د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
على ضفاف التربية الخاصة انهمر وجيبٌ مجتمعي خاص له طقوسه الملأى بالبهجة والآمال، ففي مساء الخميس الثاني عشر من شهر ذي القعدة الجاري وفي قاعة الأميرة هيا بنت تركي للمؤتمرات في جامعة الفيصل: احتفال تسيل له الأمنيات وتذوب العيون ويشتاق الوجدان ويقول أبناؤنا وبناتنا ذوو الإعاقة هلموا إلينا؛ يعانقون الفوز ويلثمون الفرح ويتلو عليهم الخطوة القادمة وينبئهم بالحب القديم الجديد الشيخ محمد بن صالح بن سلطان -رحمه الله - فيحملون معهم عبق أعمال الشيخ الذي ملأ أريجها أجواءهم منذ عام 1425 عندما أسس لهم جائزة تشكرُ تفوقهم، وتبارك إبداعاتهم، وحمل معهم أماني أهلهم التي كادتْ تخبو فهناك في آفاقهم نداءات الاحتواء واحتضان الشغف نحو الإبداع والتميز! فأصبح الاحتفال بالجائزة منذ تأسيسها إلى ذلك المساء في دورتها السابعة عشرة سيل من الفرح تتراقص السعادة بين ضفتيه فيزرعها في نفوس الفائزين!
ولمعاني الاحتفاء بالفائزين من ذوي الإعاقة صوت شجو جميل وللمكان هيبته وللزمان وقاره استُلتْ مفرداتها من عيون الفائزين بالتفوق والإبداع من ذوي الإعاقة؛ تلك الفئة الغالية من أبنائنا التي عجز الأولون والآخرون أن يصلوا إلى أبوابهم الحقيقية؛ فما زالت العقول البيضاء دون نقش فكانت جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان منذ انطلاقها معاوناً جليلاً انبثقتْ عنه حقبة جميلة من تاريخ العناية بذوي الإعاقة التي حمل لواءها تعليمياً وتربوياً والدهم البصير «كفيف البصر» الدكتور ناصر الموسى عندما كان يتربع على منصة المسؤولية؛ فاعشوشبت بيئات تلك الفئة, وبدأت براعمهم تظهر، وقواعدهم ترتفع, ولكن «ما كل ما تمنى الدكتور ناصر الموسى أدركهُ» «وإن غدا لناظره قريبُ».
وفي إهاب الجائزة كانت مستهدفات عالية آزرت الجانب التعليمي من خلال إذكاء روح المنافسة بين طلاب تلك الفئة الغالية، وتقدير إبداعاتهم، وتفعيل مشاركتهم الإيجابية في المجتمع وتوعية المجتمع بقدراتهم، كما استطال ظلال جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان -رحمه الله - فشمل التنافسُ مجالات تهافتَ عليها الطلابُ ذوو الإعاقة فأبدعوا وتفوقوا يتصدرها حفظ القرآن الكريم والتفوق الدراسي في مجمله والإبداع في عمومه الذي تفرع منه الإبداع العلمي والأدبي والفني، وللجائزة كيان أقام أوتادها فاهتزت وربتْ، وهيكل تنظيمي محكم يحمل الجائزة ويضيء مفاوزها، وثمة سنابل تنحني امتلاءً خارج دوائر الاحتفال بالجائزة تتمثل في الدعم المجتمعي المباشر بتقديم الإعانات النقدية والعينية لذوي الإعاقة وتوفير الوسائل التعليمية والمعينات السمعية والبصرية وسواها لذوي الإعاقة، ودعم المراكز التي تخدم ذوي الإعاقة، كما تمتد عطاءات الجائزة إلى دعم المراكز التي تخدم ذوي الإعاقة، وتنظيم ورعاية الأنظمة والأنشطة والفعاليات والملتقيات العلمية كما تحظى الطباعة العلمية والتوعوية اهتماماً موازياً للمجالات الأخرى التي صنعتها الجائزة ليزدهر بها واقع الرعاية المعرفية لذوي الإعاقة باعتبارها قواعد تأسيسية يجب أن لا تغادر بيوت المستفيدين المباشرة!
ولأن علينا ألا نغادر الحديث عن جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان للتربية الخاصة دون المرور على من كانوا عظاماً في مسيرة الجائزة وتسييرها ومن ربطوها بالمنجز الوطني الكبير وهم عائلة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان -رحمه الله - والرئيسة العامة للجائزة التي أوقدتْ شموعها فأضاءت ما حولها وهي الأستاذة جواهر بنت محمد بن صالح بن سلطان ذلك النموذج الإنساني الوطني حين رفعت لواء الجائزة منذ تأسيسها بِرَّاً وإحسانا
بوح الختام...
رحم الله الدكتور غازي القصيبي:
لا تقل إني معاق مد لي كف الأخوة
ستراني في السباق أعبر الشوط بقوة