سالم بن محمد العمري - بريدة:
لم يعد غريبا أن نصبح على خبر نوعي في مسيرة التطوير التي يشهدها الوطن في أكثر من مجال، ولم يعد اختصار الزمن في مجالات عديدة شيئا مستحيلا، أما عقدة المقارنة بدول أخرى فقد انتهت ولله الحمد، بل تحولنا إلى مضرب للمثل ونموذج للمقارنة.
ففي الشأن الرياضي يُجمع المعنيون والمتابعون، أن الرياضة السعودية تشهد في هذه الفترة نقلة نوعية غير مسبوقة، من خلال (المشروع التطويري، مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية). الذي يقوم على ثلاثة أهداف استراتيجية، تتمثل في: - إيجاد فرص نوعية وبيئة جاذبة للاستثمار في القطاع الرياضي لتحقيق اقتصادٍ رياضي مستدام.
- رفع المستوى الاحترافي، والحوكمة الإدارية والمالية في الأندية الرياضية.
- رفع مستوى الأندية وتطوير بنيتها التحتية، لتقديم أفضل الخدمات للجماهير الرياضية وللمنتخبات الوطنية.
هذا المشروع الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مؤخرا، يمثل قفزة تطويرية جريئة، تستهدف تحقيق الدوري السعودي مكانة متقدمة على مستوى دوريات كرة القدم في العالم المتقدم (ليصبح ضمن أفضل عشرة دوريات عالميا).
ولقد بدأ المشروع في مرحلته الأولى باستهداف ثمانية أندية (الاتحاد، الهلال، النصر، الأهلي، القادسية، الدرعية، الصقور، والعلا) وهذا التقسيم إجراء تنظيمي تتطلبه المرحلة.
وجاء هذا التحديد - كما يُلاحظ - متكئا على عاملي الجماهيرية والموقع الجغرافي بالنسبة للأندية الأربعة الأولى، وعلى الجغرافيا بالنسبة للأربعة الأخرى، وبهذا تكون الصورة اتضحت للجماهير في نصفها الأول.
أما النصف الثاني من الصورة الذي يشمل بقية الأندية، وتحديدا أندية دوري المحترفين (روشن) فلم يُعلن عنها حتى الآن.
وما تأمله جماهير أندية المرحلة الثانية وتتوقعه، أن يؤخذ في الاعتبار ما قد يترتب على آلية دمج هذه الأندية في هذا المشروع.
بحيث تراعى الفوارق الفنية التي قد تزداد أكثر مما هي عليه بين فرق الدوري عموما، بسبب تمايز الدخولات المالية المتوقعة، فالجماهير تنتظر أن ينتج عن هذا المشروع إنهاء مقولة (الأربعة الكبار) وحقبتها الزمنية، والجدل العقيم حولها، التي انحسرت المنافسة على البطولات خلالها بين أندية معينة، بل إن مجرد الحديث عن تحقيق بطولة من قبل أندية أخرى هو ضرب من الحلم غير الواقعي، الذي لا يحق لأنصار هذه الفرق أن يتجاوز أحلامهم الوردية.
لذا يأتي هذا المشروع ليحمل ضمن مزاياه إتاحة الفرصة وتساويها لجميع الأندية للتنافس على تحقيق البطولات، وفتح المجال للجميع (ليصبح الجميع كبارا) عطفا على مخرجات النادي ومهنية العمل فيه، بعيدا عن الاعتبارات الأخرى بالذات عاملا (الإعلام والجماهيرية).
وهذا بلا شك يتطلب من هذه الأندية أن تكون أسرع حراكا على مستويات التنظيم والحوكمة والمهنية لتواكب حيوية المشروع وتصبح تامة الاستعداد لدخول نادي الكبار! وفي هذا الإطار نجد بعض الأندية - من خلال تاريخها في دوري المحترفين خلال السنوات الماضية، ومزاحمتها لأندية المقدمة - أكثر جاهزية واستعدادا من غيرها لتقليص الفجوة الفنية التي كانت موجودة قبل مرحلة الاستثمار والتخصيص، وعليه فهي الأقرب والأقدر والأقل تكلفة لاستثمار هذه الفرصة، وبالتالي زيادة عدد الأندية المتنافسة على المراكز المتقدمة في الدوري.
