أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، وذلك بعد استكمال الإجراءات التنفيذية للمرحلة الأولى، وذلك لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في القطاع الرياضي. تهدف هذه المبادرة إلى بناء قطاع رياضي فعّال من خلال تحفيز القطاع الخاص وتمكينه للمساهمة في تنمية القطاع الرياضي.
في هذا المقال، سنناقش أهمية حوكمة الأندية الرياضية وتخصيصها، والتي تلعب دورًا حاسمًا في نجاح الموارد المالية لهذه الأندية.
لنأخذ نادي بوروسيا دورتموند « (Borussia Dortmund) الألماني كمثالٍ على ذلك، في أواخر الثمانينيات كان النادي يعاني من أزمة مالية حادة وكان مهددًا بالإفلاس. ومع ذلك، تم إعادة هيكلة النادي بشكل جذري من خلال عملية تخصيص وتحسين الحوكمة. تم تشكيل مجلس إدارة مهني وفعّال للنادي، يتولى مسؤولية الإشراف على الأمور الرياضية والمالية. تم تحويل النادي إلى شركة مساهمة عامة وطُرحت أسهمها في سوق المال، مما أتاح توسيع قاعدة المساهمين وجذب استثمارات جديدة. تم تعزيز الشفافية ومعايير الحوكمة من خلال مشاركة المساهمين واتخاذ قرارات استراتيجية مشتركة. تم استخدام تلك الموارد المالية الجديدة بشكل استراتيجي لتطوير النادي، بما في ذلك تحسين المرافق الرياضية والبنية التحتية واستثمارات في تطوير الأكاديمية الشبابية والبرامج التعليمية لتطوير المواهب الشابة. وجاءت النتائج الإيجابية بعد ذلك، حيث حقق بوروسيا دورتموند نجاحًا ملحوظًا على المستويين المحلي والأوروبي.
يُشير مصطلح «حوكمة الأندية الرياضية» إلى الأنظمة والهيكلة التي تساهم في إدارة الأندية بشكل فعّال ومسؤول. تشمل ذلك توزيع السلطة واتخاذ القرارات ومراقبة الأداء.
وفيما يلي بعض النقاط التي توضح كيف يمكن لحوكمة الأندية الرياضية وتخصيصها أن تؤثر في نجاح الموارد المالية:
1- شفافية العمليات المالية: يعتبر التعامل بشفافية في الأندية الرياضية أمرًا حيويًا. يجب توثيق وتقديم تقارير دقيقة وشفافة حول العمليات المالية، بما في ذلك إيرادات المباريات والرعاية والتسويق. يسمح ذلك للجمهور والمستثمرين المحتملين بفهم كيفية إدارة الموارد المالية واستغلالها.
2- تشكيل مجالس إدارة قوية: يجب أن تكون مجالس الإدارة في الأندية الرياضية مؤهلة ومستقلة، ويشارك فيها أعضاء ذوو خبرة ومهارات مالية وإدارية قوية. يمكن لمجلس الإدارة وضع استراتيجيات لإدارة الموارد المالية بشكل فعّال واتخاذ قرارات تسهم في تحقيق الاستدامة المالية للنادي.
3- التنويع في مصادر الإيرادات: يجب على الأندية الرياضية الاعتماد على مصادر متنوعة للإيرادات. بالإضافة إلى الدعم المالي من الرعاة والرعاة التجاريين، يمكن للأندية الاستثمار في المبيعات التجارية وحقوق البث التلفزيوني والتسويق وتذاكر المباريات وتطوير العلامة التجارية. يمكن أن يساهم التنويع في المصادر في تقليل الاعتماد على مصدر واحد وزيادة إشراك الجماهير والمجتمع المحلي.
4- رقابة قوية ومراقبة مالية: يجب أن يتواجد نظام رقابة داخلي قوي لمراقبة النفقات وضمان استخدام الموارد المالية بطريقة مسؤولة. يمكن إعداد ميزانيات دقيقة وإجراء تدقيقات دورية للمساهمة في مراقبة التكاليف والتحكم في الإنفاق المفرط.
5- الالتزام بالمعايير القانونية والمهنية: يجب على الأندية الرياضية الالتزام بالمعايير القانونية والمهنية في إدارة الموارد المالية. يتعلق ذلك بالامتثال للضوابط المالية والقوانين الضريبية وتقديم التقارير المالية المطلوبة.
ختاماً، يمكن أن تكون حوكمة الأندية الرياضية وتخصيصها سببًا رئيسيًا في نجاح الموارد المالية من خلال الشفافية والإدارة الفعّالة والمراقبة والامتثال للمعايير، يمكن للنادي تحقيق استدامة مالية وتطور رياضي مستدام، فالقصة الملهمة لنادي بوروسيا دورتموند تعكس أهمية التخصيص والحوكمة القوية في تحقيق النجاح المالي والرياضي للأندية الرياضية.
** **
- د. عبدالعزيز بن صالح العجلان