صدر مؤخراً بالإنجليزية عن دار فكرة للطباعة والنشر والتوزيع، ومقرها جدة، كتاب: «A Saudi Tale: Readings and Encounters in Search of «Consciousness» لمؤلفه إياد أمين مدني، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ووزير الحج وكذلك الإعلام سابقاً.
يتناول الكتاب، وعنوانه بالعربية «قصة سعودي» قراءات ووقفات بحثاً عن الوعي»، سلسلة من القضايا والأحداث المحلية والإقليمية والعالمية التي ارتبطت بمسيرة حياة المؤلف، الذي تولى بجانب أمانة منظمة التعاون الإسلامي، حقيبتي وزارة الحج ووزارة الإعلام، بالإضافة إلى شغله، قبل تولي مسؤولية الوزارتين، منصب رئيس تحرير صحيفة سعودي جازيت، حيث كان أول رئيس تحرير لها، ومنصب مدير عام مؤسسة عكاظ. وقد أتاحت له تولي هذه المهام المتنوعة أن يجد نفسه وسط زخم هائل من الأحداث والأفكار والمعتقدات والتيارات التي كانت لها تأثيراتها الكبيرة على تشكيل هويته الفكرية وعلى توجهات السعوديين في رحلة بحثهم عن إجابات عن أسئلة مثل: ما جوهر أن يكون الشخص سعودياً وعربياً ومسلماً؟ وما تأثير ذلك على سعي السعوديين للحاق بركب الحداثة؟ وماذا تعني الحداثة على وجه الدقة؟ وأين يكمن الوعي الجمعي السعودي ومعرفة السعودي بذاته؟ هل نبحث عن ذلك في الأدب مثلاً أم في الشعر أم في التوجه الفكري أم في الإرث التاريخي؟ وغيرها من الأسئلة؟ وفي إطار العلاقة بين الشرق والغرب يطرح الكاتب عدداً من الأسئلة مثل: هل بإمكان قاطني الشرق بناء هويتهم وثقافتهم وقيمهم الخاصة في مقابل الغرب الرأسمالي الذي تسوده قيم الحرية السياسية والتوجه الفردي نحو الإنجاز الذاتي؟ هل ستسمح تحديات الازدياد والظروف البيئية الصعبة في الشرق بفتح نوافذ لاستحداث بنى اجتماعية بديلة وتحقيق قصص النجاح الخاصة بكل دولة؟ هل بإمكان مجتمع متعدد اللغات والأديان والأعراق بلورة نماذج للبناء؟ ولا يزعم المؤلف أن الكتاب يعطي إجابات شافية عن هذه الأسئلة، ولكنه يقول: إن الكتاب ببساطة محاولة منه لسبر غور التأثيرات التي شكلت وعيه الشخصي والوعي الجمعي السعودي على وجه العموم. ويتناول المؤلف هذه التأثيرات بتحليل للمفاهيم الفكرية المرتبطة بها وسرد مكثف للأحداث المحلية والعالمية التي واكبتها. ورغم نثره لمحات من حياته الشخصية وتدرجه الفكري في ثنايا الكتاب، منذ نشأته الباكرة بالمدينة المنورة، على مقربة من المسجد النبوي، مروراً ببعثته التعليمية إلى الولايات المتحدة، وانتهاء بالمناصب الرفيعة التي تقلدها، فإن الكتاب ليس كتاب سيرة ذاتية بالمعنى المتعارف عليه بقدر ما هو سياحة ثقافية وفكرية ثرة في إطار البحث عن الهوية.