سلطان مصلح مسلط الحارثي
لم تعد الصحافة كما كانت سابقاً، ولم يعد الصحافي الباحث عن المعلومة الحقيقية موجوداً إلا ما ندر، ولم يعد للمهنية قيمة في زمن السوشيل ميديا، وضُربت المصداقية الصحافية وتحديداً الرياضية في مقتل.. أقول ما سبق وأنا أشاهد الكثير من الصحافيين الرياضيين يتسابقون على نشر الأخبار دون أي تأكد من صحة الخبر، ودون أي منهجية صحافية، ودخل بعضهم في تحديات لم يكونوا في حاجة لها، فالعمل المنوط بالصحافي هو نشر المعلومة حينما يتم تأكيدها من مصدره، وليس من مهامه، الخوض في تحديات ربما خسر من خلالها، وهذا ما حدث تحديداً في قضية مفاوضات اللاعب الأرجنتيني الأسطورة ليونيل ميسي، حيث وصل الحال ببعض الصحافيين إلى أنه «جزم»بالتعاقد مع ميسي، وعشم الجمهور الرياضي في حلم كبير، لم يشعروا بأنه حلم، حتى أعلن ميسي انتقاله لفريق أمريكي! وهذا بدون أدنى شك أنه خلل واضح في عمل الصحافي الذي يفترض أن ينقل المعلومة دون أن يتبناها، أو يتحدى عليها، وتحديداً في جانب مفاوضات اللاعبين، فهي قد تتغير في أي لحظة، ولن يستطيع الشخص العاقل أن يجزم بانتقال لاعب إلى أي ناد ما لم يتم التوقيع الرسمي، ولذلك ضُربت مصداقية بعض الصحافيين الرياضيين في مفاوضات ميسي، رغم أن بعض من جزم أن ميسي قادم للدوري السعودي كانوا زملاء لهم تجربة طويلة، ويملكون الأمانة المهنية، ولكن هذا لا يمنع من أنهم وقعوا في خطأ فادح، جعلهم في نظر بعض الجمهور الرياضي «بياعين كلام» أو «باحثين عن زيادة متابعين في تويتر»، وهذا درس لكل صحافي ما زال يعمل في الميدان، فالجزم بصحة التعاقد مع أي لاعب، يختلف عن الجزم بصحة المفاوضات، نعم، قد تكون هناك مفاوضات مع لاعب أو مدرب، وقد تقترب المفاوضات من التوقيع، ولكن لا يمكن الجزم بقدومه ما لم يوقِّع على العقد الرسمي.
هذا الخلل الصحافي الرياضي، انتقل للجمهور أيضاً، وزاد انتشاره مع مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبح التعاطي مع المفاوضات بين الأندية واللاعبين أو المدربين، أرضاً خصبة لكل من يبحث عن «الشو»، و»زيادة نسبة متابعيه»، والتحديات في هذا الجانب قائمة على قدم وساق، حيث أصبح البعض يراهن على «حلاقة شنبه»، والآخر على «حلاقة شعر رأسه»، والثالث على «إقفال حسابه»، وفي النهاية لا أحد يلتزم بوعده إلا حالات شاذة وهم نوادر جداً، بينما البقية، ينسون، يتجاهلون، وأكثرهم حياءً يعتذر!
وتبقى المشكلة الأعظم، في الجمهور الذي يبحث عن المعلومة، فمثل هذه الدروس التي تمر عليه لا يتعلم منها، ويستمر في التعاطي مع أصحاب تلك الأخبار أو كما يُطلق عليهم «المتمصدرين»، صحيح يغضب منهم يوماً أو يومين، ولكنه ما يلبث حتى يعود ويبحث عنهم وعن أخبارهم.
هذا الداء انتشر بين الجمهور الرياضي بشكل عام والهلالي بشكل خاص، والحل صعب جداً، ما لم يقتنع ذلك المشجع بأن الأخبار الرسمية هي من تخرج من وسيلة إعلامية صاحبة مصداقية عالية، أو ينتظر مركز ناديه الإعلامي حتى يعلن الأخبار، وبهذه الطريقة ينتهي «وباء التمصدر»، ونقضي على هذا «الداء» المنتشر في الوسط الرياضي، أما إن استمر الجمهور على وضعه الحالي، فسوف يستمر «المتمصدرون» في تمصدرهم، فهذا باب للشو والشهرة وزيادة المتابعين.
تحت السطر
- قدوم اللاعب العالمي الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي للدوري السعودي فائدته الفنية لا تساوي حتى نصف فوائده الأخرى والمتمثلة في الترويج للسياحة السعودية وتعريف العالم «ممن يعشقون اللاعب» في المنجزات السعودية، ولذلك أرى أن خسارته يجب أن لا تُغضب المشجع الهلالي، بل يفترض أن تُغضب المسؤولين عن المفاوضات لأنهم فشلوا في إقناع اللاعب بالانضمام للكرة السعودية، وفي المقابل اختار اللاعب فريقاً بديلاً لا يملك الصيت ولا الشهرة ولا التاريخ! وهذا يحيلنا لسؤال مهم: لماذا قرر ميسي الرحيل لفريق إنتر ميامي الأمريكي المتأسس عام 2018، هل هذا دليل على انتهاء الطموح عند اللاعب؟! أم أن الخلل كان في المفاوض السعودي؟!
- في الهلال، كلما خرج اسم مدرب، رفضه الجمهور الهلالي، حتى الأسماء التدريبية الكبيرة أصبحت مرفوضة عند بعض المشجعين!
- ينبغي على أي إدارة تسعى للنجاح أن تسمع للجمهور ولكن حذارِ أن تطبق كل ما يريده، وأي إدارة ترتكب هذا الخطأ سيكون نصيبها الفشل.
- استمرار الناجحين مطلب، وهذا ما ينادي به مشجعو نادي الهلال، ومشجعو نادي الاتحاد، فقد أثبت ابن نافل نجاحه منذ أربعة مواسم، بينما أثبت أنمار الحائلي نجاحه هذا الموسم، وكلاهما يستحق الاستمرار، ومن الظلم ابتعادهما.