رمضان جريدي العنزي
الحياة تجارب ووقائع وتراكم خبرات، بعضها يخطر على البال، وبعضها لا يخطر على البال مطلقاً، بعضها مر وموجع، وبعضها علقم لا يطاق، وأقساها الحذلان والنكران والجحود، كان أحدهم مرتبطا بصديق بالكاد يستر حاله، وكان يقف معه ويساعده بالقدر الذي يستطيعه، ولم يتخل عنه في أحلك الظروف، ثم أقبلت على هذا الصديق الدنيا فأصبح ذا مال وشأن، وقد أصابته فاقة وحاجة فقصد صديقة الذي أقبلت عليه الدنيا بكامل زينتها وزخرفها، يرجو منه العون والمساعدة نظير ما آلت إليه حاله، لكنه خيب ظنه وآمله، ورجع إلى أهله بخفي حنين، منكسر الروح والخاطر، وفي نفسه مرارة وحزن وألم، لقد تنكر له صديقه وخذله، أن هناك من يدعي الصداقة والمحبة والأخوة والفداء، ويكثر من الأقوال والتنظيرات، لكنه لا يقرنها بالأفعال حين وقوع النكبات والمصائب، إنها صداقة مزيفة ليست مبنية على الصدق، إنها مجرد لعب على العواطف بطريقة قبيحة، إن الصداقة الجيدة تمثل توازناً في الدعم المتبادل، فالأصدقاء الحقيقيون ينجحون في تقديم الدعم لبعضهم بعضا، بل هم رصيد مكمل لبعضهم بعضا، إن الصداقة الحقيقية لها منزلة كبيرة بين الناس، كونها صدقا في المحبة، إن الإنسان بالتأكيد يحتاج إلى صديق في كل حال، في سوء الحال يعاونه، وفي حسن الحال يؤانسه، إن صحبة العاقل الفطن، أفضل من صحبة الأحمق الجاحد، لأن العاقل الفطن، ينفعك ولا يضرك، لكن الأحمق الجاحد يضرك ولا ينفعك، ويتخلى عنك لأتفه الأسباب، لذا ولكي يرتقي الإنسان لا يجب مصاحبة مثل هؤلاء لأنهم مثل السراب، يقرب البعيد، ويبعد عنك القريب، إن الصداقة مثل المعادن، فالذهب يختلف عن النحاس، والفضة عن الألماس، شكلاً ولوناً ولمعاناً وبريقاً وصلابة وكثافة وقيمة، إن الصداقة الكاذبة بشعة، لها رائحة منتنة تزكم الأنوف، مؤلمة تجرح القلب، وتكسر الخاطر، إن الصديق الذي يتخلى عنك وقت الضيق والحاجة، لا تضع له أي مكانة في حياتك ولا حتى حيز صغير، بل ألفظه لفظاً تاماً ولا تعطية استدارة وجهك الكاملة.