«الجزيرة» - الاقتصاد:
شهد النظام المصرفي السعودي نمواً سريعاً خلال السنوات القليلة الماضية، مدفوعاً بالدرجة الأولى بالرهون العقارية، مع الأخذ في عين الاعتبار أن زيادة ملكية المنازل إلى 70 % هو أحد أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 . لكن نمو الودائع المصرفية لم يواكب تمويل التوسع الذي تشهده المملكة، مما أدى إلى تجاوز نسبة القروض إلى الودائع 100 % في نهاية عام 2022 مقارنةً بنسبة 86.4 % في نهاية عام 2019 .
وبلغ متوسط نمو ودائع القطاع الخاص حوالي 5 % خلال السنوات الخمس الماضية، مقارنةً بمتوسط نمو ودائع الحكومة والهيئات التابعة لها والذي بلغ 14 %.
وتشير وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني إلى أن الحكومة السعودية لا تزال تحتفظ بسيولة كبيرة في البنك المركزي السعودي تبلغ 637.5 مليار ريال سعودي في نهاية عام 2022. وتتيح هذه القوة المالية تخفيف القيود عن السيولة نظرياً من خلال وضع المزيد من الودائع في النظام المصرفي.
وتدخل البنك المركزي السعودي لتخفيف ضغوط السيولة في عام 2022 من خلال ضخ مبلغ 50 مليار ريال سعودي، مع التوقعات بمواصلة تدخلاته لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي كلما اقتضى الأمر. وعززت الحكومة السعودية البنية التحتية للقطاع المصرفي للتخلص من محافظ الرهون العقارية وتحسين بنية ميزانياتها العمومية. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال تحتفظ البنوك بنسبة كبيرة من الرهون العقارية التي يم جزء رئيسي منها بكونه منخفض المخاطر.
كما يمكن لأي عملية تصفية للرهون العقارية ذات الأسعار الثابتة أن تؤدي إلى بعض الخسائر الناجمة عن إعادة التقييم، ولا سيما مع ارتفاع أسعار الفائدة.
وترى وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أن الحكومة السعودية تلعب دوراً داعماً للنظام المصرفي في المملكة، كما تتوقع أن تقدم دعماً كبيراً للبنوك المؤثرة على النظام المالي عند الحاجة.
وتتوقع الوكالة تباطؤ نمو حجم الإقراض وتحول القروض إلى الشركات مع منح عقود المشاريع الخاصة برؤية المملكة 2030، في ظل القيود المتعلقة بالسيولة والتشبع التدريجي للأسواق من الرهون العقارية. وبالفعل، تباطأ نمو ودائع القطاع الحكومي في الربع الأول من عام 2023 إلى 10 % مقارنة بنسبة 14 % في عام 2022.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال الدكتور محمد دمق، مدير أول ورئيس قسم التمويل الإسلامي في وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيف الائتماني: «نتوقع أن يواصل النظام المصرفي السعودي دوره الفعال في تمويل مشاريع رؤية المملكة 2030، مع نسبة نمو عالية لمستويات الإقراض في السنوات القليلة المقبلة. ويمكن للمصارف السعودية تحقيق هذا الهدف من خلال تعبئة موارد إضافية على شكل ودائع أو إصدارات محلية ودولية، وإن كان ذلك في سياق أسعار فائدة أعلى ولفترة أطول، أو من خلال التخلي عن بعض قروض الرهن العقاري لإفساح المجال أمام الشركات لتقديم القروض، مع المخاطرة بتسجيل بعض الخسائر الناجمة عن إعادة التقييم. ولا يستطيع النظام المصرفي السعودي وحده توفير التمويل لمشاريع رؤية المملكة 2030، إذ يتطلب الأمر تطوير سوق رأس المال المحلية إلى جانب الاستفادة من أسواق رأس المال العالمية».
ومن منظور المخاطر، ليس من الواضح ما إذا كان تقديم القروض لمشاريع رؤية المملكة 2030 سيزيد من تركيز إقراض المصارف السعودية.
وتدرك وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيف الائتماني ضرورة تجزئة بعض المشاريع لتسهيل تمويلها. ويشكل تركيز الإقراض مصدراً للمخاطر بالنسبة للمصارف السعودية وغيرها من مصارف دول مجلس التعاون الخليجي.