رمضان جريدي العنزي
السخاء هو البذل والجود والكرم والعطاء دون مقابل، وهو من أروع ما يتسم به الإنسان من صفات، والأسخياء نبلاء فائزون بالصيت والسمعة الطيبة والذكر الحسن والمدائح الغراء، كونهم يبذلون الأموال في مضامير البر والمعروف والإحسان والنفع الإنساني وسوف يجدونها يوم القيامة شاهدة لهم بِحُسْنِ الصنيع، وأما في الدنيا فإنهم يحظون بحب الناس واحترامهم وتقديرهم لما جُبلوا عليه مِنْ كرم ونبل ومروءة وإحساس، بينما لا ترى بخيلاً أو شحيحاً يحظى بشيء من ذلك مطلقاً، وعليه فإن الأسخياء يموتون ولكنّ ذِكرْهم لا يموت، والسخاء فضيلة كبرى، ولفظة جميلة معانيها قويمة، عذبة ومشوّقة، تنعش الروح، وتشرح الصدر، وتصنع الألفة والمحبة والتعاون بين الناس، والأسخياء إن عاشوا فهم في أعين الناس عظماء، وإن ماتوا فهم في أعين الناس أحياء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وقال تعالى: {قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ}، ويبيِّن الله جلَّ في علاه أن المال أمانة وحق في يد الإنسان وهو مستخلف فيه فيقول: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}، ولقد جعل الله العظيم الإنفاق والبذل من خصال البر، فقال: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ}، وأما السنة المطهرة ففيها الكثير والكثير الذي يدعو إلى البذل والإنفاق ويرغّب في الجود والكرم، قال صلى الله عليه وسلم: (إن السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد عن النار، وإن البخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار والجاهل السخي أحب إلى الله من عالم بخيل)، ولو أن الناس يعلمون ما في الكرم من مآثر وحسنات لأسرعوا ولجادوا بأنفسهم وأرواحهم في سبيل الحصول على هذه المفار، إن السخي يحبه الناس في حياته وبعد موته ويجلونه في حضرته وغيبته ويقلِّدونه في قوله وفعله، كلمته مسموعة وأمره مطاع ورأيه سديد وحكمه نافذ، إن السخاء يقلِّل الأعداء، ويكثر الأحباء، ويغفر الزلات ويستر العيوب:
قال الشاعر:
يغطى بالسماحة كل عيب
وكم عيب يغطيه السخاء
وقال آخر:
وكم مات قوم وما ماتت مآثرهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
وقال آخر:
فتشبهوا إنْ لم تَكُونُوا مِثْلَهُم
إنّ التَشَبّهَ بالكرامِ فلاحُ
اللَّهم ظلنا بظلك يوم لا ظل إلا ظلك.