د.عبدالعزيز الجار الله
انطلاق الدورة العاشرة لمؤتمر الأعمال العربي - الصيني الذي استضافته الرياض، تحت شعار «التعاون من أجل الرخاء» خلال الفترة من 11 - 12 يونيو 2023، يعد مؤشراً على دخول الصين والدول العربية مرحلة جديدة بعد التحولات في الصراع العالمي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية 2022، وما جرى بعدها من تطورات بين الصين والغرب.
ستبقى بلادنا السعودية -بإذن الله - ممسكة بعصب السياسة والاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، لأنها في موقع جغرافي جعلها تبسط نفوذها الإقليمي على الممرات البحرية للتجارة الدولية، وتربط ثلاث قارات بارزة ومؤثِّرة في السياسة والاقتصاد الدولي هي: آسيا (الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والباكستان وإيران ووسط آسيا)، وأوروبا (روسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها)، وإفريقيا (مصر ودول الشمال الإفريقي، وشرقي إفريقيا، ووسط وجنوب إفريقيا).
فالمملكة من خلال موقعها على الخليج العربي فهي من الدول المطلة على بحر العرب والمحيط الهندي، ومن خلال موقعها على البحر الأحمر فهي من الدول المطلة شمالاً على البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، وجنوباً على المحيط الهندي، هذا الموقع الجغرافي الإستراتيجي مكَّنها من أن تمد جسورها التجارية والاقتصادية إلى دول حيوية في العالم، وتكون ذراعاً فاعلاً في مفاصل التجارة العالمية.
المملكة تعد الاقتصاد الأقوى بين دول المنطقة العربية والشرق الأوسط في النمو الاقتصادي والحضاري، حيث حققت نجاحات ملحوظة في النماء والإعمار والمشروعات التي بدأت عام 2016 مع تنفيذ رؤية السعودية 2030 ، نتيجة لهذا النماء في مشروعات النقل والإعمار والاستثمار المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي تحولت المملكة إلى جسر ما بين القارات الثلاث بما فيها آسيا التي تعتبر الصين الأنشط بين القارات، لذا رأت الصين ضرورة الارتباط مباشرة بالدول العربية دون الحاجة إلى أن تمرر استثماراتها عبر مناطق أخرى في العالم.
كانت تجارة الصين تركز على التجارة مع أمريكا وأوروبا وبعد أحداث الحرب في روسيا وأوكرانيا والمواجهة المبطنة بينها وبين الغرب فقد غيَّرت الصين من الموازين السياسة والاقتصادية مع الغرب والتبادلات التجارية لصالح مناطق أخرى والتحول إلى سوق عربية مشتركة، وهو ما سيسهم في زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية للمنطقة.
طرح في المؤتمر أن التعاون سيكون شاملاً بما فيه الطاقة والبنية التحتية ومجالات منها: التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والزراعة والعقارات والمعادن. ومن جانب آخر ركز الملتقى العربي الصيني على إحياء لـ»طريق الحرير المعاصر» البري والبحري الذي ربط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا لعقود طويلة بروابط تجارية وثقافية تم من خلالها تبادل السلع والمنتجات والثقافات والعلوم.
المؤتمر والملتقى الذي يجمع هذا العام أكثر من 3 آلاف مشارك من كبار المسؤولين الحكوميين وقادة الأعمال من 23 دولة، سيشهد مستقبلاً تطويراً نوعياً بين الصين والعرب في ظل المتغيرات العالمية.