عبد الله سليمان الطليان
هل يمكن رفع مستوى الذكاء عن طريق تناول غذاء معين؟ وهل هناك أطعمة أو مواد غذائية معينة تجعل بعض الناس أذكى من الآخرين؟ الواقع أن هذه التساؤلات قديمة يختلط فيها الموروث الشعبي بالبحث العلمي في العقل السليم في الجسم السليم كما تقول الحكمة العربية، أو كما يقول المثل الألماني (الإنسان هو ما يأكله..) تشير بعض الدراسات إلى أن بعض المواد الغذائية، وخاصة الفيتامينات والمعادن لها علاقة بالذكاء. ويؤدي تناولها إلى رفع مستوى الذكاء. وقد استعرض عالم النفس البريطاني الشهير هانز إيزنك وزميله شونشالر الأدلة المتاحة حول هذا الموضوع في فصل كتباه عام 1997 وخلصا من خلاله إلى الاستنتاجات التالية:
-1 يؤدي المستوى المنخفض من الفيتامينات والمعادن في الدم إلى انخفاض مستوى ذكاء الطفل عن المستوى المتوقع له.
-2 يؤدي إمداد الطفل بالفيتامينات والمعادن إلى زيادة نسبة الذكاء السائل. أو غير اللفظي لدى الطفل، ولكنه لا يؤثر في الذكاء المتبلور.
-3 يزداد الأثر الإيجابي للفيتامينات والمعادن على ذكاء الطفل كلما كان أصغر سنا، ويقل كلما تقدم في العمر. فأفضل تأثير يمكن الحصول عليه بالنسبة إلى حديثي الولادة والأطفال ولكن لا يوجد تأثير التغيير نمط الطعام بعد سن المراهقة.
-4 تؤدي الفيتامينات والمعادن إلى تأثير إيجابي في ذكاء الأطفال فقط بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون نقصا فيها، فلا تأثير لهذه المواد الغذائية على الأطفال العاديين الذين يحصلون على القدر الكافي منها.
-5 يبدو أن نقص الفيتامينات أكثر خطورة على ذكاء الطفل من نقص المعادن باستثناء معدني الماغنسيوم والحديد.
-6 تبلغ متوسط زيادة نسبة الذكاء لدى الأطفال كنتيجة لتناول مزيد من الفيتامينات والمعادن حوالي 3.5 نقطة فقط، ويرجع ذلك إلى أن الأغلبية من هؤلاء الأطفال، وهم الذين يحصلون على غذاء متوازن لا يحتاجون إلى هذه الزيادة ولا تؤثر فيهم تأثيرا إيجابيا (وإن كان ذلك لا ينفي بطبيعة الحال الأثر الإيجابي المرتفع لهذه المواد الغذائية على ذكاء الأطفال الذين يحصلون على مقادير منخفضة منها).
-7 تستمر التأثيرات الإيجابية لتقديم المزيد من الفيتامينات والمعادن ذكاء الأطفال الذين يحتاجون إليها لمدة عام على الأقل أو ربما أكثر وهكذا تشير هذه النتائج بوجه عام إلى أن الغذاء ضروري للوصول إلى مستوى الذكاء الذي تؤهله له إمكاناته الوراثية. ولكنه غير لزيادة نسبة ذكاء شخص يحصل على الحد الأدنى من المواد الغذائية الكافية.
إن الحرمان من المواد الغذائية وخاصة عدم تناول وجبة الإفطار، حيث تشير الأبحاث إلى أن عدم تناول هذه الوجبة له تأثير سلبي في قدرات التفكير والذاكرة، ولكنه تأثير يقتصر على الأطفال في الأعمار الصغيرة.
في النهاية إن قضية علاقة الذكاء بالغذاء تمثل قضية مهمة. خاصة بالنسبة إلى شعوب العالم الثالث حيث يشيع نقص الغذاء وما يترتب. عليه من عواقب بالنسبة إلى ذكاء الأفراد في هذه الشعوب الأمر الذي ينعكس على أمنها ومستقبلها، ولو على المدى البعيد.