فهد عبدالعزيز الكليب
ثمة قيمة يجب أن تدرّس ثم تكرّس لتكوّن مفهوم، وتكون صفة يحب أن يتميز بها أبناء الشعب السعودي النبيل من خلال عمله في جميع قطاعات الدولة العامة، والخاصة كونها من أسرار التميز القيادي والإداري وهي تقدير قيمة الوقت وفن إدارته، والتي كانت ولا زالت سمة تميز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله - منذ نعومة أظفاره، وللقارئ أن يعرف إن الملك سلمان كان مضرب المثل في تقدير هذه القيمة، وقد عرف بها من أول يوم تسنّم فيه منصبًا قياديًا في الدولة عندما عين نائبًا لأمير منطقة الرياض في 11-7-1373هـ، وقد لازمته هذه القيمة - ولا تزال - طوال فترة أعماله القيادية في إمارة منطقة الرياض لعدة عقود، ثم في وزارة الدفاع، وولاية العهد حتى تنصيبه ملكًا على هذه البلاد إذ استمر هذا النهج في تثمين قيمة الوقت واستثماره في كل ما فيه تحقيق مصلحة الوطن والمواطن وقد أدرك - حفظه الله- وهو في سن مبكرة أهمية تلك الفضيلة، وقيمتها العالية وتمثّلها بنفسه ليكون قدوة لغيرة في القيادة، والإدارة مع ما حباه الله به من تميز آخر في جوانب أخرى في عدة مجالات يحتاج أن يفرد لكل منها مقال خاص بها، ولعلي قبل أن أبدأ حديثي عن قيمة الوقت وفن إدارته استلهم أغلى هدية وأثمن عطية تلقاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - من والدته الأميرة: حصة بنت أحمد السديري - رحمها الله - والمتمثلة بساعتها الثمينة وكأني بها تعطيه إيحاءً ومعنىً كبيرًا لما وراء هذه الهدية القيمة وما ترمز إليه، في نفسه ووجدانه وهي القيمة التي كانت ملازمة له طوال عمله - ولا تزال- حتى إنه لم يهدها إلا لابنه بعد أن حقق منجزًا كان الأول سعوديًا وعربيًا وإسلاميًا في رحلته الخالدة إلى الفضاء، إذ أهداها لنجله الأمير سلطان وتوجها بخط يده الكريمة بما نصه: «أهدي إليك أثمن ما لدي وهي ساعة والدتي حصة بنت أحمد السديري» إن تلك الهدية في القيمة التي حملها الملك سلمان لأكثر من سبعة عقود - ولا يزال - حفظه الله ورعاه - والتي جعلته يهدي أثمن ما يملك وهي الساعة التي نعرف فيها الوقت وكيفية إدارته، واستثماره، ومواعيده، وتنظيمه، حدثني ذات يوم مدير مكتبه بالإمارة الأستاذ: عبدالله السلوم - رحمه الله - وكنت في زيارة لسموه أبّان كان أميرًا للرياض لتقديم كتاب يحكي تاريخ مدينة الرياض، وقال لي كلمة والحديث - لمدير مكتبه- لا يزال جرسها يرنّ في أذني: «نحن في إارة المنطقة نعرف بداية الوقت ونهايته بحضور الأمير وانصرافه وطوال عقود لازمته فيها كان مثالاً يحتذى بالتزامه بمواعيد الدوام».
وكان من تقدير قيمة الوقت لديه -والكلام لمدير مكتبه- أيضًا أن هناك معاملات يجب أن تنجز لأهميتها ولارتباط تسلسلها بسموه كان ينجزها وهو في إجازته السنوية، حيث ترفع إليه المعاملات ويأتي التوجيه حيالها كل ذلك لكي لا تتعطّل مصالح الناس، بل إن جميع موظفي الإمارة لا يتفاجؤون باتصاله - حفظه الله - في كل وقت، وحق لكل من عرف قيمة الوقت وتقديره أن يذكر ويتذكر مدرسة الملك سلمان - حفظه الله - فهو من يجب أن يكون قدوة ومثالاً يحتذى، إذ إن الوقت بالنسبة له - حفظه الله - وكيفية استثماره يجب أن يكون أنموذج عمل لكل قطاعات الدولة، بل يجب أن يشار إليه في مناهج التعليم والتدريب عند الحديث عن إدارة الوقت، لأنها سمة تميز بها، وعرف بها طوال تاريخه المديد، بل إن من شدة اهتمامه بالوقت أنه كان يعتذر لتأخره ولو لدقائق محدودة عند رعايته للمناسبات تقديرًا منه - حفظه الله - للحاضرين في أي مناسبة وربما ذكر لهم السبب في ذلك، وقد شهدت ذلك بنفسي في إحدى المناسبات.
