د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
برنامج التحول الوطني أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030 لزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 في المائة بحلول 2030، بعدما تمكنت الرؤية منذ إعلانها من مضاعفة أعداد المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتصل أعداها إلى أكثر من 1.1 مليون منشأة بنهاية عام 2022، ومن أجل تحقيق بيئة تجارية تحفظ حقوق الملكية الفكرية وتعزِّز سلامة المستهلك، ووفق التقرير السنوي لبرنامج التحول الوطني واقع نعيشه 2022 أنه تم إصدار أكثر من 11 ألف وثيقة حماية براءة اختراع وأكثر من عشرة آلاف وثيقة حماية تصميم صناعي، ولتعزيز مكانة السعودية العالمية ورفع تنافسيتها أوضح التقرير أن أكثر 750 إصلاحاً اقتصادياً بهدف تنمية القطاع الخاص، ما جعل السعودية تحقق المركز الـ24 عالمياً في الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2022 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية.
كما تعتبر السعودية المناطق الاقتصادية حجر الزاوية لكل من الإستراتيجية الوطنية للاستثمار والإستراتيجية الوطنية للصناعة والإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية بهدف إيجاد بيئة ابتكار وتطوير لتلعب دوراً مهماً في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تجاوزت حالياً تريليون ريال لتعظيم فرص الصناعات في السوق المحلية، وتم اختيار المناطق الاقتصادية الخاصة قرب الموانئ والمطارات.
وركزت السعودية على برنامج المقار الإقليمية يتيح للشركات العالمية مزايا متعددة عند إنشاء مقارها في الرياض باعتبار المناطق الخاصة محورية كوجهة استثمارية عالمية وستوجد فرصاً لنمو مستدام للأعمال خصوصاً مع توفير حوافز ضريبية متنوعة لمستثمري المناطق الاقتصادية والعمل على تخفيضات ضريبية لمدة 20 عاماً حتى يستطيع المستثمرون التخطيط للمدى الطويل، تشمل إعفاءات دائمة من ضريبة التأمينات الاجتماعية لصاحب العمل، وإعفاء دائم لضريبة القيمة المضافة للمعاملات بين الشركات في المنطقة الاقتصادية وبين الشركات في مختلف المناطق الاقتصادية، وكذلك إعفاؤها من متطلبات السعودية، حيث يوجد في السعودية نحو 180 جنسية عاملة في السعودية وافدة من جميع أنحاء العالم، يبلغ عددهم نحو 10 ملايين عامل، فيما يشكل السعوديون ربع القوة العاملة فقط، ولدى سوق العمل نحو 28 مبادرة تمكن القطاع الخاص من توظيف نص مليون سعودي خلال ثلاثة أعوام أغلبهم من المتخرّجين الجدد، إذا اختارت الشركات توظيف السعوديين سيحصلون على حوافز من صندوق التنمية البشرية.
والمناطق الاقتصادية الخاصة توجد في رأس الخير وجازان ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية، والمنطقة الاقتصادية الخاصة للحوسبة السحابية والمعلوماتية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، حيث حقق قطاع الاتصالات حتى نهاية 2022 أكثر من 81 مليار ريال، وتشمل المناطق الخاصة منصات لوجستية وصناعية متكاملة، وفق تصاميم حوافز من خلال حزم مخصصة وذلك بعد دراسة متأنية للغاية للمعايير العالمية والإقليمية للتأكد من أن هذه الحوافز تنافسية ومرنة في نظر المستثمرين العالميين.
هدفت السعودية التركيز على المناطق الخاصة لترسيخ مكانة السعودية كبوابة عبور لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وحلقة وصل بين أسواق الشرق والغرب، حيث تستضيف السعودية الدورة العاشرة لمؤتمر الأعمال العربي -الصيني والندوة الثامنة للاستثمارات تحت شعار التعاون من أجل الرخاء بمشاركة 23 دولة وأكثر من 2000 مشارك من الوزراء وممثّلي الحكومات رفيعي المستوى وكبار المسؤولين ورواد الأعمال خلال الفترة من 11-12 يونيو 2023 للتركيز على القطاعات الاقتصادية الواعدة من أبرزها الصناعات التحويلية، والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والزراعة والأمن الغذائي، والتشييد والأنشطة العقارية، والتعدين، والسياحة والترفيه، والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، وريادة الأعمال، والابتكار.
فمبادرة الحزام والطريق وتوجهات الصين الإستراتيجية تتلاقى بشكل كبير جداً مع رؤية المملكة 2030 لتحقيق كل المكاسب ومواجهة كل التحديات التي تواجه الجانبي، حيث ارتفع التبادل التجاري 31 في المائة في 2022 إلى 1.6 تريليون ريال، فيما بلغ الناتج المحلي العربي في 2022 نحو 13.1 تريليون ريال، وتعد السعودية الشريك التجاري الأول للصين بنحو 25 في المائة، وكذلك الصين وصل إجمالي التبادل نحو 400 مليار ريال، حيث تشكل السعودية 30 في المائة من الناتج العربي، فتشهد اليوم مرحلة استثنائية من التكامل، خاصة بعد القمم السعودية الصينية والعربية الصينية والخليجية الصينية التي احتضنتها الرياض في ديسمبر 2022 .