«الجزيرة» - وكالات:
تعد جزر البهاما ملاذاً للشواطئ النقية والطقس المذهل، لكن الجزر التي تقع في قلب البقعة المرعبة من المحيط والمعروفة باسم مثلث برمودا، كانت لقرون بمثابة مصيدة هلاك للسفن.
الآن، رسم الخبراء مواقع 176 سفينة غرقت قبالة الجزر بين عامي 1526 و197، وكان بعضها يحمل الذهب، بينما كانت لدى البعض الآخر حمولات تتراوح بين السكر والتبغ والقطن وحتى العبيد الأفارقة.
وتوضح خريطة تفصيلية مواقع حطام السفن ومعظمها (77) هي حطام سفن أمريكية، وتم التعرّف على ست وثلاثين من السفن على أنها بريطانية، في حين أن 19 سفينة أخرى كانت إسبانية.
وتحطمت هناك غالبية السفن - 145 (82 %) - في القرن التاسع عشر، بينما يعود تاريخ غرق ثلاث سفن فقط إلى القرن السادس عشر.
وفقدت ثمانية و10 سفن أخرى في القرنين السابع عشر والثامن عشر على التوالي، وأطلقت شركة Allen Exploration الأمريكية مشروع Bahamas Lost Ships (سفن الباهاما المفقودة) بالاشتراك مع الباحث في حطام السفن جيمس جيني.
واستخدم فريق البحث المصادر التاريخية بما في ذلك المحفوظات ومقتطفات الصحف القديمة لتحديد مواقع حطام السفن. ووقع أكثر من 70 % من الخسائر غرب منطقة تعرف باسم بنك باهاما الصغير، فوق الطرف الغربي لجزيرة غراند باهاما، وما لا يقل عن 85 % من حطام السفن كانت لسفن تجارية.
ويهيمن الخشب والسكر والدبس على أنواع البضائع التي تم تحديدها والبالغ عددها 251، لكن النقود والفضة والذهب مدرجة في ثماني سفن، تم تسجيلها جميعا على أنها تم إنقاذها بشدة بعد فترة وجيزة من غرقها.
ويظهر البحث كيف غرقت 17 سفينة تحمل شحنات عالية القيمة من القطن بين عامي 1822 و 1866 . وتضمنت أكبر شحنة 3912 بالة تم شحنها على السفينة البريطانية «ديوك»، فقدت قبالة «وود كاي ريف» في 14 أبريل 1852 .
وغادرت معظم الشحنات من نيو أورلينز في لويزيانا وموبايل في ألاباما وجالفستون في تكساس، وتراوحت وجهاتها المقصودة من نيويورك إلى تريست وجنوة في إيطاليا وليفربول في إنجلترا.
وبحلول عام 1800، كانت الولايات المتحدة تنتج 40 مليون رطل من القطن سنويا، وبحلول خمسينيات القرن التاسع عشر، مر نصف «الذهب الأبيض» في الجنوب القديم، والذي كان يقطفه العبيد، عبر نيو أورلينز.
وكانت عشر من سفن تجارة القطن التي فقدت قبالة شمال جزر الباهاما أمريكية وثلاث بريطانية وواحدة إسبانية وواحدة سويدية.
ووفقا للباحثين، فإن المواد التي لا يزال ممكناً حفظها تحت الماء تشمل البراندي المعبأ في زجاجات، والشحنات القرمزية لصنع الصبغة وجوز الهند ونبيذ ماديرا والمؤن العسكرية.
ويرتبط خمس وخمسون شحنة من السكر والدبس والسيجار والبن والتبغ والأخشاب تم تحديدها في 28 حطاماً، بتجارة الرقيق بين غرب إفريقيا والأمريكتين، وخاصة كوبا.
وأبحر أكثر من 70 % من هذه السفن بعد عام 1820، عندما أصبحت تجارة الرق الإسبانية في كوبا غير قانونية. وقال الدكتور مايكل باتمان، مدير متحف جزر البهاما البحري، إن الأرقام «تجبرنا على مواجهة أهوال تجارة الرقيق». وتقطعت السبل باثنين من تجار الرق الكبيرين يعملان من هافانا، كوبا، والمتوجهين إلى غرب إفريقيا، في عاصفة على ماتانيلا ريف في 23 يناير 1817 .
وبعد ذلك بعامين، تحطمت سيليست، القادمة من غرب إفريقيا وعلى متنها 170 شخصاً مستعبداً، قبالة غرب جزيرة غراند باهاما في 24 مارس 1819 بعد أن استولت عليها سفينة خاصة.
وقال الدكتور شون كينجسلي، المتعاون في المشروع ومحرر مجلة Wreckwatch: «من خلال البوابات الغارقة لجزر الباهاما، يمكنك تتبع مسار تجارة الرق بالكامل». واحتجزت السفن المفقودة أفارقة مقيدين، وأخشاباً لتثبيت أسطح العبيد في السفن التجارية، وألواحاً لصنع صناديق لتصدير السكر والسيجار الذي ينتجه العبيد في كوبا الإسبانية.
وبحلول عام 1862، أُجبر 437000 إفريقي مستعبد على العمل في 2430 مزرعة سكر في كوبا، ولا عجب في أن الكتاب وصفوا هافانا بأنها مكان كناية عن مأدبة للموت. وتشمل الصادرات الكوبية الممثلة في مخزون مشروع سفن الباهاما المفقودة شحنات السكر التي بلغت ذروتها عند 5700 كيس لكل سفينة.
وتم تصدير 1700 صندوق من هافانا على متن السفينة الدنماركية هانا، التي فقدت قبالة صخرة الذاكرة في 30 يونيو 1852 وتوجهت إلى كوبنهاغن في الدنمارك، وفي حين تشتهر جزر البهاما بالأعاصير التي تقصف بانتظام الجزر، فإن معظم السفن المفقودة (82 %) لاقت مصيرها بعد أن تقطعت بها السبل على الشعاب المرجانية وشواطئ الجزر.
وكان هذا يعني أن إنقاذ السفن لم يكن صعبا. حتى أن الغوص لاستعادة الشحنات أصبح مهنة رائدة في اقتصاد جزر البهاما، وفقا للخبراء. ووجد مشروع سفن الباهاما المفقودة أن 60 سفينة في قائمته تم إنقاذها من قبل الحطام المحلي بين عامي 1656 و1908، ومن بين 37 نوعاً من البضائع المحفوظة، كان القطن والسكر أكثر شيوعا يليه الخشب ودبس السكر والعصي والذهب والفضة والعملات المعدنية.
وستظهر نتائج مشروع سفن الباهاما المفقودة في معرض تفاعلي خاص في متحف جزر البهاما البحري. وتم إطلاق المشروع في نادي المستكشفين في نيويورك، ومن المقرر أن يتم توسيعه في الأشهر المقبلة على أمل توثيق جميع الخسائر البحرية التاريخية في جزر البهاما.
وقال كارل ألين، مؤسس Allen Exploration: «بينما نبحث بشق الأنفس عن الأجزاء المفقودة من السفينة الإسبانية مارافيلاس التي غرقت في عام 1656، فإننا ندرك جيدا ثروة التاريخ البحري هنا، في غطساتنا، نتعثر فوق حطام بعد حطام. لعقود من الزمان، كانت السفن المفقودة في جزر البهاما أشباحا صامتة، أبحر العديد من سفن الحرب والتجارة وغرقت في هذه المياه، أخيرا، نكتشف أسماءها وقصصها. إن العدد الكبير من السفن التي تم تحديدها في الأرشيفات الترابية قد خلق أول خريطة رئيسية للإرث البحري الهائل للمنطقة».