سهوب بغدادي
فيما عجّت وسائل الإعلام المحلية والعالمية بلقطات وأخبار عن زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لفرنسا منذ الأربعاء الماضي، إذ تأتي هذه الزيارة باعتبار أن فرنسا حليف قديم للسعودية، وبهدف تعزيز الشراكات الاستراتيجية التي تصب في أطر ومجالات عديدة من أبرزها الاقتصاد، والسياسة، والثقافة، وما إلى ذلك، بما يعود على الطرفين بالمنفعة التبادلية، حيث يعد دور المملكة العربية السعودية محوريًّا في عدد من القضايا والملفات من أبرزها الملف الروسي-الأوكراني، بالاستناد إلى مقال سابق لي على صحيفة الجزيرة تحت عنوان «قمة جدة بأعين غربية وعربية» بتاريخ 26 مايو 2023 حيث أشرت إلى أن دور المملكة امتد من المنطقة العربية إلى المدى الإقليمي والعالمي على حد سواء، بما يضمن أمن واستقرار الدول وشعوبها.
فللمملكة أيادٍ بيضاء على مرّ الأزمنة وأقربها دورها خلال الأزمة الصحية العالمية المتمثلة بتفشي فيروس كورونا عبر امداد الدول بما ينقصها من معدات وأدوات صحية وطبية، وبالعودة إلى ملف الزيارة السعودية الفرنسية، فإنها جلية وواضحة الأبعاد، إلا أن أذناب الصحف الصفراء ووسائل الإعلام التي تتغذى على إثارة الجلبة والبروبجندا لن تتورع عن استغلال الحدث لصالحها، عبر اجترار الأرشيف القديم بكل ما تقع عليه أيديهم وأنظارهم، فتارة تقحم ملف حقوق الإنسان في النقاش، وتارة أخرى تربط الإنجاز بقضايا مغلقة، فليس بالغريب أن نرى إنجازًا ينقلب إلى نقيضه، ليأخذ الطابع السلبي في لمح البصر دون أدنى تمحيص، غافلين أو متغافلين عن ذات الملفات المطروحة في بلادهم، فإن المهنية والموضوعية في خضم غوغاء المنافسة مطلب.
على الرغم من تواتر الدعاوى الرنانة من قبل الغرب بوجوب الالتزام بحرية التعبير وعكس الصورة الصحيحة للأحداث، فأين موضوعيتهم اليوم؟ يعلم المطلع على الشأن الفرنسي أن ما يدور في الوسائل الإعلامية الخاصة بهم حول الزيارة مجرد «اكليشة» تتكرر في جميع الأخبار والحوارات، فكل ضيف وإعلامي وصحفي ومحلل يحاول جاهدًا دفع شبهة الإعجاب والانبهار بالإنجاز الذي عجزوا عنه، وقد شهد شاهد من أهلها، أن دور المملكة محوري وتجلى من خلال استضافتها لأوكرانيا في جدة، فضلًا عن لعبها دور الوساطة في ملف تسليم الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، علاوة على الدعم اللامتناهي لدول الجوار والإقليم.