العقلاء يرومون العيش على هذه البسيطة بسلامٍ وأمان ويسعون جاهدين أن تكون حياتهم خاليةٍ من الأكدارِ والمنغصات مبتعدين على أسباب ما يجلب لهم الهمَّ والغمَّ حتى يستمتعوا بحياتهم ويتلذذوا بمعاشهم ويرتقوا بأنفسهم وأوطانهم ويكونون بهذا أشخاصًا إيجابيين نافعين فلله درهم! وبارك ربي سعيهم! إلا إنهم يواجهون في هذه الحياة صنفًا من الناس هم بلاء بما فيهم من داء الحقد الذي عبث في أرواحهم ولوث قلوبهم وشوه مشاعرهم ويريدون أن ينقلوا هذا الداء لغيرهم حسدًا من عند أنفسهم فلا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار إلا حين يرون الناس المسالمين في كدرٍ ونصبٍ فيخلقون لهم المشكلات وينشرون الشائعات والأكاذيب السيئات بغيةَ تكدير صفو حياتهم يقودهم في هذه الحرب الشعواء شيطانٌ رجيمٌ ونفسٌ أمَّارةٌ بالسوء لا يردعهم خوف الله آمنين مكره متناسين قول سبحانه {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} طال الزمان أو قصر والعجب أنهم غفلوا عن أنَّ حياتهم قصيرة وأنهم راحلون عنها في أي لحظة وليتهم يفكرون في رحيلٍ مشرِّفٍ عن دنيا الناس فالذكر للإنسان عمرٌ ثانٍ قال ابن دريد: وإنما المرء حديثٌ بعده.. فكن حديثاً حسنًا لمن وعى ولهؤلاء رسالةٌ خطها الشعور قبل الشعر أبعثها لهم لعلها تجد لديهم عقلاً واعيًا وإدراكًا وبصيرة:
الحقدُ نارٌ في القلوبِ توقَّدُ
والحاقدُ المأفونُ فينا يُفسدُ
يغترُّ في ثوبِ العوافي ناسيًا
أنَّ الحياةَ قصيرةٌ تتوعَّدُ
أغواهُ شيطانٌ مريدٌ حاسدٌ
يبغي بنا شرًا علينا يحقدُ
ما مات ديَّانُ الخلائقِ ربُّنا
سيُذيق أهلَ الحقدِ كأسًا يُجهدُ
كم من بيوتٍ هدَّمتها أنفسٌ
الحقدُ فيها ساكنٌ متسيِّدُ
قد فرَّق الأحبابَ سوأةُ حاقدٍ
عجبًا له كيف الليالي يرقدُ
لو كان من أهلِ الصلاةِ حقيقةً
لصفا له قلبٌ وفينا يُحمدُ
أو صاحبَ القرآنَ فيه طهارةٌ
لفؤاده بالآي حتمًا يرشدُ
عُدْ أيها المغرورُ ربُّك غافرٌ
ولأهلِ توبٍ راحمٌ وسيُسعدُ
** **
تمير - سدير