عبده الأسمري
تأتي الحياة بمحطاتها وتداعياتها لتضع الإنسان في مواجهة مؤكدة مع جملة من التغيرات «الحتمية» والمتغيرات «الإجبارية» بفعل التغير والتغيير والذي يطرأ على البشر من خلال دخول «التطور» أو قدوم «التجديد» أو العيش تحت وطأة «التحديات» مما يؤكد ضرورة وجود «الثقافة» الاستباقية في التعامل مع «المؤثرات» وفق «مناعة» ذاتية تنجح في مواجهة مد «العوائق» ومجابهة جزر «الحقائق».
تقتضي المشكلات الحياتية والعوائق الاجتماعية والظواهر المجتمعية والمتاعب الذاتية إلى وجود إدارة للنفس حتى تتعامل مع تلك التبدلات والتحولات التي تأتي في اتجاهات قدرية مفاجئة أو أحداث عمرية متوقعة مما يتوجب أن يكون لدى الإنسان «ثقافة» استباقية تحلِّل المثيرات والاستجابات وتصدر السلوكيات والتصرفات بشكل يضمن للإنسان تحقيق هدفين أساسيين من «التكيّف» النفسي و»المرونة» السلوكية لحمايته من سوءات «التهور» أو مساوئ «الغضب». من أهم الأصول والأسس والأركان التي تبني «صروح» الإدارة النفسية القائمة على «الحكمة» والمعتمدة على «الاتزان» والمتعامدة على «التروي» أن يقيس الإنسان «المسافات» جيداً في التعامل مع الآخرين مع أهمية وجود «مناعة» نفسية تضمن له «الحماية» من ردات الفعل المحتملة و»وقاية» من انعكاسات السلوك» المفاجئة الأمر الذي يفرض عليه توفير «خطة» ذاتية تسهم في صناعة «النجاح» النفسي و»الفلاح» الذاتي. يتفاجأ الكثير من البشر بالوقوع المفاجئ في أزمات نفسية وأزمات حياتية لانعدام المناعة النفسية التي تضمن للإنسان الظفر بالأمن النفسي والأمان الاجتماعي اللذين يوفران له حصد المغانم ويبعدان عنه سوء المغارم ويعتمد ذلك على مستوى «الثقافة» السلوكية التي يجب أن ينهل منها «الأطفال» و»المراهقون» و»الراشدون» و»الكبار» في عملية «نصح» تكاملية توفرها الأسرة وتكملها جهات التعليم وتؤكدها قطاعات «التوعية» وترسخها تداعيات «التجارب». لا تزال مناهج التعليم «غائبة» عن ترسيخ «الثقافة» السلوكية وتسخير «المناعة» النفسية في خدمة الأجيال وغرس «بذور» التوعية الحقيقية التي تثقف الإنسان بأهمية تعزيز السلوك الإيجابي وتحفيز الفعل القويم وتنمي في النشء مبادئ «الالتزام» و»الانضباط» وكيفية إدارة النفس وفق منهجيات «العيش» وفرضيات «التعايش» والواجب توفير دروس نظرية وتطبيقات عملية لتوظيف «مفهوم» المسؤولية الذاتية عن السلوكيات والمسالك حتى تنمو في «ذهن» الطالب وتسير معه في مراحل عمره كجزء لا يتجزأ من أسلوب الحياة ومسلك التعامل وهوية التواصل ومنهجية العمر. تسهم الإدارة النفسية في تثقيف الإنسان في كيفية التعامل مع ثلاثة اتجاهات رئيسية في تحليل أي مثير أو موقف أو حدث أو تجربة يواجهها من خلال دراسة «الأصول» ومراقبة» الفصول» وحتمية «الحلول» مع أهمية الاستفادة من «التجارب» والإفادة من «المواقف» والاعتماد على النفس والاستناد علالذات والنهل من «مشارب» الشور الصحيح والذي يأخذه من «مصادر» بشرية نالت أسبقية «العون» وأحقية «الثقة».
في كل التجارب الحياتية أصول وفصول وحلول على الإنسان أن يجعلها كدرس نموذجي في محطات العمر حتى يستفيد من «الحل» ويبتعد عن «الخلل» في ظل تغيير اضطراري في «هوية» السلوك في حالات «جنوح» الآخرين نحو الضرر وتغير إجباري في «هيئة» المسلك أمام وقائع «ميول» الغير، حيث المصالح مما يشكِّل «خرائط» ذهنية تعمل على «ضبط» السلوكيات وصناعة «الانضباط» النفسي الذي يقيس «الأمور» وفق حجمها «الحقيقي» بعيداً عن «غلو» يجلب العداء أو «إسراف» يثير التمادي.
من أهم منهجيات «الإدارة النفسية» أن ينهل الإنسان من قصص القرآن الكريم وأن يوظِّف معاني «الاتزان» السلوكي وأن يستعين بالحكمة الحياتية وأن ينأى بنفسه عن «ساحات» الجدال وأن يرتقي بسلوكه عن «منحدرات» الجدل وأن يكون محافظاً على سكينته وهدوئه وأن يعلم أن تصرفاته عنوان لشخصيته وأن سلوكياته برهان لفكره.
يجب أن يتعلم الإنسان «الإدارة النفسية» وأن تكون على رأس أولويات الاهتمام وفي أولى المهام التي تصنع له «الاستقرار» الحياتي المأمول وتضمن له «القرار» السلوكي المفترض للعيش بطمأنينة وسكينة وكي يكون عضواً «صالحاً» في مجتمعه وأنموذجاً «فالحاً» في محيطه وعنصراً «ناجحا ً» في سلوكه.