الحنون ليس لبناتها فقط ولأسرتها بل لجميع نساء المجتمع السعودي والعربي في توسان إذ احتوتنا بالنصح والتوجيه والكرم والمساعدة في مجالات متعددة يصعب ذكرها لكثرتها، هذا ما كان له أثرٌ في أنفسنا وانعكس على سلوك وتربية البروفسورة وأفراد أسرتها فدماثة الأخلاق والأدب والاحترام كان جليًّا عليها إلى جانب الذكاء والطموح وحب العلم إذ كانت من المتفوقات دراسيًّا والمحافظات على ملازمة النساء الكبار الأمريكيات خاصة، لتتعلم منهن اللغة والخبرة والتجارب في مجالات الحياة الأمريكية بالرغم من صغر سنها. استمرت العلاقات بعد عودتنا لمدينة الرياض ولمملكتنا الحبيبة وما زالت الغالية وأسرتها محل احتضاننا وإكرامنا ومتابعة أحوالنا والمشاركة في المناسبات إلخ... ولم أفاجأ بما وصلت إليه ما شاء الله لا قوة إلا بالله، ولأنها أصرت بالرغم من كل العقبات الأسرية التي واجهتها في تلك الفترة إلا أن والديها وأفراد أسرتها كانا بعد الله سندًا لها لتستكمل مسيرتها العلمية. لا أنسى أنها دائمًا تغمرني بكرمها عند اتصالي بها في أي وقت وطلب المشورة الطبية لي ولأسرتي وأحبتي وكان لهذه المشورة الأثر الكبير في تفادي كثير من المشكلات ولله الحمد».
وتقول د. آمال أحمد المالكي استشارية طب العيون: «الإنجاز العلمي والمجتمعي للدكتورة سلوى فهو معروف عالميًّا، ولكن في التعامل الشخصي فهي تمثل لي المستوى الراقي للمرأة السعودية.. ولقد عملت ضمن الفريق الطبي تحت إدارتها لسنوات عديدة ولمست إمكانياتها العالية علميًّا وإداريًّا وأيضًا اجتماعيًّا مع الأطباء والفنيين والإداريين. ويجتمع هذا كله في إطار رزين ماضٍ بهدوء في ثبات ومسؤولية فهي تقدم الكثير للمرضى والمجتمع بتواضع واحترام».
ومما قاله د. خالد مناع القطان عميد كلية الطب في جامعة الفيصل: «تهتم د. سلوى بالعلم والتعليم وتحرص دائمًا على تعليم طلاب كلية الطب وطلاب الزمالة في قسم العيون بأسلوب خاص، تقلدت د. سلوى مناصب أكاديمية عالمية ومحلية منها مرتبة أستاذ متعاون في كلية الطب جامعة الفيصل، وقد ساهمت في وضع المناهج الخاصة بطب العيون بالتعاون مع مؤسسة هارفارد العالمية، عندها شغف للتعليم والبحث العلمي مما جعلها مثالًا يحتذى به عند كثير من الطلاب، حققت أعلى الدرجات في استفتاء أفضل أستاذة في كلية الطب، والتحق كثير من الخريجين في برامج طب العيون نتيجة تأثير د. سلوى عليهم في حب هذا التخصص الدقيق، وكذلك يقول نبارك للدكتورة هذا الإنجاز ونشكرها نيابة عن آلاف الطلاب على ما تبذله من جهود في خدمة العلم بالتدريس والبحث العلمي المتواصل».
يقول معالي عبد العزيز الدخيل عضو مجلس الشورى سابقًا: «كان والدها رحمه الله الذي يحضر للماجستير في توسان بولاية أريزونا هو عمدة السعوديين في تلك المدينة وكان يحيط برعايته القادمين إليها لإكمال دراستهم الجامعية والعليا وكان بيته مفتوحًا لكل طارق حتى الضيوف المؤقتين ...عرفت الدكتورة سلوى عندما بدأت على سبيل التجربة أجري اختبارات الذكاء وتبين لي من هذه الاختبارات مدى ذكاء سلوى وهي في مرحلتي الدراسة الابتدائية والثانوية في توسان ومدى حماسها للتميز».
