محمد سليمان العنقري
مصادر الخبر في الإعلام عديدة منها وكالات الأنباء والجهات الرسمية والاعتبارية ووسائل الإعلام المرخصة ولكن أضعفها هم الأفراد عموماً، فالوصول للمعلومة ليس بالأمر السهل والشواهد كثيرة لعل أهمها مثال انتهى فصله الأخير الأسبوع الماضي وهو ما كان يدور في وسائل الإعلام حول وجهة لاعب كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي بعد انتهاء عقده مع نادي باريس سان جيرمان وقد اختار وجهته لنادي أمريكي وصحيح أن وسائل الإعلام ركزت على الحدث لأسبوع كامل وكانت تتحدث عن العروض المقدمة له وترجح كفة عرض على آخر لكن بالمحصلة القرار يعود للاعب فقط إلا إن اللافت هو تصدر حسابات فردية بوسائل التواصل للمشهد وبثها أخباراً عن الوجهة التي اختارها وقد يكون الاهتمام مبرراً لواحد من أفضل اللاعبين بعالم كرة القدم الذي ختم صنعته كما يقال بحصده لكل الألقاب على الصعيد الفردي والجماعي لكن بعض تلك الحسابات اكتسبت جماهيرية من خلال نشرها لأخبار اتضح أنها غير صحيحة بنهاية المطاف.
فقد ربطت أغلب الحسابات وتحديدا بتويتر بين ميسي والانتقال للدوري السعودي ضمن صفوف نادي الهلال وقد يكون هناك عرض قدم له لكن ذلك لا يعني الاتفاق النهائي إلا بعد أن يعلن اللاعب ويقوم بالتوقيع رسمياً وأمام عدسات الكاميرات فالمشروع السعودي لتطوير الدوري ضخم ولا يقوم على استقطاب لاعب من عدمه مهما كانت نجوميته ونادي الهلال هو أحد أفضل أندية قارة آسيا والأعلى تحقيقاً للألقاب محلياً ولم يصل لإنجازاته عبر عقود من خلال لاعب واحد بل بعمل مجموعة من اللاعبين ولن بكون ميسي بحسب وصف خبراء كرة القدم إضافة فنية كبيرة لأي ناد سيرحل له لأنه تشبع بالبطولات ولم يعد بسن قادر على العطاء كما هو الحال عندما كان في ناديه الذي أمضى جل عمره الكروي فيه برشلونة وحصد معه أكثر من 30 لقبا محليا وخارجيا فحتى عند ذهابه للنادي الباريسي كان لاعباً غير مؤثر ولم يضف لهم الإنجاز الذي يحلمون به كأس دوري أبطال أوروبا بل كان تركيزه على منتخب بلاده بأن يحقق معه البطولات الأهم وهذا ما حدث فعلياً، كما أنه بوصف الخبراء تربى على طريقة لعب برشلونة وأي أسلوب آخر لا يمكنه أن يقدم من خلاله شيئا، إضافة إلى أنه ليس في سن صغيرة حتى يتكيف مع أي أسلوب بمعنى أن ميسي يحتاج لفريق ومدرب يلعب بنفس أسلوب مدرسة برشلونة وهذا أمر صعب ويبقى الجانب التسويقي وهو بالتأكيد عامل مهم نظراً لشهرته وتميزه بذلك.
إلا أن ما هو مهم بملف ميسي هو ضرورة أن تستقي الجماهير المعلومات من مصادرها الرسمية فقط وألا يرفعوا سقف التوقعات بناءً على خبر من إعلامي رياضي يتحدث بصفة فردية أو أي حساب لديه عدد كبير من المتابعين وقد يكون بعضها نقل الخبر لمرة واحدة كما يدور عالمياً دون أن يجزم بوجهة اللاعب لكن الحديث يبقى عن الذين أغرقوا حساباتهم كل يوم بعدة تغريدات تجزم بتوقيع ميسي للهلال وبعضهم قفز إلى أن الطائرات موجودة بمطارات أوروبية لنقل اللاعب والعديد من القصص التي نسجت حول الحدث، فكلها اعتمدت على أن هناك عرضا مقدما للاعب وقد يبرر للجماهير التي تميل لأي ناد اهتمامها بقدوم لاعب له لكن بنهاية المطاف يجب أن يصدقوا فقط المصدر الرسمي عندما يعلن بشكل قاطع إتمام أي صفقة فكون فرد أصاب بخبر يوما ما لا يعني أنه مصدر رئيس موثوق للخبر فتبقى إمكاناته محدودة ومتركزة على هاتفه وقربه من وسائل الإعلام أو أي مصدر لا يمكن الوثوق بدقة معلوماته وهل كان يستخدم ذلك الإعلامي أو الفرد لنشر أخبار تحرف الأنظار عن الاتفاق الذي يطبخ فعلياً وهنا تأتي نباهة الإعلامي وخبرته في كيفية التعامل مع مثل هذه الأحداث الغامضة فجميع من أكد قدوم ميسي للدوري السعودي وكذلك من اقتنع بما قالوه يعد ما حدث درسا مهما بكل الأمور التي نعاصرها بحياتنا وهو ألا نصدق ما يقال حتى يعلن رسمياً فبث الشائعات والأخبار غير الدقيقة أو الكاذبة سهل جداً في عالم اليوم مع وسائل التواصل الحديث وعواقبها السلبية كثيرة منها تشتيت الانتباه ورفع سقف التوقعات لبث الاحباط عندما يتضح أن الخبر صحيح وغير ذلك من العوامل الضارة.
الشائعات آفة ضارة جداً وتستخدم بكل جوانب الحياة التي تهم المجتمعات و»التمصدر» مرض يصاب به البعض ويعتقدون أنهم بذلك يحققون شهرة صحية ومجداً عظيماً وعندما يصدم بأول حدث يسير عكس ما كان يروج له تجده إما محرجاً أو يتم تحميله مسؤولية زرع الآمال بالجماهير من قبلهم وتمرر له تعليقات غير لائقة لم يكن بحاجة أن يسمعها وإذا كان إعلامياً فقد يضر ذلك مستقبله المهني فالحياة دروس وعبر ولا بد أن تمثل قصة ميسي مثالاً للجميع على ألا تصدق كل ما يقال ولا نصف ما ترى كما يقول المثل الصيني وأن ينتظر المتلقي الخبر من مصدره الرسمي وليس من وكالة (يقولون) فوسائل التواصل بما يبث فيها من معلومات وأخبار غير موثوقة أصبحت تمثل خطراً كبيراً على وعي المجتمعات والشواهد كثيرة باخبار كاذبة في السياسة وكذلك أسواق المال والأصول وبث الشائعات على أسهم شركات والكثير من الأمثلة.