عمر إبراهيم الرشيد
الاعتزاز باللغة ينبع من الفخر بالهوية الحضارية واحترامها، وغني عن الشرح مكانة اللغة العربية ليس لدى المخلصين لها من الناطقين بها فحسب، وإنما لدى المنصفين والمثقفين من الأمم الأخرى. (نريد العالم أن يسمعنا بلغتنا لا أن نترجم أنفسنا لهم، واللغة العربية من وجهة نظري هي أجمل اللغات وتستحق أن ننشرها) هذه الكلمات لوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان الذي يجيد الإنجليزية والألمانية إلى جانب لغته الأم، وهذا من جوانب شخصيته الملفتة وحضوره الدبلوماسي المشهود عالمياً.
ومبادرة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والتي دعت إليها المملكة في القمة العربية التي عقدت مؤخراً في جدة سوف يكون لها عائد حضاري واجتماعي وبالتالي سياسي واقتصادي، فالأمم المتحضرة والقوية تنشر لغاتها ليفهمها العالم أكثر ولتنشر ثقافتها وتؤثر أكثر مما تتأثر. وكتبت هنا كثيراً عن لغتنا ولن أبرح الكتابة والتذكير بمكانة اللغة العربية وجمالها وفخامتها، وأذكّر بما قلت مراراً عن قبح لوك اللسان بكلمات أجنبية وخصوصاً بين الأكاديميين أو من هم في الوسط الإعلامي وغيرهم، مما لها من دلالات في الشعور بالنقص والتصنّع والتقليد.
وهنا تحضرني مسألة الإصرار على شرط إجادة اللغة الإنجليزية عند التقدم لوظيفة في القطاع الخاص وكأننا في بلد أجنبي، أقول هذا وأنا أعمل في مجال الترجمة في القطاع الخاص بحكم تخصصي في اللغة الإنجليزية، ولكن ماذنب المتميزين في تخصصاتهم والباحثين عن عمل من خريجي الثانوية والمعاهد وربما كثير منهم من لا يجيد الإنجليزية بطلاقة كما تشترط عليهم شركات ومؤسسات. وأفهم لو طلبت جهات سياحية وفنادق بأن يجيد المتقدم للوظيفة أساسيات التحدث من أجل الزوار والسياح الأجانب، وكذلك تلك الوظائف القيادية في مؤسسات استثمارية وبنوك من إجادة الإنجليزية الاقتصادية والعامة، لكن أن تتطفل شركات ومؤسسات لاشتراطها في وظائف لاتتطلب ذلك الشرط فهو تعجيز نتيجته تعثر السعودة الحقيقية وذهاب الوظائف لمتعاقدين غير سعوديين. فالمأمول من وزارة الموارد البشرية مراعاة هذه القضية ومنع تلك الشركات من تعميم هذا الشرط، وذلك لفتح الفرص أمام شبابنا ومن هم بأمس الحاجة للعمل وتوفير لقمة عيش كريمة في وطنهم العزيز. ويحضرني هنا أيضاً تساؤل عن الشركات اليابانية والكورية بل والألمانية والفرنسية في دولها، فهل شرط إجادة اللغة الإنجليزية ضمن شروط التوظيف في تلك البلدان؟ وأترك لأفهامكم الكريمة معرفة المقصد، إلى اللقاء.