د.عبدالله بن موسى الطاير
الديموقراطية تأتي لأهلها بالعجائب ويتقبلونها. الترحيب بنتائجها سلوك ديموقراطي أصيل. بعض أهلها يجأرون بالشكوى من مخرجاتها، إذ بدلاً من أن تكون وسيلة للحكم الرشيد تحولت إلى غاية، وضاع الحكم. ولأن الناس فيما يؤمنون مذاهب شتى، فإن اختياراتهم تعبر عن حراك عميق وقناعات تتولد، وأفكار تهيمن.
في الطريق إلى أول ثلثاء بعد أول اثنين في نوفمبر 2024 سوف نعيش جنون الحملات الانتخابية الأمريكية، وقبل بلوغ ذلك التاريخ نتوقف في محطة (لا تفيا) حيث انتخب برلمانها وزير الخارجية إدغارز رينكيفيتش رئيساً للبلاد، ليكون بذلك أول رئيس مثلي (رسمياً) في العالم، بعد أن أعلن عن ميوله الجنسي عام 2014. في أمريكا؛ سبق أن ترشح الديمقراطي المثلي بيت بوتيجيج للرئاسة الأمريكية عام 2020م، قبل أن ينسحب من السباق في مارس من ذلك العام، ليشغل في إدارة الرئيس بايدن منصب وزير النقل. وشتان بين رئيس الولايات المتحدة الذي يمثل الجناح التنفيذي للسلطة وبين رئيس دولة (لا تفيا) الذي يختاره البرلمان رئيساً شرفياً للدولة.
السباق الرئاسي في أمريكا محتدم على مستوى الحزبين، والمعارك ضارية داخل كل حزب، وإذا كان الديمقراطيون فيما يبدو سيصطفون خلف الرئيس الحالي جو بايدن (80 عاماً)، فإن قادم الأشهر ربما يحمل بعض المفاجآت خصوصاً في ظل قلق قيادات الحزب على صحة الرئيس، وأضعف الإيمان أن يرشح الحزب نائباً للرئيس يكون قادراً على تحمل المسؤولية فيما لو توحد الحزب خلف الرئيس لم يمنع اثنين من الديموقراطيين حتى الآن من إعلان تحديهما لبايدن، أولهما روبرت كينيدي الذي يحمل اسم عائلة عريقة في السياسة والحزب الديموقراطي؛ هو نجل روبرت ف. كينيدي، المدعي العام السابق الذي أغتيل خلال الانتخابات الرئاسية عام 1968م، وابن شقيق الرئيس السابق جون كينيدي. وثاني المنافسين السيدة ماريانا ويليامسون (70 عاماً) وهي مؤلفة، وزعيمة روحية، انخرطت في السياسة، ودشنت حملة فاشلة في سباق عام 2020م.
الحزب الجمهوري يبدو على العكس من الديموقراطي، فحدة المنافسة تشتد وتيرتها يوماً بعد آخر، ولا زال الرئيس السابق دونالد ترامب الأوفر حظاً، وإن كنت شخصياً أشك في عودته إلى البيت الأبيض، فإن خاب حدسي وفاز بالرئاسة فإن ذلك يعني أن ظاهرة ترامب قد تمكنت من عقول ووجدان الأمريكيين وسوف تصيب بالعدوى المعسكر الليبروا ديموقراطي عموماً.
ينافس ترامب نائبه مايكل بينس، الذي اختلف معه صبحية تصديق الكونجرس على نتائج انتخابات 2020م في 6 يناير 2021م. وبينس محافظ قوي تمكن من إعادة حلقات تلاوة الإنجيل إلى البيت الأبيض أثناء عمله نائباً للرئيس، ويعتمد بشكل مباشر على المجتمع المسيحي الإنجيلي (الحبل السري لإسرائيل).
أما الجمهوري دوج برجوم (66 عاماً)، حاكم ولاية نورث داكوتا فيخطط لإطلاق حملته نحو الرئاسة في هذا الشهر، ومن المرجح أن يسعى إلى تقديم نفسه كمحافظ تقليدي يركز على الاقتصاد والأمن القومي. نيكي هالي (51 عاماً) وتيم سكوت (57 عاماً) فتربطهما علاقة «ودية» وستخضع علاقتهما الشخصية لاختبار صعب إذ يتقاسمان الناخبين نفسهم في الحزب الجمهوري في ولاية ساوث كارولاينا.
لا يكاد الإعلام الأمريكي يرى سوى مرشحين جمهوريين هما الرئيس السابق ترامب، ورون ديسانتس، وتعول الكثير من النخب في الحزب الجمهوري على هزيمة ترامب، ولذلك يعلقون آمالاً على ديسانتس الذي صدّر زوجته كايسي المشهد، تلك المذيعة التلفزيونية وقاهرة السرطان، لتكون واجهته الحسنة أمام اتهامات له بالقسوة وفقدان الكاريزما.
أما الجمهوري لاري إلدر فليست حظوظه كبيرة في ظل اتهامات سابقة له بسحبه المسدس على خطيبته وهم في جلسة كيف على الميروانا. يحظى المرشح الجمهوري اسا هتشينسون بمسيرة طويلة في السياسة حيث تم انتخابه لأول مرة في مجلس النواب الأمريكي لخدمة الدائرة الثالثة في أركنساس في عام 1997م واستمر حتى عام 2001م، حيث تم تعيينه مدير إدارة مكافحة المخدرات ثم وكيل وزارة الأمن الداخلي في إدارة الرئيس بوش الابن. ويدخل لحلبة السباق الجمهوري فيفك راماسوامي (37 عاماً) الذي يقدم نفسه على أنه دخيل على السياسة، وهو رجل أعمال تحول إلى أمل سياسي لأنصاره، لكنه لن يصمد طويلاً. ينافس الجمهوري كريس كريستي بصوت مرتفع وهو حاكم سابق لولاية نيوجيرسي، ويصف نفسه بأنه الجمهوري الوحيد الذي لديه الرغبة والقدرة على الإطاحة بالرئيس السابق دونالد ترامب، وسنرى.
ربما تكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024م هي الأطول في حملاتها الانتخابية، فقد كان العرف أن تتوالى أسماء المرشحين بعد نوفمبر من العام السابق لموعد التصويت، لكن الرئيس ترامب أعلن نفسه قبل الموعد بسنتين تقريباً مما فتح الباب للمنافسة التي ستشهد المزيد من الحماس، والعجائب والغرائب من التصريحات.