سلمان بن محمد العُمري
من التشبيهات البليغة والتوصيفات الدقيقة التي قرأتها عمّا يسمى بدورات (الانفلات) التي تسمى تطوير الذات والمخصصة للسيدات، بأن من يلتحقن بهذه الدورات ويؤمن ببعض الأفكار هن أشبه بالغزلان اللاتي خرجن في الغابة، ونسين أنفسهن وتكوينهن النفسي والجسماني، وما أشبههن بمن التحقن بدورة في تطوير الذات بعنوان: «أنتِ تستطيعين....».
هذا واقع بعض البنات الضعيفات عندما خدعوهن وقالوا لهن أنتن تستطعين مواجهة الأخطار لوحدكم فوقعن لقمة سائغة للوحوش المنتظرة.
ولم يقف الأمر عند حدود التخبيب وتشتيت الأسر، بل تعدى ذلك لأفكار أخرى فقد رفع المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية خلال 2022، بلاغات تجاه 100 مخالفة رصدت على دورات لتطوير الذات، من بينها نصيحة من مدربة تطوير للذات تدعي قدرات علاجية لمريضة نفسية بالتوقف عن أخذ أدويتها، مما تسبب بانتكاسة خطيرة للمريضة تطلبت تنويمها في أحد المستشفيات النفسية لأسابيع عدة، وأثرت حالتها الصحية كثيراً على أسرتها وأطفالها، ولم يتوقف الأمر على فساد البيوت وخرابها والإضرار بصحة الناس وعقولها، بل تعدى ذلك إلى التأثير على العقيدة والإيمان، ونحن في عصرنا الحاضر نواجه زحفاً جديداً، يرفع رايته أقوام زعموا أن العبد يتصرف في أقدار الله، وأن نيته تخلق عمله، وأن صفاء الروح يُتلمّس عند كهنة المشرق؛ فلبّسوا على ضعاف النفوس عقائدهم، وأدخلوهم في سراديب من الأوهام مهلكة، بِاسم تطوير الذات والطب البديل واليوغا ونحوهما، وقد حذر كثير من العلماء من هذه البرامج والدورات حِرصاً على حفظ جناب التوحيد، وتنبيهاً للغافلين ممن لم يطلع على حقيقة برامج تطوير الذات والعلاج بالطاقة ودورات قوة الوجود ونحوها مما هو في حقيقته وثنية مؤسلَمة، وإن رأيت مظهر بعض المدربين وسيماه الصلاح، وربما من يقدمون بعض الدورات يجهلون منشأها وأنها من نتاج فكر باطني خطير ليس على المرأة والأسرة فقط، بل هي خطر على المجتمع كله في دينه ودنياه، وهي تستغل كل فكر لتحقيق مآربها، وتأتي بأسماء وعناوين محفزة كدورات الطاقة، وتطوير الذات وأطلق العملاق الذي في داخلك وغير ذلك من العناوين.
ويجب أن نُفرِّق بين دورات التنمية البشرية وتطوير الذات، التي يقدمها مدربون بمؤهلات علمية معترف بها، وترخيص بالدورات، ودورات شعوذات الطاقة التي لا تحمل ترخيصاً، والأدهى أن هذه الدورات أصبحت تقدم (عن بعد) ولم تعد تقام في فنادق أو قاعات أفراح وغالبيتها «أونلاين»، وللأسف أن التأثير السلبي يتضح خصوصاً على النساء ممن التحقن بهذه الدورات وتغيرن سلباً بنسبة كبيرة، فنسبة التأثير أكثر من الرجال، وقد نالهم نصيبهم من الهلوسة وغسل الدماغ، لدرجة أن مدرباً أمر الحضور جميعاً بخلع ملابسهم، وبقوا بملابسهم الداخلية مستمعين للدورة كمثال على قوة إرادتهم واستعدادهم للتغيير.
إن معظم هذه الدورات تعمق الأنانية وحب الذات، ولا تغرس روح التعاون مع الفريق الواحد في البيت أو العمل، بل تكريس الأنانية (أنا ومن بعدي الطوفان)، وتفسد القيم والأخلاق والعقائد.
نسأل الله العافية والسلامة.