رمضان جريدي العنزي
عيب في اليابان أن يرن هاتف الجوال في الأماكن المغلقة، هذا يعدّونه قلة ذوق، وإزعاجاً للآخرين لذلك في كلّ القطارات والمطاعم توجد علامة: (ممنوع أن يرن الجوال)، الياباني يحترم غيره في المطعم والقطار أكثر من احترام المصلي لغيره في المسجد، بالتأكيد ليس سهواً ولا نسياناً، وإلا لماذا لا يسهو الياباني ولا ينسى؟ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: (يا معشر من آمن بلسانه، ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين)، الياباني يحرص على تطبيق هذا الحديث الشريف لدرجة أن لا ينسى مطلقاً وضع الصامت، بينما الكثير عندنا في المسجد ينسون وضع الصامت أو الإغلاق وربما يتناسون ويتغافلون محدثين بذلك شوشرة على المصلين، وضوضاء وإيذاءً ونكداً وفق نغمات مختلفة ورنين.
إن رنين الجوال معضلة تؤرق الخاشعين المصلين في المساجد، وتربك عبادتهم، ورغم تنبيه أئمة المساجد بوجوب إقفال الجوالات أو تصميتها إلا أن المصلين ما فتئوا يتركون أصوات هواتفهم الجوالة، وربما يتصفح بعضهم هاتفة بحثاً عن من اتصل عليه، أو من أرسل له رسالة واتساب أو رسالة نصية ثم يعيده إلى جيبه، لتذهب سكينة المصلي وطمأنينته، إن للصلاة في المسجد هيبة وعظمة وخشوعاً واحتراماً وتذللاً وقوفاً بين يدي الله الجليل العظيم، في الطائرة يحرص جميع المسافرين على إقفال جوالاتهم وفقاً لأنظمة الملاحة وتوجيه الطيار، تخوفاً من حدوث مشكلة فنية خلال الرنين، إن المسجد أولى من الطائرة بإقفال الجوال أو تصميته على الأقل.
إن صوت الجوال في المسجد مؤذٍ ويصرف المصلين عن الخشوع والطمأنينة، إن انتهاك قدسية المسجد بالرنين المتنوع ربما عن لا مبالاة وعدم اكتراث، يعد أمراً مستهجناً ومستنكراً شرعاً وعرفاً وحالة، في الحديث الشريف: (لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)، فإذا كان الجهر بالقرآن الكريم الذي هو أقدس كلام في الوجود لا يجوز في هذه الحال لئلا يتم التشويش على المصلين، فكيف بمن يشوش على المصلين بمحادثة الهاتفية، قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (سورة النور 36-37-38).
فالحذر الحذر أخي المصلي الكريم أن تترك جوالك مفتوحاً، يزعج المصلين، ويشوش عليهم صلاتهم وخشوعهم ودعاءهم وذكرهم، اللهم فقهنا بالدين، وأخرجنا من الظلمات إلى النور.