وخادم الحرمين الشريفين وهو يقدم لنا هذا النهج المبارك إنما يرسخ لنا قيمة العمل وقيمة الوقت وكيفية إدارته واستثماره وكيفية تنظيم العمل وترتيب أولوياته، وفق ساعته المباركة ووقته الذي بارك الله فيه، والذي تحقق فيه الإنجاز والإعجاز في كل مسؤولياته الجسيمة لتكون للجميع أسلوب حياة، ومنهجية عمل يجب أن تدرّس ويعمل بها، وقدوة تحتذى، ومن عرف مدرسة (سلمان بن عبدالعزيز) ونهل من عطائها سيسهل عليه إدارة الوقت وتنظيمه نشاهد تلك الصفة ماثلة أمامنا وقد تربى عليها أبناؤه من بعده وكانت صفة ملازمة لهم، ولعلي أضرب المثل بسمو ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - الذي تخرَّج من تلك المدرسة بكل جوانبها، ومنها تقدير قيمة الوقت، وكيفية إدارته، واستثماره، ومن يشاهد سموه يجد أن هذه القيمة متمثلة في شخصيته التي كانت منهجًا له وهو الذي يعمل الساعات المتواصلة دون كلل أو ملل لتحقيق رؤية وتطلع والده قائد هذه الأمة وطموح شعبها العظيم، إذ لا وقت يقضيه إلا بتحقيق منجز حتى أضحى هذا العمل أسلوب عمل تنتهجه كافة مؤسسات الدولة مما جعل المملكة تقفز قفزات متنوعة نفخر بها ونفاخر في كل شبر من مملكتنا الحبيبة (السعودية العظمى)، وكل ذلك سعي من سموه لتحتل المملكة موقعها القيادي والريادي بين صفوف دول العالم الأول، وما تحقق - ولله الحمد - يعكس قيمة المخرجات التي قادها فكر ونهج القيادة الحكيمة التي عرفت ما للوقت من قيمة وقدرته حق تقديره وعملت وفق أولوياته مما جعل هذه المنهجية يغبطنا عليها غالبية شعوب العالم والذي بكل عفوية يتمنون وجود شخصية تماثل شخصية الأمير محمد بن سلمان في بلدانهم، والمنصف عدوًا كان أو صديقًا والزائر يشاهد هذه المشاريع العملاقة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن، وكل ما تحقق هو البدايات الأولى لإنجازات تنمو وتكبر مع الوقت والعمل الدؤوب في كل مجالات الحياة وفق رؤية عرفت كيف تستثمر الوقت وتعرف أهميته.
وها هو الأمير الشاب الملهُم محمد بن سلمان (خريج المدرسة السلمانية) قد أظهر كل إبداعاته، واستثمر كل طاقاته الإيجابية فكان إيقونة نجاح لكل منجز تحقق وفق رؤية (2030)، التي كانت من أسرار تميز بلادنا في كافة المجالات، والتي مع الوقت ستكون حديث العالم ووكالاته، ومن خلالها ستتحول المملكة إلى دولة تضاهي كبريات دول العالم، ومع ظهور تباشير كل فجر جديد نصبح على إنجاز يرفع من قيمة هذا البلد وفق طموحات لا حدود لها في ظل قيادة حكيمة أسسها الوالد الباني الملك المؤسس -طيب الله ثراه - وسار على نهجها أبناؤه البررة من ملوك وأمراء هذه الدولة المباركة حتى عهدنا الحالي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ساعده الأيمن وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله ذخرًا للأمة ولبلادنا الغالية المملكة العربية السعودية.