حينما أعلن الملك فهد رحمه الله في -خطابه المعروف- صدور الأنظمة الثلاثة: النظام الأساسي للحكم، نظام مجلس الشورى ونظام المناطق في يوم الأحد 27 من شهر شعبان سنة 1412 هـ الموافق لأول يوم من شهر مارس لعام 1992م. اتسم ذلك الخطاب بالوضوح في اعتماد القيم الإسلامية الراسخة، ومعلومٌ أنه جاء لتثبيت هذه القيم عبر منظومة تشريعية قائمة على أساس الشريعة الإسلامية التي هي منهج الحياة. ولم تكن هذه الأنظمة حديثة عهد بالوجود بل كان للملك عبد العزيز- طيب الله ثراه - الأثر الواضح في وضع اللبنات الأولى للأنظمة السعودية. وقد استمرت هذه الأنظمة من بعده مع بعض التغييرات والتحولات التي تظهر بصورة طبيعية تبعاً لتغير الظروف باختلاف الزمان.
بالعودة إلى زمن التأسيس يمكننا أن نمر بالتسميات المختلفة والمحطات التي صاحبت البلاد وأنظمتها؛ فإنه عندما استرد الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – الرياض في عام 1319 هـ الموافق 1902م سميت البلاد بـ»سلطنة نجد» ثم أعلن الملك التصديق على النظام الأساسي للحكم لأول مرة باسم « التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية» في 21-2-1345هـ الموافق 31-8-1926م، وبإعلانه تغير اسم البلاد إلى «مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها» وقد عُمل بهذه التعليمات إلى أن صدر النظام الأساسي للحكم 1412هـ الموافق 1992م، إلى أن توحدت البلاد بمسمى المملكة العربية السعودية في عام 1351عام هـ الموافق 1932م.
صدر نظام مجلس الشورى لأول مرة باسم المجلس الأهلي الشوري في 12 جمادى الأولى لعام 1343هـ الموافق 9 ديسمبر 1924م، واستمر هذا المجلس قرابة ستة أشهر ثم صدر المجلس الثاني بعد حل الأول عام 1344هـ الموافق 1925م بذات الاسم، وعندما ظهرت التعليمات الأساسية لنظام الحكم المسماة بالتعليمات الأساسية بالمملكة الحجازية تضمنت مواد في القسم الرابع أشارت إلى مجالس أحدها مجلس الشورى وقد أسمته بمجلس الشورى بدلاً من المجلس الأهلي الشوري. لكن تم حل هذا المجلس عام 1346هـ الموافق 1927م؛ وبعد حله بيومين صدر أمر ملكي بتعديل القسم الرابع من التعليمات الأساسية وهي الخاصة بمجلس الشورى بحيث يكون تأسيس المجلس بالنظام الجديد المعدل، أما نظام المجلس فقد صدر في خمس عشرة مادة وبهذا يعد هذا العام تاريخ التأسيس الفعلي لمجلس الشورى في عهد الملك عبد العزيز.
استمر مجلس الشورى بنظامه المذكور دون تعديل متضمناً صلاحيات واسعة؛ إلى أن تأسس مجلس الوزراء عام 1373هـ الموافق 1953م حيث انتقلت الكثير من صلاحيات مجلس الشورى إلى مجلس الوزراء والأجهزة الحكومية الجديدة حيث روعِيَ عند إنشائها بأن تكون وفق الأنظمة الجديدة، وقد ظل مجلس الشورى يواصل جلساته والنظر فيما يحال إليه وفق نظامه وإن لم يكن بالمستوى الذي كان عليه آنفا.
ثم صدر نظام مجلس الشورى الحديث 27-8-1412هـ الموافق 1-3-1992م عندما أعلن الملك فهد رحمه الله إصدار الأنظمة الثلاثة المذكورة.
أما نظام المناطق فقد ظهر «نظام المقاطعات» لأول مرة عام 1383هـ. قسمت فيه السعودية إلى تسع مقاطعات.
فيما بعد لم يعد مسمى مقاطعة متداولاً بل تغير إلى إمارة وقسمت هذه الإمارات إلى 14 إمارة في عام 1397هـ إلى أن ظهر نظام المناطق الحالي مرافقا النظامين المذكورين آنفاً وقد قسمت فيه المدن أو المناطق الرئيسية إلى 13 إمارة.
من زاوية أخرى ليست تاريخية ولأن الحديث يسوق بعضه، فإن الأنظمة في زماننا شهدت تحولاً إيجابي من الناحية التقنية لذا يطيب لنا أن نشيد بسهولة المعاملات النظامية الالكترونية والاطلاع عليها في بلادنا وذلك بفضل من الله وتوفيقه ثم بجهود المملكة.