ميسون أبو بكر
أيام قليلة تفصل بيننا وبين إجازة نهاية العام الدراسي، أنا متأكدة أن الوقت أزف للحديث عن التخطيط لها لأن معظمنا قام بشراء التذاكر منذ وقت مبكر للحصول على أسعار أرخص منها عند شرائها متأخراً، وأعلم كذلك أن كثراً من اختار قضاء إجازاتهم في المناطق الباردة في المملكة تجنباً لمواسم السياحة المزدحمة في الخارج والتي يترتب عليها غلاء الأسعار كما لا ننسى درجات الحرارة العالية نتيجة قدوم صيف حار ومبكر في أوروبا هذا العام.
والمملكة استطاعت بنجاح عبر مواسم متتالية في مناطق المملكة أن توفر فعاليات ترفيهية قد تجذب شريحة كبيرة من العائلات بالإضافة لأماكن ممتعة كالمقاهي والمطاعم في تجمعات تحتوي على نوافير الماء التي ترطب الأجواء وجلسات خارجية وأماكن آمنة للأطفال.
ما أريد أن أتحدث عنه هنا وأصبح ضرورة في ظل ما تواجهه أوروبا من أزمات ما بعد كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا وموجة الحر كذلك حوادث القتل التي يقوم بها مرضى نفسيون أو إرهابيون وحوادث السرقة التي تنوعت أساليبها وتفنن اللصوص فيها آخرها السائح الخليجي في منطقة شهيرة، حيث تم منح شخص آخر غيره مفتاحاً لغرفته في الفندق ثم فتح صندوق الأمانات في الغرفة من قبل الفندق للشخص الذي ادّعى أنه النزيل، وهذه الحادثة تدلّل على ما أتحدث عنه وهو ملاحقة ومراقبة السياح العرب لأنه عرف عن معظمهم مظاهر المبالغة في اللبس والصرف واقتناء الماركات الغالية، ونشهد نماذج كثيرة في سناب لبعض المشاهير ومقتنياتهم التي يتباهون بها في الخارج والتي أساءت لصورة العربي في الخارج الذي أضحى غنيمة للصوص.
كنت برفقة أوروبيين لوقت طويل وتعلمت منهم الكثير من العادات التي لا نعمل بها للأسف رغم أنها من صميم تربيتنا الإسلامية التي تدعو لعدم البذخ والإسراف، فهم إن التقوا في مطعم بدواعي تجمع العائلة أو الأصدقاء أو مكافأة أنفسهم بعد أسبوع حافل بالعمل اختاروا كفايتهم من الطعام ولا يتركون من الطعام شيئاً في أطباقهم فهم يختارون وفق حاجتهم فقط، والكرم الذي يتشدق به بعضنا هو إسراف وتبذير وهدر للنعمة ولا يعني أن نملأ الطاولة بما لذ وطاب ثم لا نستطيع تناوله كله.
-الهياط- كذلك يضع أصحابه تحت المجهر وملاحقة اللصوص المترصدين في كل مكان يتواجد فيه السياح العرب.
المرافق أو السائق الذي قد يستعين به البعض في الخارج لا بد والحذر الشديد على مقتنياته وما يتفوّه به ونحن برفقة هذا الغريب، كذلك هناك مسؤولية كبيرة على السعوديين بالذات أن يكونوا سفراء لبلدهم التي أصبحت اليوم محط أنظار الجميع وتحت المجهر، هم مسؤولون لتغيير الصورة النمطية التي يحملها البعض وعكس الصورة الحقيقية لإنسان المملكة الذي وصل للفضاء ووطنه يحفل بمشاريع عالمية وصار وجهة فنية وثقافية وسياحية، وتصدر خارطة العالم سياسياً واقتصادياً ورياضياً، وله تتطلع لأفئدة المسلمين في كل لأنحاء العالم.
فالسعوديون يحملون سفارتين سفارة الوطن وسفارة الإسلام وعليهم أن يبرزوا صفات الإنسان السعودي من الإنسانية واللطف والثقافة، ثم دينهم الحنيف الذي يتجلّى في أقوالهم وأفعالهم اقتداءً بنبيهم الذي وصفه الله عزَّ وجلَّ بأنه على خلق عظيم.
اليوم على السعوديين أن يكونوا وسيلة إيضاح لمن يلتقيهم ولمن يجهل طبيعة بلادهم وأمنها وإنسانها الطيب الكريم، وهذا يتجلّى في تصرفاته وهندامه، والسفر للخارج وإن كان لغرض سياحي فهو يحمل صاحبه مسؤولية كبيرة كذلك في احترام أنظمة وقوانين ذلك البلد والقراءة عنها قبل الذهاب إليها مما يعكس ثقافة الإنسان واحترامه ومن ثم احترام الآخرين له.
تذكر أنك من بلاد أتعبت الآخرين في الركض وراءها، وقادة -حفظهم الله- هم قدوة بما صنعوه من مستحيلات، وكي لا يأتي جاهل/ة ليقولوا لدينا خوف من العيش في الدول العربية، ستكون لهم الرغبة والشغف لاحقاً للحصول على فرصة للعيش على أرض أكرمها الله بأمنها واستقرارها وخيرها وأهلها.
السعودي سفير لوطنه ودينه وما أجمل هاتين السفارتين.