محمد سليمان العنقري
قبل أيام اختتم الدوري الألماني مبارياته بجولته الأخيرة المثيرة، حيث حسم الدوري لصالح النادي البافاري متوجاً بلقبه الحادي عشر على التوالي، وبما أن هدف الدقيقة الأخيرة أنقذ موسمهم المتذبذب المستوى فإن صانعي القرار بالنادي قرروا فوراً وبعد دقائق من التتويج إقالة الرئيس التنفيذي للنادي أوليفر كان والمدير الرياضي، وذلك بسبب عدم ثبات مستوى الفريق خلال الموسم. هذا القرار يطرح سؤالاً: هل لو أن نادياً بالدوري الممتاز لدينا حقق لقب الدوري وكان الأداء غير مستقر ستتقدم إدارته بالاستقالة لعدم قدرتها على تقديم أي إضافة أو يتم طلب جمعية لإقالة إدارة النادي أو أي صيغة تبعد الإدارة التي لم تتمكّن من إيجاد الاستقرار الفني للفريق الأول فرغم الاختلاف بطبيعة هيكلة التنظيم للأندية لدينا وآلية عملها عن الدوريات الأوروبية لكن وقبل أن يتم اتخاذ قرار بخصخصة الأندية فمن الضروري أن يشمل التطوير الذي تعيشه الرياضة السعودية إدارات الأندية.
فالإقالة لإدارة بايرن ميونيخ قد يكون ظاهرها الأداء الفني لكن بالواقع لا يجب إغفال الأثر الذي أرادت إدارة النادي تجنب الوقوع تحته وهو الخسارة التجارية والمالية للنادي، فمصادر دخله هي من الرعاية ومبيعات المتجر والنقل التلفزيوني والاشتراكات من جماهيره والإعلانات وكذلك دخل المباريات على أرضه فاهتزاز مستوى النادي الذي يعد من عمالقة أندية العالم وليس أوروبا فقط ويمثّل العمود الفقري للمنتخب الألماني سيؤدي للتأثير على موارده سلباً مستقبلاً إذا لم تتم المعالجة للخلل مبكراً رغم أنه من بين أعلى خمسة أندية بالعالم من حيث الإيرادات لكن لا شيء يدوم فالتاريخ وحده لا يشفع لأن تكون مطلوباً من المعلنين فزيادة جماهيرية النادي تأتي من البطولات فخروجه من دوري أبطال أوروبا بدور ربع النهائي وعدم وصوله للنهائي وإمكانية حصوله على اللقب أفقده أكثر من عشرة ملايين يورو ولكن الأهم هو عوائد عقود الرعاية والإعلانات التي يمكن أن ترتفع لو حصل على اللقب الأغلى في أوروبا فالجانب التجاري يلعب دوراً رئيسياً في تقييم الأندية الأوروبية وبقاء إداراتها من رحيلها، وهو ما نحتاج أن يبدأ تدريجياً تطبيقه في أنديتنا أن يكون انعكاس أدائها على مواردها هو أحد أهم المعايير لاستمرارها فما حدث في الموسم الحالي من تقلبات بمستوى أداء بعض الأندية وإقالات لمدربين وكذلك ما نسمعه عن تعويضات لعقود أندية ومدربين بعد رحلة تقاضي داخلية وخارجية كلفت خزائنهم مبالغ تعد كبيرة يطرح سؤالاً عن مدى كفاءة هياكل بعض إدارات الأندية وكذلك وجود كوادر مؤهلة إدارية وقانونية وغير ذلك تحد من الوقوع بأخطاء مكلفة فالتطوير الإداري بالأندية أساسي للنهوض برياضتنا، حيث يمكن رفع الإيرادات وكذلك حسن الاختيار للأجهزة الفنية واللاعبين ووضع خطط ومستهدفات واضحة قابلة للتحقيق فنياً ومالياً مع ضرورة تطوير الحوكمة داخل الأندية وقد يتطلب ذلك تغييراً في الصلاحيات ما بين وجود مجلس إدارة للنادي هو يتولى فعلياً تسيير أموره حالياً وأن يكون هناك إدارة تنفيذية منفصلة عن المجلس بحوكمة متقدمة هي من تتولى الإدارة والمجلس يراقبها ويدعمها ويحاسبها فلو تم تطبيق نظام الشركات على الأندية فإن من شأن ذلك أن يساهم بتطوير أدائها بكافة المجالات وهو ما سينعكس حتى على زيادة جماهيريتها وارتقاء بالإعلام الرياضي الذي يمر بمرحلة غير مرضية ولا يضيف القيمة المطلوبة للنقد الهادف الذي يطوالأندية، فالطرح الإعلامي غالبيته مجرد تعبير عن ميول وأمنيات.
قدمت رؤية 2030 فرصة ذهبية لقطاع الرياضة بما أولته من اهتمام لأسباب عديدة ترفيهية واجتماعية وصحية وتوفير فرصة لإبراز المواهب وتوظيف طاقات الشباب لكي ننافس خارجياً، وأيضاً وهو عامل مهم بأن يكون للرياضة عموماً وكرة القدم من بين أبرز الألعاب الرياضية دور بدعم النمو الاقتصادي، فمدينة مثل برشلونة يساهم فيها ناديها العريق برشلونة بحوالي 12 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة إضافة للإيرادات التي يساهم النادي بتحقيقها للمدينة التي تقدَّر بحوالي مليار دولار وهو ما يبيِّن إمكانية أن تحقق الأندية موارد جيدة للمدن التي تنتمي لها وتولد فرص عمل إضافة لأدوارها الأخرى.