وفي هذا السياق يأتي - في نظري - (نادي التعاون والفتح، والشباب) بوصفها الأكثر استعدادا وجاهزية والأقل تكلفة لتحقيق خطوات جادة نحو الأمام، وذلك لاعتبارات منها: - ثبات النسق التصاعدي لها في ترتيب سلم الدوري خلال السنوات الخمس الماضية، وإن مرت بشيء من الاستثناء، فهذا أمر طبيعي في كرة القدم.
- استقرارها الإداري.
- لديها بنية تحتية ومنشآت خاصة مهيأة لإقامة المباريات عليها.
«- وجود التعاون والفتح في منطقتين مختلفتين عن مناطق المنافسة التقليدية (الرياض وجدة) مما يوزع المنافسة في رقعة أكبر من المملكة (الوسطى والشرقية).
- مشاركاتهم القارية أثبتت قدرتهم على تحقيق نتائج أفضل مستقبلا.
- تنامي شعبيتهم داخل وخارج مناطقهم، بسبب نتائجهم ومشاركاتهم القارية.
لقد بذلت إدارات هذه الأندية الثلاثة، جهودا كبيرة وشاقة حتى حققوا هذه النتائج في أكثر من مجال (وهذه النتائج جاءت مع اقتصارهم على دعم وزارة الرياضة).
فإدارة نادي التعاون - بحكم القرب منها - حققت عددا من أهدافها المرسومة على مستوى التنظيم المالي والإداري بنسبة مرضية، إضافة إلى نتائج الفئات السنية المميزة، والألعاب المختلفة.
جاء هذا وهي تحت ضغط مالي، تسبب في تعذر استخراج شهادة الكفاءة المالية في الفترة الماضية، ومع هذا ينهي الفريق الأول موسمه بأرقام جيدة جدا.
لقد عملت إدارة نادي التعاون منذ وقت مبكر من خلال خطواتها الاستباقية استعدادا لهذا المشروع، الذي كان الجميع ينتظره منذ بوادره الأولى لتكون مستعدة لاستثماره والإفادة من مميزاته.
إذن، ما الذي ينقص هذه الأندية الثلاثة لتنافس أندية الاتحاد، الهلال، النصر، والأهلي، وبالتالي ننتقل إلى مصطلح السبعة الكبار ثم العشرة الكبار بدلا من الأربعة الكبار..
وليمثل ذلك إحدى خطواتنا الواثقة نحو الهدف (الدوري السعودي ضمن أفضل عشرة دوريات في العالم وربما خمسة، لمَ لا، في ظل رؤية قيادة آفاقها سماء كل مجد..).
لا شك أن هذا السؤال يمثل أحد تحديات المرحلة للقائمين على مشروع الاستثمار والتخصيص.
ولا شك أن هاجس (الفجوة الكبيرة) في المستويات الفنية التي ستحدث بين الأندية في حال لم تراع أندية المرحلة الثانية وآلية إدراجها في المشروع لم تغب عن المسؤولين المنشغلين بتفاصيل المشروع.
كما أن السؤال نفسه يمثل تحديا للأندية.
فما الذي ستقدمه إدارة نادي التعاون تجاه متطلبات استثمار مميزات هذا المشروع، ومن ثم العمل على تلبية طموحات جماهير النادي، التي تنظر إلى كل ما تحقق سابقا من مستويات ومراكز وأرقام بوصفها مرحلة سابقة وخطوات تمهيدية تأسيسية لمرحلة قادمة (ينبغي طيها والبناء عليها وعدم النظر إليها كإنجاز) فقد ارتفع معها سقف طموح المشجع التعاوني، فصارت لا تكتفي بمزاحمة أندية المقدمة وتحقيق مركز متقدم أو مؤهل لآسيا (كما كان حاله سابقا، وكما هو طموح أندية أخرى، لم تحقق ما حققه التعاون) فصارت تردد: (لقد حان وقت حصول السكري على البطولات).
** **
- سالم العمري