أ.د.عثمان بن صالح العامر
كتبت في هذه الزاوية قبل ستة أشهر تقريباً عن اللقاء الذي جمعني بالشيخ: زيد بن عبد العزيز بن فياض رحمه الله، ولم يكن في النية العودة للكتابة عن هذا اللقاء لولا أن أحد الزملاء الأعزاء ذكر لي برسالة جوال أن سعادة الدكتور: عبد العزيز بن صالح بن سلمه وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الإعلامية سابقاً ذكر في اللقاء الذي أجرته معه قناة الإخبارية في 12/ مايو/ 2023م، والذي كان مخصصاً للحديث عن (المرأة في الصحافة السعودية)، ذكر أن الفترة التي ترأس فيها ابن فياض رحمه الله صحيفة اليمامة (1380- 1383) لم يكن للمرأة حضورٌ على صفحات هذه الجريدة إبان هذه الفترة، فقد اختفت تماماً.
وللتاريخ مع شديد الاحترام والتقدير والإجلال لسعادة الضيف ابن سلمه الذي عرف عنه الدقة والمصداقية والتميز فإن القارئ في سيرة ابن فياض رحمه الله والمطلع على أعداد اليمامة في هذه الحقبة التاريخية محل الحديث يلحظ أن هناك صفحة مخصصة للمرأة (عالم المرأة) تشرف عليها السيدة : فتحية محمود حبيب. وممن كتب فيها: إضافة إلى الكاتبة فتحية كل من : ناريمان حسين الأكحل من جدة، وأم نبيل، ونجوى حسين الأكحل، ومريم. م. س، وخضرة. م. س، ونعمات محمد فرج الله من الرياض، ونهى عثمان شوقي، وفاطمة الناصر، هذه بعض الأسماء التي استطعت الوصول إلى شيء مما كتبته أقلامهن في فترة رئاسة ابن فياض رحمه الله لليمامة، وهن في نظري من رائدات الصحافة السعودية النسوية في المملكة العربية السعودية. واللافت للنظر طرحهن ومناقشتهن مواضيع ثقافية واجتماعية وسياسية كانت في ذلك الوقت في دائرة المغيب غالباً، وأن البعض منهن تكتب باسم مستعار أو بالحروف الأولى من اسم الأب والعائلة بعد الاسم الصريح، والغالبية من مدينة جدة، والقليل من الرياض فقط، ولذلك وإن وجد إحجام من قبل المرأة للكتابة الصحفية على افتراض التسليم بذلك إبان تلك الأعوام الثلاثة فلا يمكن أن يرجع ذلك إلى ابن فياض رحمه الله وإنما لمعطيات عدة خاصة في نجد، ومن الاجحاف نسبة ذلك له رحمه الله، بل يسجل له تمكين المرأة وتخصيص صفحة خاصة بها، وقدرته على استقطاب هذه الأقلام في مجتمع له خصوصيته وقيمه وعاداته التي لا تخفى، وموافقته وإجازته نشر مقالات تطرق مواضيع جديدة بأقلام نسائية، وللحق والتاريخ فقد قابلت عدداً من تلاميذ الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فوجدت في فضيلته رحمه الله نسيجاً لوحده، له اهتمامات عدة، واستشرافاً للمستقبل البعيد بعين ثاقبة ورؤية عميقة، ولعل من بين الأدلة التي تبرهن على ذلك اهتمامه بالشأن المجتمعي عامة وما يخص المرأة على وجه الخصوص، ورفعه خطاباً لمقام رئيس مجلس الوزراء يطلب فيه الموافقة الكريمة على صدور اليمامة يومياً من أول رجب 1382هـ.
لهذا كله ولغيره كثير فقد حظي تراث فضيلة الشيخ زيد بالاهتمام والرعاية من قبل أبنائه البررة كما كان لدارة الملك عبد العزيز جهودها المشهودة في المحافظة على مكتبته رحمه الله، وليس بعد خطاب مولاي خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز سلمان بن عبد العزيز المؤرخ في 29/ 3/ 1425هـ دليل وبرهان على منزلة ابن فياض رحمه الله وتميزه وسبقه في محراب الثقافة وباب المواطنة الصالحة والعطاء المتميز، وإلى لقاء والسلام.