نجلاء العتيبي
عميق هذا الحديث... يطرح فيه الكل رأيه... نختلف نتفق... ومن محاسن هذه الحوارات مثل هذه الوقفات...
مَن منّا على صواب أو قارَب منه؟! كيف نحافظ على ذواتهم وكينونتهم في ظل ما نرغب به؟! كيف نرى أنفسنا في أبنائنا؟ وما هي آمالنا وأمانينا تجاه مستقبلهم؟
هل مِن الضروري أن يكون مسلكهم في دروب العلم والعمل والرزق مُوافقًا لهوانا؟
نحتاج إلى مساحة كافية مِن التوقف الفاصل بيننا؛ لكي نسمح لهم بأن يكونوا هم، ونحن مصدر مهمّ لمناقشة كل أفكارهم وتطلُّعاتهم بهدوءٍ وأمانٍ.
قد يكون أحيانًا ما نراه غير متوافق معهم بكل نواحيه..
قد يخطئون في اختياراتهم..
كل الاحتمالات مفتوحة ومتوقعة ومتداركة أيضًا..
وقد تكون بعض الإخفاقات هي بداية طريق المستقبل؛ تُصقل شخصياتهم، تُحفّزهم، وتُخْرج إبداعاتهم..
لا أحد يتقدم بدون تجارب فاشلة، وهي مُعلّم ومرشد الجميع..
المهم أن تمسك جادة الصواب..
اعتقادنا السائد نحو هذه النقطة بالذات يتطلب وضوحًا تامًّا لكلا الطرفين، وعدم الزّجّ بعواطفهم في خانة برّ الآباء..
وليس بالضرورة أن يرثوا مع الجينات أحلامنا، ومِهَننا، وكل تصورتنا..
نعم مُتخمون نحن بثقافة التكرار.. والآمر وعليهم التنفيذ!
إن أولادنا بحاجة إلى تفهُّم، ونحن أكثر احتياجًا لفهم هذه العلاقة الدقيقة؛ كي نحقّق الهدف منها، نريدهم أن يروا الرضا على وجوهنا قبل وجه الزمان، أن يكونوا أكثر اطمئنانًا معنا..
إن الأشخاص المستقرّين أُسريًّا يملكون فِكرًا وتخطيطًا مستقبليًّا عاليًا، يواجهون التحديات، ويجدون الحلول باتزان، يتحمّلون مسؤولية اتخاذ القرارات، وهذا ما يُسعد الوالدين وينعكس على راحتهما.
لا أحد يجهل أن مِن أقوى مسببات أمراض الأبوين: غياب لغة الآباء وضياع صوت الأبناء؛ فالقلق على فلذات الفؤاد يهدم الجسم، وهذا هو الواقع المعاش في بعض الأُسَر المُحِبَّة لأبنائها الفاقدة لطريقة تواصل ونقاش مثمر.
تقول دكتورة/ هلا السعيد في جريدة الإرشاد النفسي الإلكترونية - إيسايكو:
«وتحت مظلة الحوار تنمو شخصية الأبناء نموًّا متوازنًا، وتتعمّق ثقتهم بأنفسهم، فآراؤهم تُحتَرم وتُناقَش بجدية؛ ممَّا يُولّد لديهم الدافع إلى التفكير السويّ بعيدًا عن التعليمات والإملاءات، يَصِلون إلى أهدافهم بفِطْنة ومحاكمة عقلية، فتغتني حياتهم بثروة من التجارب والخبرات.
ولتفادي بعض المخاطر؛ يجب الحرص على بقاء قنوات الحوار مفتوحة، وجسور التواصل ممدودة بين الآباء والأبناء، وأُنوّه بالحوار المتجدّد والمتطور الذي يُواكب روح العصر ومعطياته».
إن التربية الحقيقية بحضورنا المكتمل في كلّ مراحل حياتهم، بازدهار أيامهم معنا وفي ظلنا، أن نكون لهم القدوة الحسنة الحانية، المساندة لهم الداعمة بكل السُّبل المُتاحة، أن نعطيهم فرصة التطور واكتشاف مَواطن إبداعهم وتميزهم، أن نحترم عقولهم واختياراتهم ما دامت لا تتعارض مع المبادئ والأخلاق السليمة.
نقطة ضوء:
«كُن لابنك مُعلِّمًا وهو طفل، وصديقًا حين يكبر».
- مَثَل عربيّ