يقول قيس سيف الدولة ضرار، مدير الابتكار الصحي ومحاضر أول في الإحصاء وعلم الأوبئة بجامعة الفيصل، وطالب دكتوراه في الصحة العامة بجامعة هارفرد في الولايات المتحدة الأمريكية: «عرفت الدكتورة سلوى الهزاع بوصفي صديقًا لأبنائها منذ بداية الدراسة الجامعية، فكان لجميع أفراد الأسرة مكانة خاصة في قلبي بكرم أصلهم ودماثة أخلاقهم مؤكدًا المثل وبيت الشعر القائل:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبًا طيب الأعراق
ما زلت أذكر أول لقاء لي مع الدكتورة سلوى منذ أكثر من عشر سنوات خلال دراستي الطب بجامعة الفيصل، فكان لحضورها القوي أعمق الأثر فينا جميعًا، فألهمنا شغفها وعلمها وخبراتها في تخصص العيون وعلاج المرضى للسعي قدمًا في تتبع خطواتها واتخاذها قدوة لنا خصوصًا لما وجدناه في أهدافها لتطوير الكوادر العلمية والطبية في المملكة العربية السعودية، ثم بعد تخرجي من كلية الطب تقاطعت سبلنا مرة أخرى عندما اشتغلت في الأبحاث العلمية فكانت الدكتورة سلوى السند الداعم لي للسعي وراء أحلامي وطموحي وكان لها الفضل أثناء عملي تحت إدارتها في قسم العيون في مستشفى الملك فيصل التخصصي في فتح آفاق علمية جديدة فأثمرت تلك النصائح والإرشادات بفضل الله ثم بفضل دكتورة سلوى فكانت نتيجتها تأهلي للالتحاق ببرنامج الزمالة في جامعة هارفرد، ثم درجة الماجستير في الصحة العامة من جامعة واشنطن في سانت لويس ثم درجة الدكتوراه في الصحة العامة من جامعة هارفرد، والشكر في حقها قليل فأثناء عملي معها لا يخفى على أحد أنها في عمل دؤوب يحتم على من يكون معها بأن يرتفع إلى مستواها مستندًا على دعمها ونصحها ويتخذها مثلًا أعلى، وكان لذلك عميق الأثر في شخصي المتواضع، فأسهم ذلك في نجاحي وتخطيط مسيرتي المهنية بشكل فعال، فقاد ذلك إلى التحاقي بجامعة هارفرد للحصول على درجة الدكتوراه، الحديث عن الدكتورة سلوى وتعاملها معي كطالب وطبيب يطول وتبقى هي الشمعة التي تنير الطريق للآخرين في مسيرة طويلة من العطاء لها مني جزيل الشكر والعرفان».
ويقول معالي الدكتور عبدالرحمن السعيد مستشار بالديوان الملكي سابقًا: «تمثل الأستاذة الدكتورة سلوى الهزاع النموذج الطليعي من المرأة السعودية التي اقتحمت بوابات كنا نظنها مؤصدة في وجه بناتنا، ربطتني بوالدها رحمه الله الزمالة والمحبة الوثيقة، أعجبني إصراره على الولوج إلى عالم القرن العشرين رغم الصعاب التي واجهته كأب ومصدر رزق وحنان وعندما أحضر عائلته لتشاركه تجربة الحياة في مجتمع متقدم والنهل من مصادر العلم والمعرفة فقد حقق لهم قفزة نوعية كانت د. سلوى إحدى ثمارها حين ساهمت في تقديم أحدث الخبرات والتقنية العالية، وسخرتها لخدمة المواطن السعودي رحم الله الأخ والصديق عبدالله الهزاع، وأعان أ.د سلوى على مواصلة جهودها المشكورة في خدمة الوطن وعندما أمر الملك عبدالله رحمه الله بدعوة ثلة من بنات الوطن للقائه أكرمها بكلمات كلها التقدير والثناء».
