خالد بن حمد المالك
لم يكن الدكتور عبد الرحمن بن عبدالعزيز آل الشيخ وزيراً تقليدياً, ومسؤولاً مهادناً، وشخصية لا يحسن الابتكار والتجديد في العمل، وأحسبه أنه كان وزيراً استثنائياً في وزارة الزراعة، ورجل دولة فيما أؤتمن عليه، ومقداماً في كل ما أنجزه خلال فترة عمله، والشواهد على ذلك كثيرة وموثقة، ونتائج عمله لا يمكن أن يخفيها تقادم السنين.
* *
وحين نتحدث عن الطفرة التي شهدتها الوزارة خلال فترة عمله، فلا يمكن أن يغيب عن الذاكرة التوسّع في المشروعات الزراعية، وخصوصاً زراعة القمح والشعير، وما صاحبها من وجود صوامع للغلال، مع مالاقاه من اعتراضات في الداخل والخارج، في الداخل بحجة الإسراف في ضخ المياه المحدودة في جوف الأرض التي تجمعت على مدى آلاف السنين لصالح هذه الزراعة، وفي الخارج العرض الأمريكي والضغط الأمريكي لإيقاف زراعة القمح، واستيراده من أمريكا بأقل تكلفة مما لو أنه زرع بالمملكة.
* *
كان الوزير عبدالرحمن آل الشيخ يردد على مسامع الجميع بأن القمح سلعة إستراتيجية، ولا يمكن للمملكة أن ترهن قوت شعبها بقرار يصدر من أمريكا، وكان الملك فهد داعماً لهذا التوجه، ومُشجعاً على زراعة القمح، وزاد على هذا الدعم بأن ذهب إلى جامعة الملك فهد ليستمع إلى مديرها في حفل مفتوح وتم نقله مباشرة عبر القنوات الفضائية بأن الجامعة قامت بمجموعة من الدراسات والأبحاث، وتبين لديها ما معناه بأن المخزون من المياه في باطن الأرض لن يتأثر بالضخ منه لزراعة القمح والشعير.
* *
وضمن اهتمام الوزير آل الشيخ بتوفير الخضراوات والفواكه وبقية احتياج ومتطلبات المائدة السعودية شجع على التوسع في البيوت المحمية لمواجهة الحرارة والطقس الصعب، كما شجع على إقامة مشروعات الألبان والأسماك والدجاج، ووجد من القيادة، ومن خلال الصندوق الزراعي ما شجع المواطنين على الاستثمار في هذا المجال مستفيدين من الدعم المادي، ومن شراء الدولة للمحاصيل، ومن تسهيل الإجراءات.
* *
وضمن إنجازاته الترخيص لقيام شركات زراعية عملاقة في أكثر من مجال تخصصي، وطرحها كشركات مساهمة للمواطنين، ما عزز دور الوزارة في توفير احتياجات المواطنين والمقيمين من إنتاج محلي ومن حقول سعودية من التمور والفواكه والخضراوات والألبان والدواجن والأسماك وغيرها، فضلاً عن زراعة الأعلاف.
* *
ولم تكتف الوزارة بذلك، بل إنها بدأت في توزيع الأراضي البور للمواطنين والشركات لإدخالهم في مجال الاستثمار الزراعي، وكانت هذه الأراضي تقدم منحاً للمواطنين والشركات، وتطور العمل في الزراعة في عهد آل الشيخ باستخدام التقنيات الحديثة في الري وتجويد الإنتاج، ومكننة العمل بأفضل الطرق والآلات والتجهيزات على مستوى العالم.
* *
وجاءت فكرة تحلية المياه المالحة، لتكون مصدراً للشرب في المملكة، في ظل شح المياه، وقلة المصادر، مع تنامي عدد السكان من مواطنين ومقيمين، فكان إنشاء المؤسسة العامة لتحلية المياه، ورئاسته لمجلس إدارتها، والبدء في مشروع التحلية، حيث أصبحت المياه العذبة تصل إلى كل مناطق المملكة، ما لا مثيل له في العالم من حيث الحجم، والإنفاق، وهي تجربة أفادت منها دول أخرى، وإن كانت بمستويات متواضعة.
* *
كلام كثير يمكن أن يقال عن فترة عبدالرحمن آل الشيخ المبهرة في وزارة الزراعة، لكن ما لا يمكن إغفاله أن آل الشيخ كان أول وزير متخصصاً بالزراعة، وبأعلى الدرجات العلمية، وهذا ما ساعده على استكمال أعمال من سبقوه من وزراء للزراعة، مستفيداً من دعم القيادة، وارتفاع ميزانية الدولة، وبوصفه وزيراً مختصاً، وشاباً طموحاً، ومن ثقافة اكتسبها من بيئته الأسرية، فله الرحمة والغفران، ولذويه وأسرته الصبر والسلوان.