سارا القرني
قبل أقلّ من عام وفي بداية انضمامي لصحيفة الجزيرة تقريباً كتبتُ مقالاً في العدد 18056 عنوانه «الولاء حسب المصلحة» انتقدتُ فيه المتلوّنين ومزدوجي المصالح حين تصطدم أهواؤهم مع قوانين الدولة وأنظمتها، ليشنّوا حرباً هوجاء ضدّه متناسين ما فعله من أجلهم.
في تلك الفترة.. انتقدني الكثيرون بحدّة، معلّلين ذلك بأنه من الخطأ شنّ هجوم واكتساب أعداء في أولى خطوات الطريق، لكنني جابهت انتقادهم بقولٍ واحد «الوطنُ هو الطريق»، طريقٌ لا تختلف فيه خطوةٌ عن أخرى، بل تشذّ إذا اختلَفت، وإنّ كلّ شذوذٍ عن الوطن هو عقوقٌ وانسلاخ لا بدّ أنْ يُحارب بقوة!
في فترةٍ سابقةٍ كانت هنالك تيارات يعلو صوتُها دفاعاً عن قضيةٍ ما، منهم النسويات على سبيل المثال لا الحصر، اللاتي ملأن الدنيا بعبارات الحرية والاستقلالية والنضج وتحمل المسؤولية والخروج من عباءة الوليّ أو سُلطة الذكوريين –كما أسموها- ذلك الوقت، فرأينا بأمّ أعيننا التحريض على الهروب واللجوء إلى بلادٍ جلّ همّها هو تفكيك المجتمع السعودي وتهميش الأحكام الإسلامية من خلال فرض أجندات وغسل أدمغة واستخدام أبناء الوطن ضدّ وطنهم للأسف، ولكنْ قيّض اللهُ لهذه البلادِ من يحميها، أسداً هصوراً فتّت أحلام أعداء المملكة باستغلال أبنائها، وسنّ القوانين التي تكفل حقّ المرأة وتضمن استقلاليتها من خلال أنظمة صارمة وقوانين تتماشى مع أعراف المجتمع وتقاليده، فسكتت كلّ الأفواه ومات كلّ ذي سمٍّ بسمّه!
ولأنّ للمستجدّات قوانين تلائمها.. استجدّت قضيّة الانفلات الأخلاقي على مواقع التواصل الاجتماعي، وبات صاحب كلّ سقطةٍ مشهوراً إلا من رحم ربي، وتهافتت عقود الإعلانات على أصحاب المشاهدات المليونية.. لنرى انكشاف الأقنعة وصدق القلوب، وباتت رخصة «موثوق» حلماً لكلّ مشهورٍ كي يعلن، فمن أحسن أدبه وراعى ضوابط وأنظمة وقوانين البلد.. فلا جناح عليه، ومن أراد غير ذلك فلهُ غير ذلك، عندها وبكلّ بساطة رأينا الهجوم الممنهج على المملكة من «مشاهير الفلس» الذين لم يحصلوا على موثوق لرداءة محتواهم وانحطاط مغزاه، فاصطدمت أهواؤهم بقوانين الدولة وحاربوها، وكشف المال عن عبيده، ولفظت الأخلاقُ من يدّعيها!
منذ سنين ونحن نحذر بأنّ أغلب من حاربوا أوطانهم لن يعتدلوا، فالتلوّن مذهبهم والمصلحة دينهم وطريقهم، فإذا اشتريتهم اليوم بجميل صنعك.. سيبيعونك غداً لقبيح طبعهم!
وأذكر إحداهنّ التي ملأت مواقع التواصل ضجيجاً بالدفاع عن حرية النساء، فلمّا تزوجت باعت كلّ النساء وقضاياهنّ، ولما اشتهرت أظهرت كلّ غاياتها وهي البجاحة قولاً وفعلاً على الملأ، وعندما لم تحصل على موثوق ملأت الساحات بكاءً وشتماً وافتراءات على المسئولين، ثمّ بين ليلة وضحاها تذهب إلى لندن لتهاجم المملكة من هناك هي وزوجها! وقد فضحهم موثوق وأصبحوا أعداء الوطن.