فضل بن سعد البوعينين
«حقبة التغيير: المضي بكوكبنا نحو استشراف المستقبل» هو الشعار الذي اعتمدته المملكة لمعرض الرياض إكسبو 2030، ما يعكس تطلعاتها لصناعة المستقبل، وإيجاد الحلول الناجعة والمبتكرة لمعالجة التحديات العالمية. هناك ارتباط كبير بين رؤية السعودية 2030، وأهدافها القائمة على التحول الشامل والتطوير والابتكار في جميع القطاعات، وما تشهده من تغيير وبرامج تنموية، اقتصادية، مجتمعية، وثقافية، والمتوقع إتمامها بنهاية العام 2030، ما يعني ربط استضافة المعرض بعام تحقيق أهداف الرؤية، كتتويج لأهم مشروعات التحول الكبرى في المنطقة.
لم تكن فكرة استضافة إكسبو 2030 طارئة، بل هدفاً إستراتيجياً تم الترتيب له بالتزامن مع إطلاق رؤية سمو ولي العهد وبرامجها المحققة للتغير وصناعة المستقبل. ثم الترويج لها من خلال الحفل الختامي الذي أقيم في مقر جناح المملكة في معرض إكسبو 2020م، وهو الجناح الأكثر إبهاراً وتميزاً، ثم الإعلان الرسمي في العام 2021 تلاه استعراض سمو ولي العهد ملف استضافة المملكة للمعرض مع الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض.
اليوم تتوج المملكة جهودها لاحتضان معرض إكسبو 2030 بمشاركة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حفل استقبال المملكة الرسمي لترشح الرياض لاستضافة إكسبو 2030، ضمن زيارته الحالية للعاصمة الفرنسية باريس. اهتمام كبير يوليه سمو ولي العهد لملف الاستضافه، فهو المسؤول عن تفاصيله، والمعني بتسويقه، والداعم الأول للجهود المبذولة للتعريف بجاهزية الرياض وخططها ومشاريعها المستقبلية الداعمة.
لا يمكن فصل الجهود التسويقية المرتبطة بالبيئة الحاضنة للمعرض، والرؤية المحيطة بها، عن التحركات الدبلوماسية المؤثرة، حيث يتطلب كسب تأييد الدول الأعضاء الكثير من الجهود الدبلوماسية الموازية، وهو ما حرص على تحقيقه سمو ولي العهد خلال الفترة الماضية، إضافة إلى زيارته الحالية إلى باريس والتي استحوذ دعم ملف الترشح على جانب مهم منها، بالإضافة إلى الملفات السياسية والاقتصادية الأخرى.
إعلان الرئاسة الفرنسية دعمها ترشّح السعودية لاستضافة إكسبو 2030 من المكاسب المهمة للزيارة، وهو إعلان قد يحمل في ثناياه دعماً أعم وأشمل لما تمتلكه باريس من قدرة على توجيه أصوات بعض الدول الحليفة لها، لدعم الملف السعودي.
أؤمن بأهمية مشاركة سمو ولي العهد في حفل الاستقبال الرسمي، وحجم الدعم الدبلوماسي الذي سيقدمه لملف الاستضافة، فهو الأكثر تأثيراً، مع وجود ممثلي 179 دولة من أعضاء المكتب الدولي للمعارض، وفي ظني أن المباحثات الدبلوماسية هي الوسيلة الأهم للحصول على التزام الدول بالتصويت للرياض، حيث تلعب المصالح المشتركة بين الدول دوراً مهماً في اتخاذ قرار التصويت النهائي، وهو أمر غير مرتبط بمعرض إكسبو، بل في جميع الفعاليات الدولية التي تتحكم أصوات الدول في استضافتها. المواءمة بين الجهود الدبلوماسية، والتسويقية أمر مهم، لذا عمدت المملكة لإقامة معرض مصاحب يقدم للحضور رحلة افتراضية للرياض عام 2030 ويتضمن المشاريع التي ستكون جاهزة قبل انطلاق المعرض، بالإضافة إلى مواضيع فرعية هي «غد أفضل» و»العمل المناخي» و»الازدهار للجميع».
ما تشهده المملكة من تحولات تنموية واقتصادية ومجتمعية كبرى متناغمة مع هدفها الإستراتيجي بأن تكون مركزاً عالمياً في المنطقة، وأن تكون الرياض من أكبر 10 مدن اقتصادية في العالم، إضافة إلى إطلاق إستراتيجية الرياض للاستدامة، التي تشمل إطلاق أكثر من 68 مبادرة طموحة للاستدامة في 5 قطاعات، هي: الطاقة والتغير المناخي، وجودة الهواء، وإدارة المياه، وإدارة النفايات، والتنوع الحيوي والمناطق الطبيعية، وجميعها مرتبطة بالرؤية الشمولية لمعرض إكسبو العالمي، ما يعطيها الحق في استضافة نسخة العام 2030، إضافة إلى عمقها الحضاري والثقافي وثقلها السياسي والاقتصادي، وتميز موقعها الجغرافي، وبنيتها التحتية المميزة التي تجعلها جاهزة لاحتضان أكبر الفعاليات والمناسبات العالمية.
لدى المملكة القدرة التامة على إنجاح المعرض، والخروج بنسخة استثنائية، وتحقيق أهدافها العالمية، لتمتعها بالثقة العالية والمسؤولية في تنفيذ مشروعاتها الكبرى ويتجلّى ذلك في نجاحها المبهر في تنظيم الفعاليات الدولية، والمؤتمرات والمعارض العالمية، ولما تملكه من خبرات وكوادر بشرية وطنية وإمكانات متنوعة في جميع القطاعات، ولرؤيتها المستقبلية المتوائمة مع أهداف معرض إكسبو العالمي.
باتت حظوظ الرياض لاستضافة المعرض مرتفعة مع ارتفاع عدد الدول المعلنة عن تأييدها المملكة، وأحسب أن جهود سمو ولي العهد، السابقة، والحالية في باريس ستسهم في تأكيد الفوز بالاستضافة -بإذن الله- رغم المنافسة القوية من كوريا الجنوبية.