ومما قاله عنها أستاذها الدكتور محمد العامري طبيب القلب في مستشفى الملك فيصل التخصصي: «درست الدكتورة سلوى الهزاع تقريبًا في منتصف الثمانينيات فيما بين عام 1983 -1984م، انضمت إلى المستشفى وهي ماتزال طالبة طب، وكانت طالبة لها حضورٌ مميزٌ وتتنبأ في طريقة حديثها أنها صاحبة نبوغ لافت، وتنطوي الأيام، وحاليًّا طالبتي الدكتورة سلوى الهزاع تدرس ابنتي سعاد محمد العامري في كلية الطب، لتأتيني ابنتي لتحكي لي عن أستاذة فريدة تهتم بالطلاب بدهاء وتثير انتباه الطلاب بالاهتمام، فبعد كل تلك السنوات ينكشف تعامل الدكتورة سلوى مع طالباتها ومنهن سعاد لتحكي لوالدها عن تفرد هذه الأستاذة التي تهتم بتفاصيل طلابها، لا تهتم في نقل المعرفة فقط، ولكن يهمها أن تنقل لهم المهارات الحياتية، كيف يحكون، وكيف يجلسون، نقلت سعاد لوالدها تميز ملموس يثير الانتباه في تعامل الأستاذة مع طلابها الأطباء ...وتنكشف الأسرار بعد سنوات، ودائرة الحياة تتصل لتصبح د. سلوى أستاذة لابنة أستاذها».
رحلة مليئة بالعطاء لها في كل يوم منجز، ولها سلوك خاص مع الطلاب، الرعاية الأستاذية هي ما يميز هذه الأستاذة العظيمة والعالمة المبدعة، قصص كثيرة تروى عن إبداعاتها وتفوقها في المجال الطبي وفي غيره من المجالات الإنسانية المتعددة، من قبل أساتذتها وزملائها وطلابها، وكلها تجمع على كونها إنسانة تأسر القلوب كما تأسر العقول.
في الختام
أتمنى أن تكون هذه الأوراق خطاطة أولية لسيرة عظيمة لامرأة سعودية عظيمة، عنوانها (طبيبة الملك) وبعدما فتشت في حياة الدكتورة سلوى وجدت أن الملك الأول في حياتها هو والدها الذي زرع الثقة في داخلها وجعلها تحترم القيم والعادات، والملك الثاني في حياتها زوجها الذي جعلها مالكة للعلوم ومرتقيةً سلم العلم والمجد، والملك الحقيقي في حياتها (ملوك آل سعود) الذين وثقوا جميعهم في امرأة سعودية تمتلك كل مقومات النجاح المهني والإنساني، فهي جديرة بلقب طبيبة الملك.
وباسم كل الشعب السعودي نبارك للدكتورة هذا الإنجاز ونشكرها نيابة عن آلاف الطلاب على ما تبذله من جهود في خدمة العلم بالتدريس والبحث العلمي المتواصل. نطالب بترجمة سيرة طبيبة الملك إلى عدة لغات لتقولَ لخارطةِ العالمِ هذه المرأة الناجحة على المستوى الصحي والسياسي والتكنولوجي امرأة سعودية كان وراء نجاحها مثابرتها وملك عظيم، وقبل كل هذا توفيق من رب عظيم.
أختم بمقولة من محبيها: «هي قدوة وهي فذة وهي نبراس لكل قامة وهامة ولها في جبين المجد أجمل علامة، لها بصمة في الذكاء الاصطناعي، ولها سبق في طب العيون. هي نجمة في سماء بلادي تضيء للعالم، لها مني الدعوات بالتوفيق في كل حين، فحيوها فهي لبنات وشباب الأمة علامة».